علاء الدين محمد ابكر يكتب .. حتي لا نتلب كلنا في البحر
*علاء الدين محمد ابكر يكتب* ✍️ *حتي لا نتلب كلنا في البحر*
تصدر خبر سقوط تاجر سيارات في النيل اهم الاخبار في الاسبوع الماضي و تفاصيل الخبر كما جاءت في الوسائط تفيد عن قيام تاجر شاب بقذف نفسه من اعلى كبري الحلفايا فى نهر النيل وحسب المقربين منه ان سبب قدومه على هذه الخطوة تتعلق باصابته بمرض الفشل الكلوى وبناءا علي الخبر السابق نلاحظ في الاونة الاخيرة انتشار كبير في حالات الانتحار وبدون شك فان معظم الاسباب ترجع إلى كثرة الضغوطات النفسية و الاقتصادية والاجتماعية التي تقع على كاهل قطاع عريض من ابناء شعب السودان ذلك البلد المصاب بلعنة الموارد الطبيعية التي لا تتوفر الا في دول محدودة في العالم من بينها السودان ولكن بكل لم يستفيد منها المواطن البسيط منها شيئًا
لقد فشلت كل الحكومات المتعاقبة علي حكم البلاد في وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية والتي لن تتحقق الا باهمية الاستقرار السياسي فالسودان يكاد يكون الدولة الوحيدة في العالم التي لم تعرف الاستقرار والسلام الاجتماعي منذ العام 1955 بالرغم من سلسلة اتفاقيات السلام الكثيرة التي لا تحصي الا ان شبح الحرب يرفض مغادرة المشهد السوداني اضافة الي الخلافات السياسية وانتشار القبلية والجهوية والكراهية وعدم قبول الآخر فتلك المصائب جميعها عملت علي تعطيل عجلة البناء والاعمار فظل السودان يتراجع في شتي المجالات منذ مغادرة اخر جندي انجليزي للبلاد عشية اعلان استقلال السودان بشكل رسمي في العام 1956م
لقد كانت الامال معلقة علي ثورة ديسمبر لاجل تصحيح مسار الدولة السودانية وبناء دولة القانون والمؤسسات وازالة التشوهات الاقتصادية و مكافحة الفساد والمحسوبية ليخضع الجميع للمحاسبة والشفافية والتوزيع العادل للثروة بين كل السودانيين وانصاف المواطنيين المهمشين
مع العمل علي استرداد الاموال المنهوبة من ايادي من ازلام النظام البائد خاصة بعد نجاح لجنة ازالة التمكين السابقة في ذلك الصعيد فتلك اللجنة
التي شكلت عقب توقيع الوثيقة الدستورية يجب ان تعود لتمارس دورها من جديد في تعقب كل فاسد ولكن بكل اسف كانت المتاريس المضادة بالمرصاد امام اي تغير حقيقي يقود إلى ترجمة اهداف الثورة
لا يخفي عليكم انتشار الفقر والبطالة والجوع وسط المواطنين السودانيين فلا يعقل ان يصل سعر القطعة الواحدة من الخبز من واحد جنية عند اندلاع الثورة الي سعر خمسين جنية وهي ذاتها الاسباب الي قادت الي تفجر الثورة في ديسمبر من مدينة عطبرة عندما خرج طلاب المدارس الثانوية احتجاجا علي ارتفاع سعر قطعة الخبز من جنية الي واحد جنية فكيف يتقبله الناس بسعر خمسين جنية؟
اضافة الي ارتفاع جنوني في الاسعار والمواد الغذائية حتي صار الحصول على الغذاء جزاء من هموم المواطن البسيط المغلوب علي امره ومن طرائف ذلك نحكي لكم عن حادثة وصفت بالغريبة حيث تعرض صاحب بقالة بإحدى أحياء مدينة كسلا شرقي السودان لسرقة “قدرة الفول”التي إعتاد أن يعدها قبل ذهابه لصلاة الصبح ، أهل الحي وصفوا السرقة بالطريفة والغريبه لترك اللص الكانون بناره المشتعلة بينما لم يعلق صاحب البقالة وإكتفى بالصمت ورفض أن يقوم بفتح بلاغ للحادثة وهذا دليل علي وصول البلاد الي درجة بعيدة من المعاناة حتي باتت سرقة الطعام امر اعتيادي ، ومن صنوف المعاناة في هذا البلد صعوبة الحصول على العلاج مع ارتفاع تكلفة الحصول على الدواء اضافة الي ارتفاع اسعار المواصلات العامة ومعاناة التلاميذ والمعلمين في قطاع التعليم في ظل ظروف لا تساعد علي التفوق بل تقود الي الفشل ، ان الحقوق صارت في سودان اليوم نوع من انواع الرفاهية بالنسبة للمهمشين بينما اصحاب الاموال المكدسة يتقلبون في النعيم والتمتع بالخدمات في ارقي المشافي والمدارس والجامعات الاجنبية والغذاء الجيد فتلك المفارقات العجيبة صنعت فارق كبير بين المواطنين فالسودان اليوم توجد فيه طبقتين فقط واحدة تعيش حياة اقرب الى حياة الملوك وطبقة اخري تعيش ضنك العيش والمعاناة وهم الاقرب الي حافة الجنون والانهيار وربما الانتحار
نترحم على روح ذلك التاجر الذي فقد حياته ولا نريد الخوض في اسباب الوفاة ولكن طريقة الموت غرقا بالسقوط في مياه نهر النيل تفتح الباب واسع لكشف الاسباب الرئيسية التي تجعل العديد من المواطنين يفضلون انهاء حياتهم في قاع النيل وكما شرحنا في الموضوع اعلاه فان السبب واضح وضوح الشمس لذلك اخشي مع ازدياد الضغط الاقتصادي علي المواطنين المهمشين بان تشهد البلاد موجة انتحار جماعي هروب من هذا الوضع المعيشي الصعب الذي لايطاق وحتي الا نتلب جميعا في البحر اتمني ان تشمل عناية الله هذه البلاد بان ينزل عليها الرحمة والخير والسلام ويرحم المساكين والفقراء المهمشين ويبدل خوفهم امنا
*المتاريس*
*علاء الدين محمد ابكر* 𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺