محلية بربر.. السيول تحيل حياة السكان إلى معاناة
عشية الثلاثاء وجد عبدالله (55 عامًا) نفسه بلا مأوى، إثر انهيار منزله في محلية بربر بولاية نهر، ولحق بالمئات من جيرانه للإقامة في العراء، متخذًا المناطق العلوية لهذه المدينة الواقعة على شاطئ نهر النيل شمالي السودان.
ولم تقتصر خسائر هذا الرجل على المنزل، فالماشية التي كان يربيها نفقت من جراء السيول والفيضانات التي فاجأت السكان في هذه المنطقة البعيدة نسبيًا عن مناخ الأمطار والسيول في السنين الماضية.
ويقدر عدد المنازل التي تعرضت للانهيار في مدينة بربر ومناطق نهر النيل من جراء السيول بأكثر من (800) منزل – حسب عاملين متطوعين تحدثوا إلى “الترا سودان”.
وشملت أضرار السيول التي اجتاحت محلية بربر شمالي مدينة عطبرة بولاية نهر النيل قرى “كدباس” و”المسيد” و”الغبش” و”الخور” و”الفحلاب” و”السويكتاب”.
وقال حسن وهو عامل إنساني في جمعية محلية تغيث المنكوبين إن الوضع الإنساني “سيء للغاية”، موضحًا في حديثه لـ”الترا سودان” أن السكان هنا “لم يعتادوا على مثل هذه الكوارث”، فيما يبدو موقف السلطات متأخرًا في الاستجابة، فهي لم تقدم حلولًا تخفف من معاناة المتضررين.
وشاهد سكان المناطق المنكوبة برادات حفظ الأطعمة (الثلاجات) وأسرّة النوم والمقاعد والوسائد وهي تطفح على سطح المياه التي حاصرت المنازل من كل صوب، وكأنهم يشاهدون تبدد أحلامهم ومقتنياتهم معًا.
وتضم محلية بربر الواقعة شمال مدينة عطبرة على بعد أقل من (70) كيلومترًا مشروعات واستثمارات زراعية خليجية عملاقة إلى جانب مناجم الذهب في منطقة العبيدية شمال شرق المدينة.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على المنصات الاجتماعية مثل “فيسبوك” و”واتس آب” انهيار المنازل وبقاء سكانها في العراء، وسط مخاوف من مخاطر بيئية قد تحاصرهم لاحقًا.
ويكون المناخ في ولاية نهر النيل جافًا في الغالب طيلة العام، لكن في السنوات الأخيرة باتت السيول تهدد المنطقة، وفي العام الماضي تهدمت مئات المنازل بمدينة المتمة جنوبي الولاية.
لاحقت التلفيات من جراء السيول خطوط الكهرباء في المناطق التي غمرتها السيول. وألقى السكان باللائمة على نظام التصريف وعدم تقوية “أنظمة الحماية من النيل” في محلية تقع على مرمى حجر من نهر النيل.
ويتوقع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في السودان (أوتشا) تأثر نحو (460) ألف شخص خلال الأعوام القادمة من السيول والفيضانات، بينما تأثر نحو (321) ألف شخص العام الماضي من جراء السيول والأمطار.
وضربت السيول محلية بربر وأجزاء واسعة من ولاية نهر النيل التي تربط العاصمة السودانية بالموانئ الرئيسية في بورتسودان عبر الطريق الرئيس، ليدفع السكان فواتير باهظة في وضع اقتصادي مزرٍ للغاية.