مشهد جديد .. عبدالسميع العمراني يكتب : إعادة الأمن الي جهاز المخابرات ضرورة مرحلة و عافية وطن
معظم دول العالم ان لم يكن جميعها تعتمد بشكل كلي على اجهزتها الأمنية والاستخبارية في حفظ الأمن الداخلي من خلال رصد العملاء و المخربين لاعتقالهم والتحفظ عليهم ومن ثم تقديمهم الي الاجهزة العدلية ، و لاجل حفظ كيان الدولة من التفكك والانهيار ، وحتي يكون الأمر عظة وعبرة لكل من تحدثه نفسه للعبث بالأمن القومي ، كما أن تلك الدول تعتمد على اجهزتها الإستخبارية في توفير المعلومات وتحليلها ومن ثم إعطاء الرأي الفني للقيادة فيما يختص بالعديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، وبلا شك أن اجهزة الأمن والمخابرات تقوم بادوار وقائية هامة لحفظ الأمن من خلال التحفظ على العناصر التي تدعو الي الفتنة او تسعى الي تهديد الأمن القومي للبلاد ، ولعل عمليات الاعتقال والتحفظ هي من أبرز مهام اجهزة الأمن بل هي من صميم عملها ، لان جهاز للأمن او المخابرات دون صلاحيات اعتقال يبقي عبارة عن وكالة للمعلومات اشبه بوكالات الأنباء ، فأن انتزعت عنه هذه المهام كما حدث مع جهاز الأمن والمخابرات الوطني منذ العام ٢٠١٩ وحتي حين قيام الحرب في ابريل ٢٠٢٣ م ، فطوال هذه الفترة قد تم تدجين جهاز الامن والمخابرات الوطني السوداني وتقليم أسنانه واظافره عبر الوثيقة الدستورية وتحويله من جهاز الأمن والمخابرات الي جهاز للمخابرات العامة فقط ، فأصبح الجهاز منذ أكثر من أربعة أعوام عبارة عن وكالة لجمع المعلومات دون أن يكون هنالك دور له في حفظ الأمن الداخلي ، وطوال فترة حكومات الوثيقة الدستورية خرجت العديد من الثعابين وعقارب الخونة والعملاء الذين صالوا وجالوا بكل حرية للاضرار بالأمن القومي للبلاد ، هذا بجانب عبث السفراء الذين لم يحترموا السلك الدبلوماسي الذي ينتمون اليه، ولم يحترموا كذلك سيادة السودان ، وربما ماحدث في السودان من تدخلات سافرة لعدد اربعة سفراء ينتمون لدول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات وخامسهم فولكر منذ العام ٢٠١٩ م ، فتلك التدخلات ربما لم تحدث بهذا الشكل في اي دولة من دول العالم المنضوية تحت عضوية الامم المتحدة ، بل حتى الدول الصغيرة المستضعفة ، لا نعتقد انه قد حدثت فيها مثل تلك التدخلات والمخالفات المحزنة والمستفزة ، وقد كان الشعب السوداني يشعر بعميق الحزن وهو يشاهد السفراء وهم ينتقلون مابين أحياء الخرطوم وكذلك يذهبون الي الولايات جيئة وذهابا، ويصرحَون لوسائل الاعلام بكل بجاحة وافتراء بل يوجهون قيادة الدول مشيرين عليها ان تفعل كذا وتترك هذا ، حدث كل ذلك بسبب غياب او تغييب جهاز الأمن والمخابرات عن الساحة ، وحسنا فعل السيد رئيس مجلس السيادة ان أصدر القرار رقم (٣) للعام ٢٠٢٤باعادة بعض الصلاحيات لجهاز المخابرات العامة واعادة تفعيل المواد (٢٥، ٢٩، ٣٣، ٣٧) ولكن يبقي القرار السيادي منقوصا في حال لم تتم إعادة صلاحيات جهاز الأمن الداخلي الي المخابرات العامة ، فعلي قيادة الدولة وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية ان تعيد للجهاز كامل صلاحياته بموجب قانون ٢٠١٠ م مع إعادة المسمى القديم وهو جهاز الأمن والمخابرات الوطني ، إذ انه الجهاز قد كان يضم في داخله هيئة الأمن القومي وهي قد كانت الهيئة المعنية بحفظ الأمن الداخلي ومعنية بقضايا الأمن الداخلي ويمكن أن تتبع لها قوات العمليات ومكافحة الإرهاب ، ولعل الحوجة في الوقت الحالي لجهاز للأمن الداخلي داخل منظومة الأمن والمخابرات أكثر من أي وقت مضى ، و نعتقد ان الفريق أول أمن احمد ابراهيم المفضل بخبراته و إمكانياته العالية جدير بأن تمنح له كافة الصلاحيات للحفاظ على الأمن القومي للبلاد ، فهو الرجل الذي عرف بالهدوء والحزم، بل انه هو ذاك الرجل النقي والنظيف والوطني الغيور ، وقد جمع المفضل مابين خبرات الأمن الداخلي الذي عمل فيه لأكثر من عشرة أعوام وخبرات المخابرات العامة والتي عمل فيها لأكثر من عشرون عاما، اذن فانه من الضروري توسعة صلاحيات هذه المؤسسة الأمنية التي يديرها رجل بهذه الإمكانات، رجل صمد وقاتل وقاوم بكل جسارة وعزة وشموخ السوداني الأصيل، ولم تثنيه او ترهبه او تضعفه اي انتماءات قبلية او عرقية ، فقد ساند المفضل القوات المسلحة ووقف معها في وقت الشدة وخاض معها جنبا الي جنب برجاله من. ضباط وضباط صف وجنود ، فوجدته القيادة حاضرا برجاله سلاحه حين احتاجته القوات المسلحة ، بذل جهاز المخابرات العامة الدم رخيصا من اجل الوطن فكان ان قدم جهاز المخابرات مجموعة كبيرة من الشهداء والجرحي ومازال يقدم صباح كل يوم وليلة ، ونعتقد انه من الضروري إعادة الشق الأمني لجهاز المخابرات ليعود جهاز الأمن والمخابرات الوطني بكامل الصلاحيات ليؤدي دوره المنوط به والمطلوب حاليا بشدة في حفظ الأمن واسناد الدولة بالمعلومات المطلوبة.