حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب: أمريكا.. سوء الفهم مشكلة..
مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشئون الأفريقية السيدة “مولي في” التقت أمس الاول – الثلاثاء- بعض أعضاء تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية “تقدم” في أديس أبابا ثم صدر بيان رسمي يقول (يعتمد مستقبل السودان بعد الصراع على جبهة مدنية واسعة وشاملة ومؤيدة للديمقراطية لتحديد أولويات المرحلة الانتقالية والتحدث بصوت موحد وقوي حول القضايا التي تهم السودانيين. ونحن نشيد بجهود “تقدم” لمواصلة التنويع ليشمل مجموعة واسعة من الأصوات ووجهات النظر والشعوب والخلفيات.)..
هذا التصريح الرسمي من الخارجية الامريكية فيه خطأ جسيم يكشف أن الجهود التي تبذلها الولايت المتحدة الأمريكية في المسارين العسكري لانهاء الحرب، والسياسي لاستعادة الحكم المدني تعاني من خلل في فهم المشكلة وتوصيف الحل.
مجموعة “تقدم” هي “تحالف تحالفات” يمثل القوى السياسية والمجتمعية المنضوية تحته ويمكن لمزيد من المكونات الأخرى أن تنضم إليه، لكن بفهم أنها كفة في ميزان يحتمل مجموعات أخرى بسمات وخصائص مختلفة..
بمعنى؛ ليس مطلوبا من “تقدم” أن تشترط أو تصر على أن يركب الجميع سفينتها، بل أن تضع الفكرة والتصور والطرح الذي تراه لوقف الحرب والبناء السياسي للدولة، وتظل تلك فكرتها و تحت علامتها السياسية، كأي منتج مطروح في السوق السياسي لينافس أو يلتئم مع غيره.
في المقابل المجموعات السياسية الأخرى لها حق الاختيار أن تعمل منفردة بأسمائها المباشرة، أو داخل تكتلات أو حتى “تكتل تكتلات” ويبقى المحك ليس في تعدد المنابر بل في اتحاد أهدافها مع تمايز وسائلها و طرحها.
كان الأجدر أن تطلب السيدة مولي في” من “تقدم” أن تجتهد مع الآخرين في بناء المنصة المدنية الموحدة لوقف الحرب وتأسيس دولة ما بعد الحرب، دون الاعتداد بكون أن الآخرين هم تحت راية “تقدم” أو خارجها، فما أنكب السودان إلا الاصرار على البطاقة و تحديد العضوية، وهو عين المصيبة التي أفشلت الاتفاق الاطاري.
الاتفاق الاطاري لم يكن مشكلة في نصوصه أو أهدافه بل في اصرار من وقعوا عليه اغلاق أبوابه عليهم، لاداركهم أن السلطة ستتشكل من القوى الموقعة.. وحتى هذه قسموها “فرز أول” و “فرز ثاني” وثالث..
حرب 15 أبريل غيرت واقع السودان كله خاصة الملعب السياسي.. ولا يمكن بناء مستقبل مستقر للسودان دون فهم أخطاء الماضي والحاضر واستدراكها في تصميم الدولة المرتقبة بعد اطفاء نار الحرب.
الوقت يتسلل سريعا ويشكل في كل ساعة وضعا جديدا لا يمكن اعادة عقارب ساعته إلى الوراء.. والمطلوب الآن اعلاء الصوت المناهض لاستمرار الحرب، لكن بطرح بديل يستوعب أخطاء الماضي بدلا من أن يعمقها وينقلها الى المستقبل.