عبدالباقي ضوينا …..العروة الوثقي
الخرطوم _أثيرنيوز
دكتور علي الحاج لا يستحق هذا(١)
عبدالباقي ضوينا
رغم قناعتي الشخصية بأن في السجن فوائد لا تحصى ولا تُعد، ونِعم لايحس بها
إلا المصطَفَيْنَ الأخيار ،وماذلك إلا للسجين.
*ففي السجن تلاوة القرآن أكثر من المعتاد بعشرات المرات،والقراءة المفتوحة لكتب الأصول والسِيَر والفقه والثقافة العامة وكتابة المذكرات الخاصة وفيه الذكر والتذكر والتفكر،فيه المراجعة والمحاسبة والمؤاخذة وفيه الإستغفار،فيه التخطيط وتَجْلِيَة الرؤية وتحديد الأهداف ورسم السياسات وتجديد الوسائل والتشبيك، ثم المراجعة والمشاورة في سماحة وطيب نفس بعيدا عن المخاشنة واختلافات الإجتماعات المعتادة بترسباتها البشرية، متوشحة حظوظ النفس الأمارة بالسوء…والتجربة تقول بأن الخطط المحكمة ذات الآماد الطويلة والمتوسطة والقصيرة كلها خرجت من بين جدران السجن لا ينقصها سوى التداول حولها وتشذيبها وتعديلها والحذف منها أو الإضافة اليها وحشد رأي الجماعة حولها
ثم اجازتها والثواثق عليها ليسير الناس على هدىً ورؤية وبصيرة…وعليه فما نعايشه اليوم من مكروه وبلاء ظاهر يتوشح بالأذى والشر..فغداً ..غداً سيجعل الله فيه خيراً كثيراً.
*ورغماً عن هذه الخيرات المتدفقة إلا أن السجن يظل سجناً وتظل النفس البشرية هي هي تقاومه وتُحاذِرُه لأنها مفطورة على الحرية والطلاقة..ويتكاثف وقعه وتتزايد آلامه(السجن) إذا ما خالطت اجراءاته الخصومات السياسية والمكائد والمواجد،
ولم ينبني على حكم قضائي بيِّن أو حتى بيناتٍ قوية تصمد أمام الدفوعات الأولية..عندها يكون السجن سجنان.. (الحبس وظلم الحابس المتميز غيظاً ).
*انبرى دكتور علي الحاج منافحاُ ومدافعاً عن التغير الثوري في ديسمبر المجيد آملا أن يبلغ مداه، باذلا النصح ومقدما الرؤى والخطط البديلة ومذكرا بالتجارب السابقة ومحذرا من التراخي والأنانية والغفلة واتساع الفُرُج التي يتخذ العدو من أقطارها مُدَّخَلا فيهتز المبنى ويتساقط العرش فوق رؤوس الجميع..فظنه السَّكْرَى طامعاً، واعتبره ذوو القربى متماهياً مداهناً… وحاشاه..لكنه كان زرقاء اليمامة.. مهتدٍ ومقتدٍ (أرأيتم لو أني أخبرتكم أن خلف هذا الجبل جيشاً سيغير عليكم أوَمُصدِّقِيَّ أنتم؟) …فمن هذا النبع الصافي كان عليٌّ يستقي ولهذا الأثر الطيب كان يقتفي..ولكن القوم هم القوم لا يتعظون بتجربة ،ولا يسعفهم علم مكتسب ولا عقل
مستبصر ولاقلب شجاع ولاحكمة مدخرة ليوم كريهة وسداد ثغر.
*ورغم تأكيده(د.علي) الجازم بعدم رغبته في المشاركة( تنفيذية كانت أم تشريعية مهما كانت مغرياتها) لكنه يريد فقط المساهمة بالرأي لرسم صورة سودان المستقبل تحقيقاً لأهداف الثورة…إلا أن سارقي الثورة ومتصدري المشهد كانوا أصغر من أن يستمعوا ويعوا مثل هذه الرسائل التي تتدفق حكمة وعلماً …ثم بدا لهم من بعد ما رأوٌا الآيات ليسجُنُنَّه حتى حين..ودخل معه السجن الشيخان الجليلان
الراسخان كما الجبال (السنوسي وعمر).
*د.علي الحاج هو الزعيم السياسي الوحيد
في الساحة الذي تطرز جلبابه بدم ثلاثة من منسوبي حزبه مضوا شهداء مهراً لثورة الشعب العظيمة يتقدمهم الشهيد أحمد الخير.. وتعطرت (جلبابه)بعرق إخوانه الآخرين الذين نتحت أجسادهم عرقا ودماً ودمعاً حباً لشعبهم وفداءً لوطنهم ..يَغشُون الوَغَى ويَعفُّون عند المغنم…ولم يدَّعِ هذا الفضل زعيمٌ سياسي واحد، فهم قد أوعزوا لمنسوبيهم بالإنسحاب من الميدان إيثاراً للسلامة بعد أن اكتملت دوائر تآمرهم الخبيث مع العسكر وشاركوهم في تدبير جريمة فض الإعتصام، لذلك فهم لم يبكوا على أحد ،ولم ينصبوا صيواناً للعزاء لأنهم ببساطة لا يعرفون ولا واحداً من الشهداء فهم بالنسبة اليهم مجهولي الهوية
…إلا عليٌّ ..إلا عليٌّ.. فهو صاحب الوجعة الوحي.*أما وفد بان عوار المحاكمة وخطل المحكمة وتسيس العدالة وذُبح القانون أمام الجمهور وغُيِّبَ الدستور…فعليكم بإطلاق سراح دكتور علي الحاج وإخوانه فوراً، وأطلقوا سراح كل مظلوم بين الجدران يقاسي الحرمان أوقعه القدر بين يدي حاكم لئيم وجبان
.