فتح مكتب للجنائية بالخرطوم نعمة أم نقمة ؟
كشف المدعي العام لمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن موافقة رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان مبدئياً بفتح مكتب للجنائية بالخرطوم
ويُوكد المراقبون بما لا يدع مجالاً للشك أن وزير العدل السابق نصرالدين عبدالباري وقع نيابة عن الحكومة السودانية مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن المحكمة الجنائية مذكرة تفاهم بين الجانبين تساعد في توفير المعلومات المطلوبة لمواصلة العمل مع أطراف الضحايا والناجون بدارفور.
لم تتوان السلطة الإنتقالية في السودان قبل إنقلاب 25 إكتوبر الماضي عن التأكيد على المضي قدماً في طريق تسليم الرئيس المعزول عمر البشير ومساعديه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمحاكمته بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وتترقب الأوساط السياسية والقانونية في السودان بعد زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان الأخيرة وموافقة البرهان على فتح مكتب للجنائية بالخرطوم بان تسليم البشير ومحاكمته بات مطلباً شعبياً لدي أسر الضحايا في إطار تطور ملف الجنائية بعد ان طالب كريم خان السلطات السودانية بمساعدة المحكمة وتقديم ضمانات بعدم ملاحقة الشهود، تمهيداً إلى الانضمام لميثاق روما.
لكن المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان اشتكى إلى مجلس الأمن الدولي من الخرطوم من تراجع كبير في التعاون بين مكتبه والسلطات السودانية خلال الأشهر القليلة الماضية خاصة ان السلطات تجاهلت طلبات عديدة من المحكمة بالوصول إلى الرئيس المعزول عمرالبشير المطلوب في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وكشف خان انه نقل للبرهان ضرورة ان تنفذ أوامر القبض في مواجهة البشير لضمان تحقيق العدالة وعدم الافلات من العقاب وقال خان بشئ من التحكم لم نات إلى السودان كسياح أو تجار ، نحن حريصين على تحقيق العدالة لان شعب دارفور يعيشون في ظروف مأساوية ومزرية ولديهم الحق في الحصول على العدل ، كثير من الناس فقدوا ذويهم وعلينا الا ننساهم ونترك أمر تحقيق العدالة للمصالح السياسية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وبدون مقدمات هو هل فتح مكتب للمحكمة الجنائية بالخرطوم نعمة أم نقمة للسودان؟
للإجابة على هذا السؤال نسمع ماذا قال المدعي كريم خان بلسانه ان الحكومة في السابق تعاملت مع الجنائية ووفرت المعلومات المطلوبة في قضية علي كوشيب، ووصف حواره مع المسؤولين الحكوميين بالمباشر والمبشر، وقال إن موافقة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بفتح مكتب للمحكمة بالخرطوم تصب في إطار التعاون والتطور في هذا الشأن، لكن قال ” إذا تعثرت الأمور هناك طرق أخرى للوصول إلى الغايات التي ارغبها ، واذا فشلنا نحتاج إلى طرق أخرى لتحقيق العدالة ”
ويرى الخبراء بغض النظر عن وجود علاقة بين مصادقة السودان على ميثاق روما لمحكمة لاهاي أو عدمه، فالسودان عضو في مجلس الأمن، وملزم بالخضوع للمحكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والإبادة الجماعية بعد المصادقة لتحال الجرائم الجديدة إلى محكمة لاهاي أو إلى المحاكم الوطنية، فإذا اصبح السودان جزء من ولاية المحكمة الجنائية وفتح مكتب للمحكمة بالخرطوم انتهت المزايدات ويمكن محاكمة المطلوبين داخل السودان.
وكشف الخبير القانوني السوداني تاج الدين بانقا في وقت سابق بوجود خلافا بين مجلسي السيادة والوزراء حول هذه القضية، فبعض أعضاء مجلس السيادة يرون أن القضاء السوداني راغب وقادر على محاكمة المتهمين داخل البلاد، وأن هذا الأمر يتعلق بالسيادة ، لكن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة آنذاك فاتو بنسودا تحدثت عن عدم اعتراض مسؤولي الحكومة السودانية على تسليم المتهمين لتحقيق العدالة لضحايا دارفور.
يرى الخبراء أن المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان من خلال الزيارات المتكررة إلى السودان، قال ان رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان أكد له ان الحكومة تسعى لتحقيق العدالة للمواطنين، وان مسألة التزام الحكومة بالعدالة أمرُ في غاية الأهمية حسب ما نصت اتفاقية جوبا لسلام السودان حفاظا على السيادة الوطنية.
وتجري في الخرطوم نقاشات موسعة بين المدنيين والعسكريين حول إجراءات فتح مكتب لاهاي بالخرطوم، والإجراءات التي بموجبها الانضمام إلى ميثاق روما ، الإصلاح القانوني ، بهدف الحصول على الدعم اللوجستي، ومثول المطلوبين أمام محكمة لاهاي والضمانات بعدم ملاحقة شهود الضحايا ، تحقيق العدالة ، ورد الكرامة ، وتعين قضاة لا ينتمي لأي طرف فاعل في الحياة السياسية السودانية بالإضافة إلى عدم تلطخ اسمه بانتهاكات لحقوق الإنسان أو فساد،وأستكمال مسار العدالة الانتقالية ومحاكمة المجرمين عبر المحاكم السودانية ، فهل سيكون فتح مكتب الجنائية بالخرطوم نعمة أم نقمة للسودان ؟