عبدالله مسار يكتب .. الدولة القطيع
بسم الله الرحمن الرحيم
عبدالله مسار يكتب
الدولة القطيع
روي الكاتب الفرنسي (فرانسوا رايلي ) قصة رجل اسمه بانورج كان في رحلة. بحرية علي متن سفينة وكان علي نفس تلك السفينة تاجر الاغنام المدعو(دندونو) ومعه قطيع من الخرفان لغرض بيعها
كان (دندونو) تاجرا جشعا لا يعرف معني الرحمة ووصفه الاديب الكبير (ورابليه ) بانه يمثل اسوا مافي هذا العصر. وهو غياب. الانسانيه
حدث ان وقع شجار علي سطح السفينة بين (بانورج) والتاجر (دندونو)
صمم بانورج علي اثر ذلك ان ينتقم من ذلك التاجر الجشع فقرر شراء خروف من التاجر بسعر عال وسط سعادة (دندونو) بالصفقة الرابحة واندهاش من علي ظهر السفينة من الركاب
في مشهد غريب يمسك بانورج بالخروف من قرنيه ويجره الي طرف السفينة ثم يدفعه الي البحر فما كان من احد الخرفان الا ان اتبع خطي الخروف الاول ورمي بنفسه في البحر ليلقي مصيره ليلحقه الثاني والثالث فالرابع وسط ذهول التاجر وصدمته ثم اصطفت الخرفان الباقية في طابور مهيب لتمارس دورها في القفز
جن جنون. تاجر الاغنام دندونو وهو يحاول منع القطيع من القفز الي البحر ولكن محاولاته كلها باءت بالفشل
فقد كان ايمان الخرفان بما يفعلونه علي قدر من الرسوخ اكبر من ان يقاوم
وبدافع قوي من الجشع اندفع دندونو للامساك باخر الخرفان الاحياء املا في انقاذه من مصيره المحتوم الا ان الخروف المؤمن كان مصرا علي الانسياق وراء الخرفان فكان ان سقطا كلاهما في البحر ليموتا معا غرقا
ومن هذه القصة صار تعبير خرفان بانورج مصطلحا. شائعا في اللغة الفرنسية وهو يعني انسياق الجماعة بلا وعي او عقل او تفكير او ارادة وراء اراء او افعال الاخرين
وثقافة خرفان بانورج تنطبق علي الكثيرين من اهل السودان
والسودان منذ الاستقلال يعيش علي هذه العقلية وتمارس هذه الظاهرة في كل مكونات السودان الطائفة علي راي الزعيم والطريقة الصوفية علي راي الشيخ والحزب تقدمي او يميني علي راي رئيسه وهكذا عاش اغلب الشعب حياة القطيع فضاع الوطن وفي كل الاحوال ديمقراطية ام ثورة ام انقلاب وصارت الوصاية والابوية هي التي تسيطر علي المواطن وعقليه القائد الملهم الغت عقول الشعب وصرنا نعيش حياة القطيع هذه في مجتمعاتنا في المدينة والريف وهكذا صودرت عقولنا لصالح قادة معينين وهذه الظاهرة انتشرت حتي في عهد الثورة حتي الثوار غاب مشروعهم ورغم الضيق في المعاش والانفراط الامني وتدهور الخدمات ولكن مازالوا يمارسون سياسة القطيع حتي الاحزاب التي تقودهم صارت تمارس معهم. سياسة القطيع
اذن قضية الوطن ليس خلاف فكري او ايدلوجي ولكن هي خلافات قائد يفكر بعقليته الشمولية والتسيدية وانه هو الملهم وان الشعب خلق ليكون قطيع يتلقي ويؤيد دون ان يعمل عقله
اذن مطلوب ان نؤسس كل مواقفنا علي عقولنا لا التبعية العمياء. وتاليه الاخرين
اعمال العقل مهم ولكن سياسة القطيع هذه دمرت البلاد واضرت بالوطن
نسال ان نخرج منها الي رحاب اعمال العقول
تحياتي