حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب : العودة إلى منبر جدة ..
تسريبات اعلامية أن المملكة العربية السعودية تستعد لمواصلة جهدا مع الولايات المتحدة الأمريكية لاستعادة منبر جدة للتفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي تمردت عليه وتخوض حربا ضروس منذ 15 ابريل 2023.
عودة منبر جدة تفتح الامل مرة أخرى وأخيرة في الوصول الى نهاية سريعة للحرب في السودان عبر التفاوض وهو الطريق الأسرع والأنجع والأقرب، لكن بالضرورة لايمكن التعويل على أية مفاوضات بين الجيش والدعم في واقع افتراضي ليس فيه البعد السياسي..
صحيح الهدف الأهم حاليا هو الوصول الى اتفاق وقف اطلاق النار يسمح بفك الرهائن. المواطنون، الذين ظلوا لأكثر من عشرة أشهر يدفعون فاتورة الحرب من دمائهم وأموالهم وممتلكاتهم وبعيدا عن بيوتهم وأحبائهم في مواقع النزوح واللجوء، إذ ثبت خلال جولات المفاوضات السابقة والوساطات أن مسألة التعهد بتوصيل المساعدات الانسانية عبر فتح ممرات محمية من الجانبين أمر غير عملي ولا تتوفر له أدنى مقومات النجاح، و الدليل على ذلك ما حدث لمخازن برنامج الغذاء العالمي في مدينة مدني بعد دخول قوات الدعم السريع و سيطرتها على المدينة، إذ نهب و سرق مخزون كان يكفي مليون ونصف مواطن لمدة شهر كامل.
واضح من خلف ثقوب المشهد أن البحث عن موقع في السلطة بعد الحرب هو العائق الأول في الوصول لاتفاق وقف اطلاق النار، فالدعم السريع يدرك أنه فقد فرصة استمراره قوة عسكرية مستقلة كما كان عليه الوضع في السابق وأن حتمية اكمال الدمج كليا ودفعة واحدة لم تعد قناعة داخلية فحسب بل حتى على المستوى الدولي، فحرب 15 أبريل لم تترك مساحة زمنية آمنة يمكن المراهنة عليها لاكمال هذه العملية.
ولم يعد ممكنا الا التفاوض هل العملية السياسية المتوقعة لاستعادة الحكم المدني، وهذه بكل أسف محاطة بكثير من الحجارة والصخور التي زرعتها القوى السياسية في سياق نهمها للكراسي والسلطة.
مهما نمقت القوى السياسية خطابها و ذوقته بديكور الوطنية الا أنها تراهن على حظها من السلطة أكثر من مصالح الوطن والمواطن، وهنا تكمن العلة الحقيقية التي تسببت في اطالة عمر الحرب رغم كلفتها الباهظة.
من الحكمة البدء في العملية السياسية تزامنا مع أية مفاوضات بين الطرفين المتحاربين.