“خرق” لهدنة السودان.. هل تنجح المساعدات الدولية في تفادي “الكارثة”؟

في وقت حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أنّ السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة، سُجّل خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ صباح الأحد لمدة 72 ساعة، ليعيد المخاوف من استمرار الاقتتال في البلاد.

فقد اتهم الجيش السوداني، مساء الإثنين، قوات الدعم السريع بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، ومهاجمة منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غربي البلاد، وقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين، “ما أجبرهم على النزوح إلى مقر القوات المسلحة”.

وأوضح الجيش في بيان، أن “المتمردين قاموا بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق مواطني المنطقة على مدى يومين، تضمنت قتل 15 شخصًا وجرح عشرات من المدنيين العزل، بجانب حرق السوق ونهب عدد كبير من المتاجر وتشريد مئات من مواطني المنطقة”، وفق البيان.

والإثنين، تجددت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، رغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ صباح الأحد لمدة 72 ساعة، أعلنته السعودية والولايات المتحدة، مساء السبت.

وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/ أيار الماضي محادثات بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.

واعتبرت ذلك “خرقًا سافرًا للأعراف والقوانين الدولية المعنية بحرمة وحماية مقرات وممتلكات البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية”، وفق وصفها، في حين لم يصدر تعليق فوري من “الدعم السريع” بشأن اتهامات خرق الهدنة أو اقتحام سفارة زيمبابوي.

من جانبه، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، في بيان نشره على صفحته في فيسبوك: “كلنا ثقة أن الأزمة ستنجلي بزوال الطغمة الفاسدة التي أشعلت الحرب في البلاد وتؤجج الصراعات القبلية بين مكونات المجتمع في دارفور من أجل استمرار الهيمنة والتحكم في مصير أمتنا”.

وأعرب حميدتي عن “تقديره وشكره لدولة تشاد ورئيس المجلس الانتقالي محمد إدريس ديبي، لاستقبالهم اللاجئين السودانيين”.

ووفق آخر إحصائية أممية، فر نحو 550 ألف شخص من السودان إلى دول الجوار، بينهم أكثر من 115 ألفًا إلى تشاد منذ اندلاع القتال في 15 أبريل / نيسان الماضي.

تأتي هذه التطورات على الأرض، على وقع مؤتمر استضافته جنيف تعهّد فيه المانحون تقديم نحو 1,5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.

لكنّ هذا المبلغ لا يمثل سوى نصف الإجمالي الذي تقدر الوكالات الإنسانية أنها بحاجة إليه في بلد يعتمد فيه 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، على المساعدات الإنسانية.

وقال منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث في ختام المؤتمر الدولي: “اليوم، أعلن مانحون عن قرابة 1,5 مليار دولار للاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة”. وأضاف: “هذه الأزمة ستتطلب دعمًا ماليًا مستدامًا وآمل أن نتمكن جميعًا من إبقاء السودان على رأس أولوياتنا”.

وبحسب الأرقام التي أعلنتها الأمم المتحدة، تعهدت الولايات المتحدة تقديم 550 مليون دولار لتكون بذلك أبرز مساهم، بينما تعهدت فرنسا تقديم 44,77 مليون دولار.

وتعهدت ألمانيا المشاركة في تنظيم المؤتمر مع الاتحاد الأوروبي وقطر ومصر والسعودية، تقديم 200 مليون يورو بحلول عام 2024، ووعدت قطر بمبلغ 50 مليون دولار، وتعهد الاتحاد الأوروبي بدفع 190 مليون يورو.

ويرى أستاذ الإعلام في جامعة قطر محمد الأمين موسى أنّ المساعدات لا تصل عادةً في الوقت المناسب خصوصًا إذا كنّا نتحدّث عن حالة حرب مستمرّة.

ويشير في حديث إلى “العربي”، من استديوهات لوسيل، إلى أنّ هذه الحرب غير مسبوقة لأنّها تحدث داخل المدن، وبينها مدينة ضخمة جدًا، في حين أنّ هذه المساعدات يجب أن تصل إلى ملايين الأفراد في آن واحد.

ويلفت إلى أنّ المحتاجين للمساعدات هم وسط الحرب ولذلك من الصعب جدًا من الناحية اللوجستية بالحدّ الأدنى، وكذلك من الناحية العملية، أن تصل إليهم في الوقت المناسب.

وفيما يلاحظ أنّ الهدن لا تعني بالضبط توفير الأمن لتحرك جهات يمكن أن تقدّم الإغاثة، يشدّد على أنّ هذه المساعدات لن تكفي أساسًا لأنّ الضرر كبير جدًا.

ويلفت الأمين موسى إلى أنّ الأمور تأزّمت جدًا في السودان منذ بدء الحرب وحتى اليوم على كل المستويات. ويرى أنّ هذه الحرب لم تكن مبرّرة من البداية ثمّ إنها تدور داخل مدينة والانتهاكات موثقة منذ اليوم الأول.

وانطلاقًا من ذلك، يخلص إلى أنّ الإدانات الدولية لا تؤثر كثيرًا، ولا سيما أنّ موضوع قيادة الحرب ليس بالوضوح الذي يسمح بإطلاق الأوامر والكف عن ممارسات معيّنة.

مقالات ذات صلة