العالم يسابق الزمن لحل أزمة الحبوب
قال نائب وزير الزراعة الأوكراني تاراس فيسوتسكي، إن ما قد يصل إلى 300 ألف طن من الحبوب، قد تكون مخزنة في مستودعات دمرت من جراء القصف الروسي مطلع الأسبوع الماضي.
وأضاف فيسوتسكي في تصريحات بثها التلفزيون الوطني، إن السجلات تفيد بأنه عند بداية الحرب يوم 24 فبراير، كانت المستودعات في واحدة من أكبر محطات السلع الزراعية في أوكرانيا بميناء ميكولايف على البحر الأسود، تحتوي على ما يتراوح بين 250 إلى 300 ألف طن من الحبوب، معظمها قمح وذرة.
وبينما تحمّل أوكرانيا روسيا مسؤولية التسبب في أزمة غذاء عالمية نتيجة حربها، تتهم موسكو دولا غربية مسؤولية نقص إمدادات الحبوب بسبب العقوبات، وإمداد كييف بالسلاح، حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إن بلاده لا تقف في طريق صادرات الحبوب الأوكرانية، واصفا هذه الاتهامات بـ”الخداع”.
خدعة أم ابتزاز؟
وأثارت مشكلة تصدير الحبوب من أوكرانيا مخاوف من “مجاعة عالمية”، وخلافا دبلوماسيا حادا بين روسيا والغرب، في ظل مخاوف عالمية من أزمة على غرار جائحة كورونا.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة قد تحدثت في تقرير حديث عن احتمال انحسار أسواق الأغذية، وتسجيل الفواتير العالمية للواردات الغذائية مستوى قياسيا جديدا.
واعتبر المحلل العسكري الروسي، ألكسندر أرتاماتوف، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن مشكلات أزمة الحبوب وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتعرض بعض الدول لخطر المجاعة، قد تم تضخيمها في ظل الاتهامات الغربية المستمرة لموسكو.
وأضاف أرتاماتوف أن هذه الاتهامات باطلة وليست سوى “خدعة”، لا سيما بعد أن قدم الرئيس الروسي جميع الضمانات واستعداد روسيا ضمان تصدير الحبوب دون عوائق من موانئ أوكرانيا حال قيام كييف بإزالة الألغام من مياهها.
وأكد أرتاماتوف أن “موسكو لم تقدم ضمانات بشأن الموانئ فقط، بل كشفت عن وجود 4 مسارات أخرى لتصدير الحبوب الأوكرانية، عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة روسيا في بحر آزوف والبحر الأسود (ماريوبول وبيرديانسك وخيرسون)، وهذا المسار مفتوح دون أي شروط، لكن الغرب يريد استغلال الموقف ليس أكثر”.
وتابع أرتاماتوف موضحا أن باقي المسارات هي “عبر نهر الدانوب وبالطرق البرية إلى موانئ رومانيا على البحر الأسود أيضا، بينما يكون المسار الثالث عبر بولندا بسكك الحديد إلى موانئ بحر البلطيق، وأخيرا عبر بيلاروسيا إلى ليتوانيا، وهو أبسط وأرخص طريق، لكنه يتطلب رفع العقوبات الغربية عن مينسك”.
محاولات الإنقاذ
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “اتصالات مباشرة” مع 5 عواصم، بينها أنقرة، للتوصل إلى “صفقة شاملة” تتيح إعادة تدفق منتجات الغذاء الأوكرانية والسماد الروسي إلى السوق العالمية.
وأشار غوتيريش، خلال مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، إلى أن هناك تأثيرا متسارعا وشديدا للحرب على الأمن الغذائي والطاقة والتمويل، مشددا على أن “أسعار المواد الغذائية اقتربت من مستويات قياسية، وارتفعت أسعار الأسمدة بأكثر من الضعف”.
وحسب تقارير إعلامية، فإن “الصفقة الشاملة” التي تحدث عنها المسؤول الأممي كانت عبارة عن أسابيع من الاجتماعات والمباحثات الدولية، آخرها تلك انعقدت في أنقرة التي وصلها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء الماضي.
ووفق تلك التقارير، فقد تم التوصل إلى اتفاق مع الجانب التركي، وبناء عليه، يتعين على البحرية التركية تطهير المنطقة المحيطة بالموانئ الأوكرانية من الألغام البحرية وتوفير ممرات آمنة لناقلات الحبوب لحمايتها من أي قصف محتمل.
وأكد لافروف في مؤتمر صحفي بأنقرة الأربعاء: “نحن على استعداد لضمان سلامة السفن التي تغادر الموانئ الأوكرانية”.
وعن المساعي التركية للوساطة بين طرفي الصراع، قال الباحث الاقتصادي حسام عيد أبو نعمة، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “قد تصل المساعي إلى حل مؤقت مع طول أمد الحرب ورغبة الطرفين في تقليل الخسائر الاقتصادية والتجارية، نتيجة المعوقات التي تتعرض لها سلاسل الإمداد الغذائية ونقل السلع والمنتجات”.
وبيّن أو نعمة أن الوساطة التركية “يمكنها حل الأزمة حيث عرضت تركيا بعد طلب من الأمم المتحدة، مرافقة القوافل البحرية من الموانئ الأوكرانية، على الرغم من وجود ألغام جرى الكشف عن بعضها بالقرب من الساحل التركي”.