هل أعلن السيسي هزيمة مصر أمام إثيوبيا بمعركة سد النهضة؟
*هل أعلن السيسي هزيمة مصر أمام إثيوبيا بمعركة سد النهضة*؟
*خبير مصري: القاهرة رضخت للإرادة الأثيوبية تماما*
وكالات اثيرنيوز
في أول تعليق رسمي على إعلان إثيوبيا بدء عملية الملء الثالث لخزان سد النهضة الإثيوبي الصيف الحالي، أكد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده لم تدخل في صراع من أجل زيادة حصتها من مياه النيل.
وقال السيسي، خلال حضوره فعاليات المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي الأول، الذي انطلقت فعالياته في القاهرة الأحد، ويستمر إلى الثلاثاء: إن “حصتنا تقدَّر بـ55 مليار متر مكعب، ولم تتغير على مدار السنين الماضية، منذ أن كان عدد السكان ثلاثة أو أربعة ملايين نسمة وحتى الآن”.
وأضاف: لم ندخل في صراع مع أشقائنا الأفارقة من أجل زيادة هذه الحصة، عملنا على تعظيم مواردنا والحفاظ على كل قطرة مياه، دون مبالغة، من أجل مواجهة التحدي، وهو فرصة وليس عائقا؛ لذا عملنا برامج لمعالجة المياه معالجة ثلاثية متطورة.
وأوضح السيسي أن هذه البرامج الخاصة بمعالجة المياه وتحليتها مطابقة لمعايير منظمة الصحة العالمية، وتستفيد منها الدولة استفادة قصوى، وستجعل مصر أول أو ثاني دولة في العالم تستفيد من معالجة وتحلية المياه لصالح شعبها.
*اكتمال السد قريبا*
والجمعة، أعلنت إثيوبيا أن عملية الملء الثالث لسد “النهضة” ستكون في آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر المقبلين، بحسب تصريحات مدير مشروع السد، كيفلي هورو، لقناة “العربية” السعودية، أشار فيها إلى “احتمال تضرر مصر والسودان من عملية الملء”.
وقال هورو إن إثيوبيا “لن تسمح بوقف تشييد هذا المشروع، ولن تفعل ذلك ولن تسمح بتعطيله”، داعيا القاهرة والخرطوم إلى “التحلي بالعقلانية”، فيما لم يصدر تعليق فوري من مصر والسودان حول تصريحات المسؤول الإثيوبي.
*”رضوخ مصري”*
وفي تعليق، اعتبر الخبير المصري في هندسة السدود، محمد حافظ، أن “تصريح السيسي هو إعلان واضح لرضوخ وقبول مصر كل ما تفرضه عليه الإرادة الإثيوبية، وتفاخره بأن مصر تحتل المرتبة الأولى أو الثانية في مجال معالجة وتحلية المياه، فهذا ليس (إنجازا) بل إعلان واضح لفشل مصر في تأمين حصتها من مياه النيل العذب، ومن ثم لجوئها لمعالجة مياه الصرف الصناعي والزراعي”.
وأضاف لـ”عربي21″: “إلا أن السيسي لم يوضح للشعب المصري بأنه عندما تنخفض حصة مصر من مياه النيل العذب سينتج عن ذلك تبوير كمية كبيرة من الأراضي الزراعية، وعليه ستنخفض معها كمية الصرف الزراعي والذي يمثل قرابة 80 بالمئة من حجم المياه المعالجة، كما أنه لم يوضح للشعب المصري أن المتر المكعب من المياه المعالجة يكلف الميزانية أموالا ضخمة كان من الممكن أن توجه للصرف على تعليم وعلاج أبناء الشعب المصري”.
ورغم أن مصر والسودان استسلما للأمر الواقع، بحسب حافظ، إلا أن وضع الأخير يختلف كثيرا؛ لأنه غير متضرر بشكل كبير، فهو لا يعتمد على مياه نهر النيل الأزرق مثل مصر، كما أنه سوف يشتري حصة من كهرباء سد النهضة، مشيرا إلى أن ما قاله السيسي هو طلب غير مباشر للشعب المصري بالسكوت وتقبل الأمر على ما هو عليه وعدم مطالبة الجيش المصري بحماية أمنه المائي وأنه ما كان هناك أفضل مما كان.
*”تبريد درجة الصراع وتجميده”*
من ناحيته، يقول الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، الدكتور ياسر محجوب الحسين، إن “تصريحات الرئيس المصري الأخيرة المتعلقة بموضوع المياه تعد بمثابة تبريد عالي الدرجة لمستوى الصراع الذي استعر خلال السنوات الماضية بشأن سد النهضة الإثيوبي وتغيير لافت لموقف مصر من السد الذي كان موقفا رافضا لمبدأ قيام السد ووصلت درجة الرفض للتهديد بشن هجمات عسكرية مصرية على السد”.
وأضاف في تصريحات لـ”عربي21″: “ورغم أن القاهرة تمكنت من تغيير الموقف السوداني لصالحها بعد سقوط نظام عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة استهدفت إرسال رسائل تحذيرية لأديس أبابا، إلا أن كل ذلك لم يجد فتيلا ومضت الحكومة الإثيوبية في خطط بناء السد حتى أضحى واقعا واكتمل مشروعه بنسبة تصل إلى 90 بالمئة، وتصريحات السيسي تؤكد أنه لا مجال للنزاع المسلح، ويلاحظ أن تصريحات الإثيوبيين الأخيرة أظهرت لا مبالاة وربما تحديا لكل من القاهرة والخرطوم”.
فيما يتعلق بالسودان، أوضح محجوب أنه “طالما وضعت القاهرة أوزار الحرب على صعيد السد فإنه بالضرورة أن تضع الخرطوم أوزارها كذلك، إذ لم تكن بذات عنفوان المعارضة المصرية بل إن الخرطوم كانت أقرب لتأييد مشروع السد منه إلى معارضته، ولعل غرابة الموقفين المصري والسوداني أمر يشير إلى احتمال تدخل قوى دولية لصالح أديس أبابا والذي يعضد هذا الاحتمال أن إثيوبيا تعتبر الآن في أضعف حالاتها وتعاني من هشاشة كبيرة في أوضاعها الداخلية بسبب الصراع الدامي في إقليم التقراي”.
*”إثيوبيا انتصرت”*
من جهته، قال عضو مجلس النواب الفيدرالي الإثيوبي محمد العروسي إن بلاده “انتصرت” في أزمة سد النهضة، مضيفا في حوار خاص سابق لـ”عربي21″: “لقد أنجزنا اليوم إنجازا عظيما على أرض الواقع، رغم التحديات والصعوبات التي واجهناها”.
وبينما تتجمد المفاوضات الثلاثية منذ نحو عام، تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن إثيوبيا ترفض ذلك وتؤكد أن سدها الذي بدأت تشييده قبل نحو عقد لا يستهدف الإضرار بأحد.
عربي21