حديث المدينة… عثمان ميرغني يكتب : لقاء المنامة…
تسربت أخبار عن لقاء على المستوى الثاني بين الجيش والدعم السريع في العاصمة البحرينية المنامة، مع وسطاء اقليميين يمثلون مصر والسعودية والامارات والبحرين والولايات المتحدة الأمريكية. وبالضرورة اللقاء لن يرفع حاجب الدهشة طالما أن لقاءين سابقين بين المستوى الأول لم يتحقق فبالضرورة لن يكون اللقاء على المستوى الأقل مثيرا للدهشة لكن الذي يفرض الانتباه هنا، بل ربما التفاؤل، هو الاضافة المهمة في الوساطة، مصر والامارات و البحرين، طبعا على افتراض أن المعلومات التي رشحت ثبت صحتها ودقتها وهو ما نتوقعه بل ونتمناه..
ليس جديرا بالشك أن الأزمة السودانية بلغت الحلقوم، ولم تعد قتالا ضروسا بين طرفين بل مفترق طرق يقرر مصير السودان اما دولة تستعيد تماسكها وتبتدر مستقبل مغاير لما كانت عليه سيرة الوجع منذ الاستقلال، أو –لا قدر الله- دولة تذروها رياح التشتت وتتحول إلى دويلات متقاتلة بجيوش نظامية بدلا من حروب العصابات والمدن الراهنة..
المطلوب وبالحاح حاليا هو وقف أصوات المدافع والقتل والتشريد وعودة المواطن إلى بيته وعمله، ثم بعد ذلك كل شيء قابل للتداول.. و في تقديري أن أية عملية سياسية موازية ومبكرة هي جزء من اطفاء الحريق وبناء المستقبل معا في الوقت ذاته.. مما يستوجب أن تدرك المكونات السياسية أن وقوفها على الرصيف للفرجة وانتظار البنادق تنفرد بالكلام في الميدان و قاعات التفاوض معا هو اضعاف لفرص الحل، بل ومخاطرة به إذ أنه قد لا يأتي تحت وابل الغبن المتبادل..
العملية السياسية المطلوبة لا تستثني أحدا فطالما الجميع يتهم الجميع بالمشاركة في الحرب فمن الأولى أن يأتي الجميع إلى قاعات الحوار فهم كلهم أصحاب المصلحة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (مَثلُ القائمِ علَى حدودِ اللَّهِ ، والمُدَّهِنِ فيها ، كمَثلِ قَومٍ استَهَموا علَى سفينةٍ في البحرِ فأصابَ بعضُهُم أعلاها ، وأصابَ بعضُهُم أسفلَها ، فَكانَ الَّذينَ في أسفلِها يصعدونَ فَيستَقونَ الماءَ فَيصبُّونَ علَى الَّذينَ في أعلاها فقالَ الَّذينَ في أعلاها : لا ندعُكُم تصعَدونَ فتؤذونَنا ، فقالَ الَّذينَ في أسفلِها : فإنَّا نثقُبُها في أسفلِها فنَستَقي ، فإن أخذوا علَى أيديهِم فمنَعوهُمْ نجَوا جميعًا وإن ترَكوهُم غرِقوا جميعًا).
الأجدر الآن أن نتمثل قول سيدنا يعقوب (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ).