سوق السيارات في السودان .. مفارقات وأسعار فلكية وأسماء شعبية
ستُصاب بالدهشة من مفارقات سوق السيارات في السودان لأن سيارة صُنعت في العام 2003، أي قبل (19) عامًا أغلى سعرًا من أخرى صنعت في العام 2010، والسبب أن الأولى تتحمل وعورة الطرق في البلاد.
في معارض السيارات الواقعة جنوبي العاصمة السودانية ورغم حالة الركود في هذه الفترة، لكن الأسعار ظلت كما هي تتراوح بين (12) مليون جنيه لمجموعة (هيونداي)، ويُعدّ الجيل الرابع من (توسان) الأكثر طلبًا بين السودانيين خاصة موديلي (2016 -2017).
ويقول علي محمد قسم الله وهو سمسار في مكتب لبيع وشراء السيارات في “الدلالة القديمة” غرب المدنية الرياضية جنوبي الخرطوم لـ”الترا سودان” إن السيارات الأكثر طلبًا في السودان هي من مجموعة (هيونداي)، وتبدأ من (التوسان) ويباع موديل 2016 بسعر (12) مليون جنيه أي ما يعادل (30) ألف دولار أمريكي. وظهرت الأشكال الجديدة من هذه السيارات بمقدمة ثلاثية الأبعاد للشبكية الأمامية، منح هذا الشكل السيارة “ثورة جديدة” زادت من الطلب عليها وهي منتشرة في الشوارع.
وتشمل مجموعة (الهيونداي) سيارات (الأفانتي) و(الألنترا) و(الآكسنت المضلعة)، ضمن السيارات الأكثر طلبًا بين السودانيين وتباع موديل 2015 في حدود ثمانية ملايين جنيه أي ما يعادل (16) ألف دولار.
للمفارقة، تُعدّ السيارات الواردة من ليبيا الأكثر مبيعًا في أسواق السيارات والسبب يعود إلى متانتها وقلة استخدامها في تلك الدول، عكس السيارات المتداولة في السودان.
سألت هذا السمسار عن أسعار السيارات من ماركة (كيا) التي تتصاعد الرغبة بامتلاكها في السودان لأن مظهرها يبدو رياضيًا، خاصةً سيارة (كيا سبورتاج) التي تباع بسعر (10.5) مليون جنيه، أي ما يعادل (20) ألف دولار لموديل 2017.
تتخذ السيارات أسماء شعبية يطلقها السماسرة أو حتى هواة امتلاك السيارات الجديدة؛ فسيارة من (هيونداي) صغيرة الحجم تسمى الـ(الكيلك) سعرها أعلى من سيارة في نفس المجموعة تسمى (آكسنت دبدوب) والسبب هنا واضح لأنه يشبه (الدبدوب) كما يقول السماسرة.
وبينما يباع (الكيلك) بسعر أربعة ملايين جنيه يباع (الآكسنت دبدوب) بثلاثة ملايين ونصف المليون جنيه، وقد تتفوق في الأسعار على بعض سيارات (الهيونداي) الأكثر حداثة لأن هاتين السيارتين تمتازان بعلوهما عن الأرض، عكس السيارات الحديثة التي تنخفض كثيرًا وتصطدم بالمطبات في الطرق الوعرة.
في قائمة سيارات (تويوتا) اليابانية التي كانت إلى وقت قريب الأكثر شعبية في السودان، نجد سيارة صالون (كورولا) تُباع بسعر (13) مليون جنيه لموديل 2022، لكن الطلب عليها ضعيف حسب ما يقول السمسار علي محمد قسم الله عازيًا ذلك إلى أن سوق السيارات في السودان “سوق تداولي” أكثر من اعتمادها على الاستيراد، خاصةً بعد ارتفاع رسوم الجمارك متساويًا مع سعر السيارة من بلد المنشأ.
بمقدمة تشبه سمكة القرش وأجنحة على أسطح الجانبين تباع سيارة (لانسر) موديل 2015 من شركة (ميتسوبيشي) اليابانية بقيمة سبعة ملايين جنيه أي ما يعادل (14) ألف دولار أمريكي، ويطلق عليها السماسرة (لانسر قرش) لأن المقدمة تشبه سمكة القرش، بينما تسمى الموديلات الأقل من العام 2009 (لانسر بومة) نتيجة الشبه بينها وبين طائر البومة.
مؤخرًا ومع تزايد هطول الأمطار ورداءة الطرق خاصةً في العاصمة والمدن إلى جانب السفاري والرحلات الخلوية العائلية والأعمال المتعلقة بالتعدين والزراعة، طغت على الأسواق السودانية سيارات (تويوتا) الشاحنات التي الواردة من السعودية بمواصفات خليجية.
وتباع الشاحنة (تويوتا) الواردة من السعودية، ذات المواصفات الدقيقة بالنسبة إلى الأسواق السودانية -أبرزها يجب مقصورة مكسيّة باللون الأحمر (الطبلون) وتلاحظ عليها نعومة في صوت المحرك وكاميرا خلفية- تباع بقيمة (17) مليون جنيه أي ما يعادل نحو (34) ألف دولار.
أصبحت هذه السيارات تسيطر على شوارع الخرطوم في العامين الأخيرين، ويقول ملاكها إن مياه الأمطار تؤثر على السيارات المنخفضة ولا يملكون الوقت للذهاب إلى جراج الصيانة إلى جانب ارتفاع أسعار قطع الغيار.
أما إذا كان دخلك المالي منخفضًا وتريد امتلاك سيارة فعليك أن تتوجه إلى أسواق السيارات جنوبي العاصمة؛ حيث يمكنك شراء سيارة من (هونداي) تُسمى (سحلية) بسعر مليوني جنيه أي ما يعادل أربعة آلاف دولار، وهي من واردات دولة ليبيا ويطلقون عليها (البوكو).
تتحكم أسعار الوقود الباهظة في السودان في سوق السيارات، فالسيارات الكورية هي الأكثر طلبًا في نظر المتعامل في سوق السيارات شرقي العاصمة عبدالرحمن قوي لأنها اقتصادية في صرف الوقود وغالبية الموظفين أو ذوي الدخل المنخفض أو حتى من يعملون في سيارات الأجرة يفضلونها لأن قطع الغيار أيضًا أسعارها أقل.
يرى قوي في حديث لـ”الترا سودان” أن الطبقة الوسطى في السودان يفضلون السيارات الكورية من ماركة (هيونداي) لأنها اقتصادية في الوقود وقطع الغيار ويمكن بيعها بسهولة وبسعر أفضل.
بأطراف متعرجة تبدو سيارة من مجموعة (هيونداي) الأكثر تحديثًا من العام 2010 ضمن السيارات المتداولة في الأسواق السودانية وتسمى (المُضلعة) نسبة لسطحها المتعرج الجانبين، وانخفضت أسعارها قليلًا في البداية بعد أن سرت شائعة بصعوبة إعادة هذه التعرجات إلى الوضع المثالي إذا تعرضت إلى حادث اصطدام، لكن مع مرور الوقت بدأت تسيطر هذه السيارات على شوارع الخرطوم بموديلاتها الحديثة التي تبدأ من 2011 حتى 2018 وهي الفئة الأكثر تداولًا وتبدأ أسعارها من ستة إلى ثمانية ملايين جنيه.
إذا كنت من ضمن الأثرياء، فستشتري سيارة (لاند كروزر) بسعر (30) مليون جنيه. ويعتقد المتعامل في قطاع السيارات عبدالرحمن قوي أن الأسعار في السودان ليست مرتفعة، خاصةً أن الأسواق تأثرت بتزايد أعداد السيارات بعد وصول عشرات الآلاف من السيارات من ليبيا في السنوات الأخيرة.
وتقدر إحصائية حكومية وصول نحو (300) ألف سيارة من ليبيا بين عامي 2020 و2021 إلى السودان، وواجهت السلطات صعوبة في تقنينها وصادرت العديد منها لمصلحة الدولة.
أما التي تعد ضمن سيارات الأثرياء في السودان فهي (اللاند كروزر) العائلية باللون الأبيض. وفي نظر السمسار علي محمد قسم الله، فإن هناك فئة معينة تفضل هذه السيارات، منها رجال الأعمال والمسؤولين في الشركات والقطاع الحكومي.
تبدأ أسعار هذه السيارات من (18 إلى (30) مليون جنيه، ويبلغ سعر بعضها (35) مليون جنيه، حسب المتانة والموديل والشكل، وهي سيارات رائجة أيضًا بين الفنانين والفنانات، وهناك أغنيات شعبية تمجد سائقها الذي يصنف ضمن “نادي الأثرياء” في أغنية “سيد البرادو”.