حديث المدينة.. عثمان ميرغني يكتب .. هل سيعودوا إلى قراهم.. نفسها؟
عثمان ميرغني: هل سيعودوا إلى قراهم.. نفسها؟
المناطق التي دمرتها السيول والأمطار كثيرة و منتشرة في أرجاء السودان المختلفة، المناقل الأكثر تضرراً ، بربر، دارفور، كسلا و رغم الاهتمام الإعلامي والرسمي، إلا أن كل ذلك سينتهي بانتهاء مراسم الخريف، وسينسى الجميع الكارثة إلا أصحاب البيوت المدمرة الذين يقع عليهم تدبر أمرهم والبحث عن بيت جديد وربما قرية في موقع جديد. ألم يحن الأوان لننتهز الفرصة ونغير النمط العمراني الذي يجعل أقل “مطرة” تحول البيوت الآمنة إلى قطع “بسكويت” تذوب في الماء؟
هذا ليس تفكيراً رومانسياً كما يحب دائماً أصحاب الهمم التي ترتاح للعيش في السفوح أن يصفوها.. بل هو ما يستحقه هذا الشعب بما يملك في بلده من خيرات وموارد اقتصادية..
يجب ابتدار خطة استراتيجية تستهدف تغيير النمظ العمرابي للقرى – والمدن طبعاً- السودانية، ولدينا ما يكفي من مراكز أبحاث البناء التي تستطيع أن تصمم بيوتاً عصرية آمنة وبتكلفة أقل كثيراً من البيوت المتواضعة الفقيرة التي تشيد بها القرى – والمدن أيضاً- السودانية..
من الممكن تصميم بيت ريفي جميل يتمتع بحديقة صغيرة وسور جميل و نظام صرف صحي وسطحي حديث و على سطحه خلايا الطاقة الشمسية ويتمتع بماء الشرب النظيف كل ذلك بتكلفة لا تزيد عن 10 آلاف دولار. مبلغ أقل كثيراً مما يكلفه أي بيت سوداني فقير من مثل تلك التي ملكتها ولاية الخرطوم في الوادي الأخضر والحارة مائة بأم درمان..
وعلاوة على قلة التكلفة فبالإمكان ترتيب نظام سداد سهل بالأقساط عبر البنوك السودانية..
هذا الأنموذج من التنمية العمرانية علاوة على ما يوفره للموطن من بيت كريم ، فهو يخلق فرص عمل لعشرات الآلاف من الشباب في مختلف الدرجات والخبرات والمؤهلات.. من العمال إلى الفنيين المهرة و المهندسين والإداريين وغيرهم..
من العيب بل العار أن يصبح موسم الأمطار مناحة وعويلاً، نعمة الله التي تبحث عنها شعوب أخرى وتدفع فيها مليارات الدولارات لا يجب أن تظل وجعاً وألماً مستمراً مزمناً لا يتغير إلا في المكان ..
فليكن موسم الأمطار هذا العام آخر أحزان المواطن السوداني..ولنشكر الله على فضله المدرار ونطلب المزيد.