السودان ولَيْ الذراع.. ادوات الابتراز ومؤسسات التمويل الدولي
يبدو الآن أمريكا والغرب يستخدمون كل ادواتهم الفاعلة من اجل تركيع البلاد ولي ذراعها ضمن صراع المصالح الذي تفجر وازدادت حدته بعد التحولات العالمية العميقة التي اصبحت جزءا من مضاعفات العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا! ليتبدل الموقف الامريكي الذي ظل غائما وضبابيا تجاه ماحدث في السودان بعد قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر تلك القرارات التي اتخدتها قيادة الجيش بعد اجتماع متأخر مع مسؤول امريكي بارز! ظل فيها الموقف الامريكي يراوح مكانه دون موقف حاسم سوى بعض التصريحات الخجولة ومحاولة التعامل معه من خلال واقع الامر!
يتساءل كثير من الخبراء حول السبب المفاجئ الذي جعل امريكا تغير من موقفها تجاه الاوضاع بالسودان نحو موقف اكثر صرامة من خلال ردود الافعال القاسية التي برزت في هذه الايام ضمن مراحل بدأتها بتحريك ادواتها الدولية التي عادة ما تستخدمها للابتزاز ولي ذراع الدول والشعوب بحيث اعلن صندوق النقد والبنك الدولي اشتراطهما علي السودان مهلة حتى يونيو المقبل لحل الأزمة السياسية والعودة لمسار الانتقال المدني؛ لإعفاء الديون الخارجية والتي تفوق 60 مليار دولار والتهديد بالغاء خطة الإعفاء الموعودة لديون البلاد الخارجية.
رغم الازمة الاقتصادية التي يعيشها السودان وغياب التمويل الدولي عن موازنة 2022م التي اعتمدت على الموارد الذاتية الشحيحة والجبايات، بما زاد من معدلات التضخم وساهم في عدم استقرار سعر الصرف، الأمر الذي تسبب في مزيد من التدهور وغلاء طاحن أثر في الأوضاع المعيشية للمواطنين؛ كما زاد من مخاطر مضاعفة ديون السودان الخارجية في حال عدم تمكنه الواضح بتنفيذ طلبات البنك الدولي!
مع تجميد المساعدات الدولية في وقت احوج ما يكون لها اقتصاد البلاد المتدهور والتي كان يمكن أن تعالج العديد من الضغوط الاقتصادية!
الان يبدو ان امريكا تستعد لبدء جولة جديدة لابتزاز البلاد مع اقتراب الموعد المحدد للوصول إلى نقطة النهاية للوفاء بمتطلبات الاستفادة من مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون “هيبك”، والمقرر في يونيو المقبل! بالضغط علي قبول العملية التسهيلية للآلية الثلاثية مقابل فك تجميد الدعم والاستفادة من “هيبك” واستعادة المسار الديمَقراطي الذي يعني سيطرة الغرب عبر وكلائه المحليين وعملائه مزدوجي الجنسية وعودة البلاد الي الاستعمار الحديث مرة اخرى او خضوعه الاجندة الامريكية الغربية ضمن تقاطع المصالح مع روسيا بحسب الرؤية الامريكية التي صرحت بها سابقا مساعد وزير الخارجية “مولي فيي” باعتبارها السودان ساحة لتقاطع المصالح الامريكية الروسية!
وليس بعيدا عن ذلك ايغال الادارة الأمريكية في تكثيف العمل بين يدي العملية الاممية للضغط علي الحكومة والتيارات الوطنية الاخرى التي تحفظت علي اجراءات الالية الثلاثية وما داخلها من شك عميق في نوايا المسؤول الاممي بالسودان وفي هذا الاطار قرأ كثير من المراقبين والخبراء قرار مجلس الشيوخ الامريكي الذي تم بالاجماع السكوتي! واشادة رئيس لجنة العلاقات الخارجية الديمقراطي “بوب مننديز” ووصفه مشروع السودان “بالخطوة الضخمة تجاه تحميل المجلس العسكري مسؤولية تهديد انتقال السودان نحو الديمقراطية؛ متابعا تصريحه بان قادة المجلس العسكري يستمرون ايضا” في استغلال قطاع التنقيب عن الذهب في السودان لمكاسبهم الخاصة بالتعاون مع روسيا! حان الوقت كي تتخذ اميركا وشركاؤها قرارا”سريعا” لدعم تطلعات ملايين السودانيين الشجعان من خلال ارسال رسالة للمجلس العسكري : اتركوا السلطة للحكم المدني وعودوا الى ثكناتكم”
بهذا الحماس الذي يمثل بداية لحصار امريكي شامل للبلاد وعزلها عن كل المؤسسات الدولية التابعة لها والتي لاتمثل سوي ادوات واذرع امريكية للسيطرة ينهي رئيس لجنة العلاقات الخارجية تصريحه الذي يبدو كأنه مناصرة لقيم العدالة والديموقراطية انحيازا للشعب السوداني ولكنه في حقيقة الامر الصراع المكتوم باعتبار البلاد نقطة تقاطع مابين المصالح الامريكية الروسية؛ لاحبا في الثورة او الشعب الذي فجرها او حتي المسار الديموقراطي الذي تتغني به امريكا وهي تبني اكثر علاقاتها الاستراتيجية مع دول ابعد ماتكون عن الديموقراطية!