عمار العركي يكتب : هل ينجح “التبون” فيما فشل فيه آخرون ؟
* بعد 72 ساعة من بداية الحرب كان الرئيس الجزائري “عبد المجيد التبون” اول من تقدم بمبادرة حين بعث بوصفه رئيس لدورة الجامعة العربية وعضدها كرئيس للجزائربمبادرته إلى الجهات الأربعة التي عناها كشركاء “(الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، هيئة إيقاد).
* أهملت ، لأن الجميع كان يسعي نحو هدفا ظنا انه مُلاقيه ، رغم كونها مبادرة جيدة تشي عن المام ومتابعة وفهم التعقيدات والخلفيات سيما وان الجزائر ظلت أكثر إهتماماً بالشأن السوداني منذ التغيير الذي حدث، وتكررت البيانات الجزائرية الرسمية وبيان موقفها في كل مراحل الأزمة السياسية خاصةً التدخلات الخارجية التي زادت من تأزيم الأزمة السياسية.
الجزائر ، غنية عن الحديث والتعريف بنموها الإقتصادي وتفوقها وتقدمها العسكري ، وثقلها وتأثيرها الإقليمي والدولي كونها فاعلة ومؤثرة في الاتحاد الافريقي من خلال المواقع الرفيعة والوظائف التي ظلت تشغلها على مستوى مفوضية الاتحاد ومجلس الامن والسلم الإفريقي، كذلك وجودها المستمر والمؤثر في دهاليز الأمم المتحدة والذي توج مؤخراً بعضويتها غير الدائمة لمدة سنتين في مجلس الأمن الدولي.
* الرئيس الجزائري عبد “المجيد التبون” ، ومن خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس البرهان، لخص المشكلة والحل في سطور قليلة تنم عن ذاك الفهم والإدراك بالتعقيدات والخلفيات حيث قال “التبون” : نعلن وقوف الجزائر مع السودان لتجاوز (الظروف الصعبة)، ومواجهة (قوى الشر) التي تستهدفه ، محذراً من (التدخلات الأجنبية) في السودان ، مؤكداً أن حل الأزمة السودانية، (لن يكون إلا بين السودانيين).
* سبق ان طالعت تصريح سابق “للتبون” في بدايات الحرب وهو يرأس دورة الجامعة العربية حيث قال ( كل طلق ناري في شوارع بحري والخرطوم قد يصبح بركاناً في المنطقة العربية)، وأعتقد هو الحال في المنطقة الإفريقية التي يتداعى غربها وشرقها لما يدور في شمالها يصدق ذلك الاوضاع الراهنة التي تأثرت بما يدور في السودان الذي هو (صُرة) افريقيا وحلقة الوصل والرابط شمالها وجنوبها وشرقها بغربها.
* عندما دخل معارضو القذافي “باب العزازية” في طرابلس الغرب، انهارت “مالي” مباشرة على بعد مئات الكيلومترات ودخلت منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة الساحل في أزمة عميقة لازالت اثارها بارزة من خلال ظهور كائنات عسكرية وارهابية تتخذ من الأوضاع الاجتماعية والتناقضات القبلية وقوداً سياسياً يزعزع مالي والنيجر ويهدد جارتهم الجزائر و تشاد وبوركينا فاسو، وأغلب تلك الدول عادت اليها آفة الانقلابات العسكرية كواحدة إفرازات تلك الحقبة.
* اعتقد أن الرئيس “عبدالمجيد” صرح من هذا المنطلق والواقعية ، وبمعكوس المعادلة بإعتبار ما جرى لبلاده وبذات العوامل والمسببات ، الذي هو تقريباً ما حدث من إقتتال واحتراب داخلي ومعاناة وظروف شبيهة ، جعل الرئيس الجزائري يوصف الوضع في السودان وصف المجرب الخابر (بالظروف الصعبة).
* و (قوى الشر) التي ذكرها في حديثه وعناها هي بعض من قوى الشر التي عانت وتعاني منها الجزائر منذ العام الذي أنتخب فيه التبون رئيسا للجزائر 2019م بقيادة “الإمارات” التي اول ما صعد نجمها السياسي ونفوذها في شمال افريقيا كان على كتف المصالح الجزائرية المباشرة فكانت تعاندها وكثيراً ما تعاديها في العديد من القضايا الإقليمية مثل الوضع في ليبيا والتطبيع مع إسرائيل ، وأبو ظبي تدعم المغرب في نزاعها مع الجزائر ، ثم ألبت عليها الجارة “فرنسا” وأوقعت بينهم الى درجة المقاطعة، كما ان توتر العلاقات الجزائرية بجارتيها “مالي والنيجر” كان بتحريض إماراتي، فضلاً عن وقوفها وراء تحرشات خليفة حفتر في ليبيا ضد الجزائر..
* تريد الامارات بأي ثمن و طريقة، فرض تواجدها في منطقة الساحل على حساب الجزائر التي تتمسك بمباديء اخلاقية وسياسية عقلانية متزنة جعلتها تدعم قضية فلسطين بقوة وتعادي الصهيونية والديانة الإبراهيمية ومعارضة التدخلات الخارجية في شأن دول الساحل والشمال الافريقي ، الأمر الذي جعلها في قمة لائحة امارات الشر السوداء
.
*خلاصة القول ومنتهاه:*
* اعتقد بكل المقاييس والمعطيات والوقائع الراهنة والمستجدات التي طرأت بعد مضي تسعة شهور ونصف من المبادرة الاولى، ان الجزائر مؤهلة في الوصول لحل خلال المبادرة الثانية ، سيما وان الجزائر تجد القبول من الغالبية العظمى على كافة المستويات ( محليا،اقليمياً،دولياً).
* كذلك ومن خلال مخرجات اليوم الاول للزيارة والتناغم والتفاهم بين الرئيسين وتواجد الخارجية والمخابرات في الزيارة لا نستبعد بأن يكون الأمر قد مضى بعيداً بترتيبات مسبقة قادها المبعوث الأممي الجزائري رمضان العمامرة واجهزة البلدين .