عثمان ميرغني يكتب.. ياعزيزي كلنا طائفيون
عثمان ميرغني يكتب: ياعزيزي كلنا طائفيون
المهم، هذه اللعبة السياسية السمجة ستنتهي وقريباً جداً مهما تفنن اللاعبون في تشتيت الكرة و ركلها في المدرجات و التباطؤ في تمريرها و (مسك الزمن).. ستنتهي.. ستنتهي.. ولكن الذي لن ينتهي هو السؤال المقيت ، إلى أين؟
أية حكومة تأتي في الوقت الحاضر أو المستقبل لن تملك إجابة واحدة للشعب السوداني رداً على هذا السؤال البديهي.. إلى أين؟
أين نحن؟ و ماذا نريد؟ وإلى أين نتجه؟
والسبب بكل أسف لأن شعبنا النبيل الذي ظل منذ عشرات السنوات يقدم التضحيات ويطيح بالدكتاتوريات.. يظن – وبعض الظن هدر للعمر الوطني- أن الشعارات الثورية والهتافات وحدها تصنع المستقبل.. فما أن تنجح ثورة في اقتلاع حكم ظالم حتى ينقسم الشعب الى فريقين، يتباريان في الهتاف من مدرجات الجماهير، وكأنها مسابقة يكسبها الأعلى صوتاً وأكثر قدرة على استنزال اللعنات على الطرف الآخر..
بالله حدقوا معي في وسائط التواصل الاجتماعي، التي يعيش فيها غالبية الشعب السوداني –خاصة الشباب- غالبية وقتهم .. وأبحثوا معي عن الهدف، أين المرمى؟ لن تجد سوى أمواج تفور من التلاعن والاشتباكات اللفظية الحادة.. دون أن يعرف أي طرف ما الهدف الذي يسعى إليه وكيف يصل إليه..
عندما تأتي الحكومة المدنية – قريباً جداً- فستجد أن أقرب طريق إلى قلب الشعب هي حناجره.. و ستحشد العواطف الثورية وترفع من وتيرة الشد والجذب الذي يجعل لكل مواطن سوداني بطاقتين.. بطاقة ثائر وطني غيور.. وأخرى خائن عميل .. يصبح السوداني بطلاً ويمسي خائناً على قدر مواقفه.. فعندما يقف مع فريق فهو بطل في نظر الفريق الذي يقف معه، وخائن في نظر الآخر، لكن البطولة هنا والخيانة مكتوبة بالطابشير، سهلة المسح، فيكفي جملة واحدة أو ربما موقف واحد فيتغير الحال بضغطة زر.. فيصبح خائناً عندما من كان عندهم بطلاً.. وبطلاً عند من كان عندهم خائناً.. في لمحة عين..
هذا السلوك وصفه حبيبنا الدكتور جعفر ميرغني بأنه (سلوك طائفي) وإن اتى من أعلى الدرجات العلمية.. فالعامة البسطاء يمارسون السلوك الطائفي المباشر على قدر معرفتهم.. فيبجلون السادة من حيث كونهم أبناء السلالة.. أما السلوك الطائفي الحديث، فهم الذين يبجلون البطاقة الحزبية والسياسية من حيث كونها بطاقة.. لا مواقف وفكر وسلوك وخير وشر و صواب وخطأ..
وعلى رأي المثل الشعبي السوداني (الجفلن خلهن أقرع الواقفات).. (الانقلاب ساقط لا محالة.. أقرعوا الحكومة المدنية الجاية)..