مساحة حرة- العميد شرطة (م) محمد ابوالقاسم عبدالقادر يكتب (تعظيم سلام قيادة الشرطة)
الخرطوم- اثير نيوز
بتوصية من وزير الداخلية صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين الفريق شرطة خالد مهدي ابراهيم الإمام مديرا عاما لقوات الشرطة ، وهو بلا شك قرار موفق و جاء متسقا مع التراتيبية الإدارية والأقدمية الشرطية ،بالإضافة للكفاءة المهنية التي تشير لها السيرة الذاتية لمدير عام قوات الشرطة ، والتي تجعله مؤهلا تماما لتولي هذا المنصب ، وأسأل الله أن يعينه على هذا التكليف ، وأن يوفقه لقيادة قوات الشرطة بدعم معاونيه من القيادات الشرطية في هيئتي الإدارة والقيادة وكل الزملاء من منسوبي قوات الشرطة .
– ويتولى المدير العام هذا المنصب في ظل ظروف بالغة التعقيد تتمثل في الوضع السياسي غير المستقر بتقلباته اليومية ، والوضع الإقتصادي المتأذم الذي (عام) جنيهه ، والوضع الإجتماعي ألذي باتت (ظواهره) تقرع أجراس الخطر حتى قبل مجيء (سيداو) وتعديلات القوانين المرتقبة لتتماشى مع نصوص هذه الإتفاقية.
– بالتأكيد كل هذه الأوضاع لا تبشر بخير وستلقي بظلالها السالبة على الوضع الأمني بالبلاد ، وتجعل المدير العام وقيادات الشرطة يواجهون واقعا معقدا ، و تحديات كبيرة سيتجاوزونها بإذن الله بما لديهم من المعرفة والدراية والخبرات التراكمية.
– في ظني إن من أكبر التحديات التي تواجه قيادة الشرطة ما يعرف بإعادة هيكلة الشرطة هذا المصطلح الذي يتفرع من مصطلح إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وإصلاحها بما يتماشى مع سيادة القانون وإحترام حقوق الإنسان ، وهذا المصطلح بما يحويه من شعارات براقة كان مدخلا لعبث العابثين بقوات الشرطة لفصل وتشريد عدد مقدر من الكوادر المؤهلة دون سند قانوني متناسين شعاراتهم الزائفة الداعية إلى سيادة القانون وإحترام حقوق الإنسان ، وفي هذا المقام التحية والإحترام للفريق أول بابكر احمد الحسين الذي لم ينحني للعاصفة وكتب إسمه في سجل تاريخ السودان الحديث وسجل تاريخ الشرطة بأحرف من ذهب وترجل عن هذا المنصب وهو سباق لنصرة المظلوم مرفوع الهامة عفيف اليد وطاهر اللسان ، لذلك فإن تحقيق الإستقرار والأمان الوظيفي هو تحدي يجب أن يجد إهتماما كبيرا من المدير العام لقوات الشرطة بإتخاذ ما يلزم لتحقيق الأمان الوظيفي لمنسوبي الشرطة وسيرى منهم ما تقر به عينه أمنا وأمانا على إمتداد الوطن الكبير .
– كذلك من التحديات الماثلة ضرورة أن يكون هناك إصلاح قانوني بما يمكن الشرطة من القيام بواجباتها على أكمل وجه وذلك بالسعي مع الأجهزة المختصة تنفيذية وتشريعية(إن وجدت) لتعديل قانون الإجراءات الجنائية خاصة في ما يتعلق بسلطات الشرطة في فتح الدعوى الجنائية والتحري بما يتيح لها تحقيق وإنجاز العدالة وعودة العمل الجنائي للشرطة بألقه القديم حيث ضباط الجنايات ورئيس فرع الجنايات والمعلومية وتفتيش الحراسات ، ومراجعة المتحرين و يوميات التحري بصورة إحترافية، وكذلك دور الشرطة في العمل المنعي للدوريات والإرتكازات والنقاط الثابتة والمتحركة الذي يظهر هيبة الدولة من خلال عمل الشرطة ، فلا بد من تعديل وإصلاح القوانين حتى تعود الشرطة لأداء دورها بقوة مستندة على صلاحيات وسلطات تتيح لها القيام بواجباتها ومهامها بالصورة المطلوبة.
– ومن التحديات الكبيرة التي تواجهها قيادة الشرطة تتمثل في أهمية العمل على تمتين العلاقة مع الجمهور ، فالثورة المجيدة التي أطاحت بحكم الإنقاذ لأسباب إقتصادية إستطاع البعض أن يتسلل إلى قيادتها ليضيف إلى شعاراتها شعارات مدفوعة الثمن من جهات تسعى إلى إستهداف وحدة السودان وأمنه فكان للشرطة نصيب من هذا الإستهداف بهتافات يرددها بعض السذج والمغفلين الذين تم إستغلالهم بدون وعي وإدراك للمرامي والأهداف المقصودة من هذه الهتافات(كنداكة جات بوليس جرى ) (شفاتي جا بوليس جرى ) ، وغيرها من الهتافات، وحقيقة هم لا يعلمون بأن الشرطة هي أول مؤسسة تعلن إنحيازها صراحة للثورة بذلك البيان الذي أصدره المدير العام الأسبق الفريق أول شرطة الطيب بابكر يوم الثلاثاء التاسع من أبريل ٢٠١٩م والذي أوضح فيه بأن الشرطة تؤدي واجباتها في إطار القانون بتجرد ومهنية ووجه القوات بعدم التعرض للمواطنين والتجمعات السلمية في كافة الولايات ، وكان هذا البيان بمثابة رسالة واضحة تؤكد انحياز الشرطة للشعب وثورته المجيدة قبل أن يتربع على قيادتها الانتهازيون والمتسلقون ، الذين يطالبون الآن بإعادة هيكلة الشرطة ، ولذلك لا بد من العمل على مد جسور التواصل مع المجتمع بتخطيط سليم، فالشرطة من المجتمع وإليه ، والشرطة في خدمة الشعب ، والشعب صديق الشرطة ، هذه هي الشعارات التي ينبغي أن تسود ، وهذه هي الشعارات التي تحكم علاقة الشرطة بالمجتمع، ولذلك لا بد من النظر في كيفية إعادة وتمتين جسور التواصل مع المجتمع تحقيقا لشعار الأمن مسئولية الجميع ، وهذا يعتبر من أكبر التحديات.
المسئولية كبيرة والأمانة ثقيلة ولكن التصدي لها واجب والقيام بها شرف ، والامنيات الصادقة بالتوفيق.