عمار العركي يكتب: (البعد السياسي) للصفقة الإماراتية هل يحقق توقُعنا قبل عام بأن :(السيسي سيواجه مصير البشير… إلا إذا ؟)
*عمار العركي يكتب:*
*(البعد السياسي) للصفقة الإماراتية هل يحقق توقُعنا قبل عام بأن :*
*(السيسي سيواجه مصير البشير… إلا إذا ؟)*
* نشرنا في يناير 2023م مقالاً تناولنا فيه العلاقات الإماراتية المصرية من زاوية النفوذ الإماراتي في المنطقة بشكل عام ، وفي السودان بشكل خاص على حساب نفوذ (مصر) تحت عنوان (السيسي سيواجه ذات مصير البشير، الا اذا) وذلك بعد إعادة قراءة لإستراتيجية الإمارات وسياساتها في التموضع الاقليمي مستغلة في ذلك الوقت (كيان التحالف العربي) كوسيلة لأداء مهام وتكاليف وكالتها كحليف إقليمي، وتحقيق مصالحها وأهدافها التوسعية على حساب استقرار الدول والحكومات بالمنطقة.
* ولتقريب الفهم ووجهة النظر سنُعيد نشر المقال ، وإعادة قراءته مع واقع التطورات ومستجدات الأحداث خلال الفترة التي تلت النشر وصولاً للصفقة الاماراتية المصرية المثيرة للجدل مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي بقيمة إستثمارية بلغت 35مليار دولار ، ثم نختم بمقال لاحق لتحليل ( البُعد السياسي) لهذه الصفقة التي تذهب في اتجاه يشير ان (السيسي) يمضي في ذات الطريق الذي سلكه (البشير) وعجل برحيله.
_____________________
*السيسي سيواجه مصير البشير.. إلا إذ ؟*
1. نبدأ من الفكرة الأساسية التى من اجلها أُُنشئ كيان (التحالف العربي ) في العام 2015م بغرض تحقيق مصلحة خليجية بالتدخل العسكرى في (اليمن) تحت لواء (عاصفة الحزم)، وبغطاء ائتلاف عربي إقليمي ، وذلك في إطار خطة إستراتيجية تُعنى بمعالجة الآثار السالبة ومضاعفات حُمى الربيع العربى.
2. في 25 مارس 2015، هبت العاصفة بتنفيذ اول ضربة جوية على الحوثيين الذين تحالف معهم الرئيس اليمني المخلوع (على عبد الله صالح) بعد ثورة الشباب اليمني فى 2011م.
3. تقول “السعودمارات” بأن العاصفة جاءت استجابة لطلب من الرئيس اليمني (عبد ربه منصور هادي) بسبب هجوم الحوثيين على العاصمة المؤقتة عدن، علماً بأن “السعودمارات” لديهما مصالح خاصة في اليمن والتي بسببها دخلت السعودية في حرب مع اليمن فى العام 1972، بعد إعلان استقلال جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني، ، عندها استولت السعودية على إقليمي “الوديعة وشرورة” اليمنيين، بينما الإمارات عينها وطموحها على “موانيء اليمن”.
4. بالتالي، ارتكبت عدد من الدول (غير الخليجية) أخطاء تاريخية في المشاركة في حرب ضد دولة عربية تحقيقاً لمصلحة خليجية ، وبعد اربعة سنوات من الحرب الفاشلة، تداركت تلك الدول الخطأ ، وخرجت من عباءة التحالف الذي انحرف عن أهدافه المعلنة لإعادة الحكومة الشرعية والتصدي للانقلاب الحوثي، إلى أجندات أخرى خاصة تتعلق بمطامع (سعود ماراتية) في اليمن، فإنسحبت كل من قطر ، ماليزيا باكستان ،المغرب ، وحياد الأردن ومصر للدرجة التي تجعلهما أقرب إلى رفض عمل التحالف من المشاركة فيه ، بينما قام السودان بتقليل عدد قواته على إثر أزمة مكتومة مع المملكة.
5. إستشعرت “السعودمارات” مؤشرات الانهيار والفشل لمشروع التحالف و إستحالة المُضي قدماً دون ( مصر و السودان) بإعتبار أن مصر دولة محورية و إستراتيجية مؤثرة في المنطقة توفر الغطاء والدعم السياسي المناطقى والسودان الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها جيش متمرس وحاهز والذي إعترك المعارك و في حالة حروبات داخلية متواصلة اكسبته النجاعة والخبرة الكافية.
6. من هنا بدات (الاستمالة والإغراء) بالاستثمار في الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلدين وحوجة ا(لسيسي) الصاعد لحكم مصر لدعم اقتصاد بلاده بالتنازل عن هامش مساحة من كرسى التموضع المصري الاقليمي لصالح القيادة الخليجية الصاعدة.
7. (البشير) بدوره وبعد انفصال الجنوب وفقدان النفط كاهم مورد قاوم به العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ منتصف التسعينات – خاصةً اختراق لدائرته القريبة وكابينة قيادته.، التي أقنعته أن حل الضائقة في التحالف والمشاركة ، (فوافق على وضع الحبل على عنقه) ومضى برجليه الى (مقصلة التحالف).
8. الان ، دارت الدائرة ، واثبتت الاحداث والسياسية بان (وحدة المصير المشترك) ليس للاستهلاك السياسي، وبعد الاختلاف حول المصالح وبلوغها مرحلة لامست إعلان الطلاق والانفصال بين (السعودية الاماراتية) ، التي يسبقها حالياً ضربات تحت الحزام وتسابق نحو الاقطاب الدولية المهيمنة وعقد عدد من القمم و الإستقطابية لكل طرف والتنافس في الحصول على الجُعل الاكبر من تركة وميراث التحالف واستقطاب واستمالة ما تبقى قبل الاعلان الرسمي لوفاته.
9. في خضم هذه الوضعية ، الآن الخليج يشيح بوجه عن (السيسي) بعد ان انقضت المصلحة الثنائية المشتركة ل (السعومارات) وطغى عليه المصلحة الشخصية المنفردة ل ( السعودية / الامارات) ، فالإمارات على وشك فصل جهاز الانعاش والحياةة الاقتصادي ، والسعودية تنظر بريبة لموقف (السيسي) حيال الامارات ومدى مقاومته لها ، قبل ان تشرع في فصل جهاز الانعاش والحياة السياسية عنه، وليس (امام السيسي) إلا المفاضلة بين الإبقاء على جهاز الانعاش السياسي و وكرسي تموضع بلاده وسمعتها وسيرتها الإقليمية المفقودة ، والتي هي بيد السعودية بنسبة كبيرة ، او تقديم تنازل- للمرة الثانية- مرة اخرى مقابل انقاذ (حياته الاقتصادية) وبالتالي مصيره ومسيره في السُلطة ، وفي كلتا الحالتين يظل “مصير السيسي” مشترك ومشابه ل”مصير البشير”.
10. سارع السيسي بالإنحياز الكامل ضد قطر بالرغم من التبرير المصري بوجود تهديد قطري مسبق قبل نشؤ التحالف – ودارت مصر في فلك “المقاطعة ثم الحصار ثم المصالحة” بحسب دوران السعودية والإمارات، إيفاءاً بتنازلاتها السياسية وتموضعها الاقليمي مقابل الدعم والانعاش الإقتصادي ، مقارنةً (بالبشير) الذي إلتزم الحياد تجاه قطر بالرغم من كل الضغوط الاقتصادية المتدرجة التي مورست عليها- خاصة بعد الخلاف السعودي الاماراتي في اليمن الذي افضى الى خروج الإمارات من جنوب اليمن وعزوفها عن الصرف على الحرب – حتى وصلت مرحلة ايقاف الدعم تزامناٌ مع بداية انفجار الأوضاع الداخلية في السودان.
11. الإمارات إستغلت هذا الوضع وإستثمرته لمصلحتهاو فى ظل – صمت إجبارى للمصلحة المصرىة – وتخلصت من عبء (البشير) وإسقاطه بعد إضعافه اقتصادياً وشيطنته سياسياً، وصعود أصدقائها بما فيهم “دائرة البشير القريبة” الموالية لها مُسبقاً .
12. الآن السيسى مواجه بذات مصير البشير في ظل تزايد الضغط الخليجى عليه نتاج تنامي الخلافات السعودية الإماراتية وبروزها للسطح بعد ان كانت مكتومة ، ومساعي كل طرف لبناء تحالفات شخصية جديدة – بمغازلة قطر “العائدة” أو تحييدها ، وكسب ولاء “مصر” الحائرة – مطالب بتحديد موقفه من قطبي الخلاف حول القيادة والزعامة الخليجية العربية ، اما السعودية بثقلها السياسي ، واما الإمارات بثقلها الاقتصادي ؟ حيث لا ينفع الحياد الذي أضر بالبشير.
13. بدأت فى مصر “التململات” الداخلىة الشبيهة بالتململات السودانىة بدايات الإحتجاجات التي ادت الى الثورة والتغيير بدعم اماراتي كبير بتوسيع نطاق دائرة الضائقة إقتصادية (انخفاض قيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار، ارتفاع الأسعار ، ازمة الكتلة النقدية، ارتفاع معدلات التضخم ….الخ) مع فشل كل الحلول الإسعافية لإقتصاد يعتمد على الدعومات والمساعدات والقروض بنسبة كبيرة حتى بلغت الديون قرابة 160 مليار دولار ، فى ظل تطبيق شروط البنك الدولي القاسية التي ستزيد “الطين بلة”.
14. واصل السيسي تقديم التنازلات مقابل الإقتصاد ، تنازلات أضرت بمصالح مصر السياسية في المنطقة العربية والإفريقية ، حتى وصل الضرر العمق الإستراتيجي المصرى وهو “السودان” ، الذي جعل السيسى “يتململ” ويتحرك أخيراٌ تحت شعار ” السودان خط أحمر ” ولا تنازل عن مصالح مصر في السودان..
خلاصة القول ومنتهاه: –
السيسي- إن لم يستطيع تحييد وكسب رضا الخليج لتدخله فى السودان – فعليه مخالفة البشير في ردة الفعل والتعامل مع الوضع من خلال:-
* الوضوح والصراحة مع الشعب والمكونات السياسية واعلان التعبئة الوطنية والسياسية وترك المعارضة والخلافات السياسية جانباً ، والإنتباه للطموح والمغامرات والإبتزازات “الخليجية”
* الإسراع مع الإتقان وسد الثغرات في المساعدة والإسهام بما يضمن المسارعة بتحقيق إستقرار في السودان ، وذلك بالنظر للأوضاع في السودان بمنطور واقعي وعملي ، وليس نظري استهلاكي (امن واستقرار السودان السياسي والإقتصادي ضمان وركيزة استراتيجية للإستقرار السياسي والإقتصادي لمصر).
* نفض الغبار عن كرسي التموضع المصري الاقليمي الذي تنازلت عنه طواعية ، والاستعادة “الحقيقية” لموقعها “المسلوب” .
* تكثيف العمل الدبلوماسي والتواصل باستثمار النفوذ المصري الإقليمي و العلاقات المصرية بالقوى الدولية المؤثرة و المهيمنة وحشد التأييد والدعم للموقف المصرى.
* لابد للسيسي من تحديد موقف واضح من أقطاب الخليج المتنافسين حول كسب “مصر” ، وذلك وفق نظرية تحقيق المصالح “السياسية والإقتصادية الإستراتيجية الدائمة وليس التكتيكية المؤقتة ” ، لأن التوقيت والأزمة لا يجدي معها نهج الحياد ، او سياسية “اللعب على الحبلين” ، التي استخدمها “البشير” في وضعية وتحولات مشابهة فاضرت به وعجلت بسقوطه ، ولكن لازال للسيسي الفرصة لتدارك الأوضاع..