حديث المدينة .. عثمان ميرغني يكتب .. حكم بالإعدام
هل قررت وزارة التربية والتعليم الحكم بإعدام السودان؟
امتحان الشهادة الثانوية السودانية ظل على مدى عقود وأجيال واحد من معالم الدولة السودانية الذي يدل على حيويتها بل حياتها، فهو مثل الشهيق والزفير في انتظامه لتغذية خلايا الجسد بأكسجين الحياة. واكتسبت الشهادة السودانية سمعة راقية ليست على مستوى افريقيا والعالم العربي بل العالم أجمع.
في الماضي كانت نتائج الشهادة السودانية تذاع عبر الإذاعة القومية وتنصت البلاد كلها لسماع أسماء المتفوقين من الطلاب والمدارس أيضا.. و تحتل عناوين الصحف والصفحات الرئيسية لعدة أيام أخبار و حوارات مع أوائل الشهادة وأسرهم فيتحولون –باستحقاق كامل- إلى نجوم مجتمع تتبارى الشركات الكبرى في تكريمهم بالهدايا والرحلات الخارجية السياحية و أداء العمرة.
الأن تبقى من موعد امتحان الشهادة السودانية أقل من شهرين ولا أحد لديه أدنى علم هل تعقد أم تؤجل أم تجمد؟ هل يستمر الطلاب في التحصيل والمذاكرة والجد والاجتهاد أم عليهم أن ينتظروا لأمد غير معلوم لانجاز هذا الاستحقاق الأكاديمي الحتمي.
العامل الأكبر في نجاح الطلاب في امتحان الشهادة هو الحالة النفسية للطالب طوال عمر الماراثون الذي يستمر من بداية العام إلى آخر ورقة امتحان، واهم ما يدعم العامل النفسي هو اليقين من ميقات الشهادة وحتمية انعقادها في موعدها لان همة الطالب في المذاكرة و الاستعداد لها رسم بياني مرتبط بميقات الامتحان، لكن إذا ظل حتى الأسابيع الأخيرة (بين اليقظة والأحلام) غير قادر على ضبط نفسه مع ايقاع زمني للامتحان فهنا يبدأ الفشل مبكرا حتى قبل الوصول إلى قاعة الامتحان، و في ذلك ظلم كبير لبناتنا و أولادنا الممتحنين كونهم لا يجدون الميزان العادل الذي يختبر استحقاقهم الأكاديمي بالعدل.
من المحير أن يكون هناك وزير ووزارة وادارات ومسؤولون في مختلف الدرجات ومع ذلك تظل الأسئلة حيرى بلا اجابة، متى أمتحان الشهادة السودانية؟ وكيف؟
للأسف كثير من أولياء الأموار عندما تأخرت عنهم الاجابة استخسروا أن تضيع سنة ثانية من أعمار بناتهم وأبنائهم، فولوا شطر الشهادات الأخرى، واصبحت المفارقة بدلا من أن يتكبد طلاب البلاد العربية الأخرى مشاق السفر والاقامة في السودان لأداء امتحان الشهادة السودانية كما يحدث كل عام، إلتماسا لشرفها الأكاديمي و صيتها الدولي،فإذا بطلابنا الآن يهجرون الشهادة السودانية ويبحثون بشق الأنفس عن شهادة أخرى بأي ثمن وفي أي مكان.
إذا تأجل امتحان الشهادة السودانية هذا العام وتجمدت دفعة ثانية فإن ذلك يعني صدور حكم بإعدام الشهادة السودانية، سيهرب منها الجميع ولن تجد من ينتظرها إلا من أعيته الحيل للحصول على بديل.
وتضاف لكارثة جامعة الخرطوم التي –و لأول مرة في تاريخها- يقدم طلابها استقالتهم للبحث عن جامعات أخرى في الداخل والخارج لتأمين عام دراسي مستقر بعد أن تراكمت أكثر من أربع دفعات في جامعة الخرطوم دون تخرج.
انقذوا الشهادة السودانية من حبل المشنقة..