ميثاق تأسيس سلطة الشعب .. المقاومة تتكئ على مرجعية سياسية!!

بعد بلوغ الثورة السودانية مداها باسقاط نظام البشير ، مثلت القوى السياسية الثوار في العملية التفاوضية مع العسكر في أعقاب مجزرة فض الاعتصام ونتج عن ذلك توقيع الوثيقة الدستورية ولكنها لم تصمد امام خيانة العسكر الذين مزقوها بانقلابهم في الـ25 من اكتوبر الماضي هذا ما جعل لجان المقاومة التي تقود الحراك في الشارع ترفض التفاوض مع العسكر وترفع لاءاتها الثلاث شعاراً وصولاً للتغيير الجذري، لذلك راهنت لجان المقاومة على ميثاق تأسيس سلطة الشعب حتى يمثل مرجعية سياسية لها بعيدا عن الاحزاب ، دشنت المقاومة الميثاق بالتوقيع النهائي على صيغته النهائية ما فتح الباب على مصرعيه أمام تجربة سياسية جديدة.

ميثاق سلطة الشعب:

هتف الثوار أمس الأول “الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل، وشهداءنا ما ماتوا عايشين مع الثوار المات ضمير خائن حالفين نجيب التار” وبالرغم من أن هذا الهتاف هو الاعلى حظا في المواكب ولكن هذه المرة كان أثناء التوقيع على ميثاق سلطة الشعب ، حيث وقعت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم على ميثاقها السياسي ” ميثاق تأسيس سلطة الشعب” في صيغته النهائية و المطروح كمرجعية للفترة الانتقالية من ثلاثة عشر بنداً .

وأوصد الميثاق الباب أمام كافة الأحزاب التي شاركت حزب الرئيس المعزول إلى حين سقوطه، كما شدد على تقديم القوى السياسية التي قبلت التفاوض وانتجت الشراكة مع المكون العسكري لنقد ذاتي للتجربة الانتقالية مع السماح للاحزاب والحركات المسلحة التي لم تكن طرفاً في إجراءات 25 أكتوبر الماضي التوقيع بشكل منفرد على الميثاق.

ونص الميثاق على تشكيل مجلس تشريعي انتقالي من قوى الثورة الحية و مجلس وزراء من كفاءات وطنية مستقلة منحازة للثورة وتشكيل 12 مفوضية خاصة بالسلام والعدالة الانتقالية والخدمة المدنية والدستور والانتخابات والإصلاح الأمني لتشكيل جيش مهني واحد عبر دمج وتسريح جيوش الحركات وحل المليشيات .

وتمسك الميثاق الذي تلي خلال مؤتمر صحفي أمس الاول على تحقيق الدولة المدنية ومواصلة النضال السملي، مؤكداً رفض أي تفاوض مباشر أو غير مباشر مع المكون العسكري، وشدد على ضرورة إلغاء الوثيقة الدستورية برمتها لخلق وضع دستوري جديدة لفترة انتقالية مدتها عامين، وبناء دستور انتقالي يؤسس لهياكل حكم انتقالي عبر القوى الموقعة على الميثاق تعمل على تحقيق اهداف الثورة وانجاز مهام التغيير ، كما شدد الميثاق على ضرورة تكوين مجالس تشريعية انتقالية محلية وولائية وفق الصيغ الاجرائية التي تم التوافق عليها مع لجان المقاومة ببقية ولايات السودان والقوى الموقعة على هذا الميثاق ، واشترط الميثاق ان انشاء مفوضيات تتولى ملفات الانتقال الديمقراطي لتعالج القضايا النوعية التي طرحتها شعارات ثورة ديسمبر ، كما شدد الميثاق على ضرورة التأكيد على مبدأ ان قضية العدالة الانتقالية والجنائية هل الضامن الاساسي لانتقال سياسي اجتماعي مكتمل الجوانب، ونوهت الى ان يتم ذلك عبر مخاطبة جذور الازمة وتشكيل حائط صد وردع حقيقي لكل من يفكر بسفك الدماء والانتهاكات بحق الشعب مستقبلا، بجانب سن قوانين للعدالة الانتقالية لضمان المحاسبة وعدم الافلات من العقاب، بالاضافة الى ربط لعملية العدالة الانتقالية مع عملية السلام واصلاح السلطة القضائية والعدلية واعادة هيكلتها وعملية اصلاح القوات النظامية واعادة بنائها بحيث لا يمكن فصلها عن هذه القضايا بأي حال من الاحوال، واشترط ميثاق السلطة تكوين مفوضية العدالة الانتقالية القومية من الخبراء والقانونين والمختصين من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة الملمين بكل الجوانب العدالة ، وشدد على ضرورة فتح تحقيقات في الجرائم والنزاعات المختلفة التي ساهمت في نزع الموارد من اصحابها بعير حق وتراكم الثروات في ايادي المنتفعين وتجار الحروب.

اصلاح المنظومة العسكرية:

وبحسب ميثاق سلطة الشعب الذي اطلعت عليه “الجريدة” شدد على ضرورة اصلاح المنظومة الامنية والعسكرية ، واشترطت اخضاع جميع الاجهزة الامنية والعسكرية واجراءات اصلاحها للسلطتين التنفيذية والتشريعية ، واعادة بناء جهاز المخابرات الوطني وضبط صلاحياته لتقتصر على جمع المعلومات وتصنيفها وتسليمها الى جهات الاختصاص، وشدد على ضرورة اعادة هيكلة الشرطة واصلاحها ، واصلاح شامل واعادة هيكلة للقوات المسلحة وتكوين جيش مهني وطني موحد، كما شدد الميثاق على ضرورة حل جميع المليشيات والدعم السريع ، واعادة تأهيل ودمج وتسريح جميع الحركات المسلحة وفق الاليات المتبعة في الدمج والتسريح ونزع السلاح بعد اتفاق سلام شامل، بالاضافة الى تكوين مفوضية اصلاح القطاع الامني والعسكري من المعاشيين والمفصولين تعسفيا من الجيش والشرطة المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، والعسكريين الشرفاء المنحازين لثورة ديسمبر في الخدمة .

ونوهت لجان المقاومة إلى أن لجان الولايات ستوقع على الميثاق ، وكشفت عن اخطارها الآلية الثلاثية خلال لقاء أولي أنها لن تحدد موقفها من المباحثات قبل طرح الميثاق الذي سيتيح عرض الدعوة الأممية لقواعد اللجان لتحديد موقفها من العملية السياسية برمتها.

هذا وقد تم التوقيع على ميثاق تأسيس سلطة الشعب من قبل١٤ تنسيقية بولاية الخرطوم، وهي (تنسيقية لجان مقاومة امدرمان جنوب لجان أحياء امبدة، مركزية دار السلام أمبدة ، تنسيقية لجان مقاومة كرري، تنسيقية أم درمان القديمة، تنسيقية الاربعين والموردة والفيل والعرضة، تنسيقية الخرطوم غرب ، تنسيقية لجان احياء بحري، مركزيات جبل أولياء، تنسيقية الكلاكلات وجنوب الخرطوم تنسيقية الخرطوم شرق، الخرطوم جنوب تنسيقية الحاج يوسف، تنسيقية شرق النيل جنوب).

لن تكون عن معزل عن الشعب:

وقال عضو لجان مقاومة الخرطوم الذي فضل جب اسمه لـ”الجريدة” نرجوا من جميع مكونات هذا الشعب ابداء ملاحظاتها على الميثاق نقدا أو دعما فهم اصحاب حق ، ونوه الى ان لجان المقاومة لن تكون في معزل عن الشعب السوداني واضاف: لذلك ندعو حتى الذين لهم رأي فينا كلجان مقاومة وليسو راضين عما نقوم به ان يتركوا رأيهم للحظات ويقرأوا هذا الميثاق بحيادية تسمح لهم بأن يبدو رأيهم فيه بالاضافة أو الحذف حتى يخرج هذا الميثاق كما يريد الشعب وليس كما تريد لجان المقاومة ولا نريده ان يمثل شريحة معينة دون الاخرى.

الميثاق الاتجاه الصحيح:

واعتبر عضو تنسيقيات لجان مقاومة امبدة محمد بخيت “جازم” الميثاق خطوة في الاتجاه الصحيح، الا انه عاد واستدرك قائلا : كان يجب على تنسيقيات ولاية الخرطوم ان تنتظر رؤى ومواثيق الولايات حتى يتم التوافق عليها، ومن ثم يتم ارجاعها الى القواعد للمناقشة حولها ، وبعد ذلك يتم الاستفتاء الشعبي حول الميثاق من قبل الشعب، وبرر ذلك لجهة ان الشعب هو يمثل القاعدة الجماهيرية للميثاق، ، وشدد على ضرورة ان يشمل الميثاق كافة تفاصيل واهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وجدد تمسكه بارجاع الميثاق للقواعد لمناقشته قبل التوقيع عليه لصياغته والعمل بالملاحظات .

المناقشة والتوقيع:

قال عضو لجان مقاومة محلية ابو حمد بعد التوقيع على ميثاق سلطة الشعب اليوم من لجان مقاومة ولاية الخرطوم يجب طرحه لبقية الولايات لمناقشته والتوقيع عليه بعد تقديم ملاحظاتها وارائها وهذا معناه مزيدا من الزمن الذي لا نملك منه الكثير ، فالشعب يعاني تحت رحمة الانقلاب وسلطته التي لا عمل لها غير قتل الثوار في جميع المواكب ومع ذلك ما تزال الاجهزة النظامية تتمتع بقرار الحصانة الممنوح لها من مجلس (سيادتهم ) لتنفيذ قانون الطوارئ دون أي محاسبة ما جعل عدد الشهداء ٩٥ شهيدا حتى الآن بخلاف الجرحى والمصابين ، واضاف: ما زالت الزنازين تمتلئ بالمعتقلين دون أي قضية سوى حب الوطن التي جعلت شهدائنا الاكرم منا جميعا يقدموا ارواحهم في سبيلها وما زال غربنا الجريح يسبح في الدماء، وشدد على ضرورة تسريع الخطوات قدر المستطاع لجهة ان هناك انقلاب قائم حتى الان وجاثم علي صدر هذا الشعب، وزاد : لذلك سنحتاج كل جهدنا لاسقاطه فهو يترنح نعم.. ولكن يتوجب علينا من اليوم وصاعدا العمل على وحدة قوى الثورة التي طال الحديث عنها.. يجب اتخاذ خطوات عملية في هذا الشأن، خصوصا أن قوى الظلام بدأت فعلياً في جمع صفوفها لتقدم نفسها للآلية الثلاثية باسماء مستعارة وكلنا نعلم براعتهم في التلون وتغيير الجلد .

الشعب صاحب السيادة :

واعتبر عضو لجان مقاومة عطبرة فضل حجب اسمه لـ”الجريدة” التوقيع على ميثاق سلطة الشعب خطوة في الاتجاه الصحيح، وقال نبارك لجموع الشعب السوداني صدور ميثاق سلطة الشعب الذي يعطي لهذا الشعب الحق في أن يختار كيف يحكم وكيف تدار الدولة.. ولأول مرة في تاريخ السودان يكون الشعب هو صاحب السيادة والسلطة الأعلى قولاً وفعلاً ، كما نجدد تهانينا لأهلنا في كل اطراف السودان جنوباً وشمالأ وغربا وشرقا بصدور هذا الميثاق والذي سيفتح الباب بعده للجلوس على طاولة من أجل وحدة قوى ثورة ديسمبر التي طال انتظارها .

شهر مايو سيكون صفيه ساخنا على الانقلابيين واضاف: الآن الوقت للعمل والانقلاب غير قادر على الصمود في وجه المد الثوري فقد نخرت سوسة المصالح عوده ، والان نلاحظ محاولات القفز من المركب قد بدأت و الايام القادمة تحمل في طياتها الكثير من التلاوم والتملص والمراوغة ولكن نقول لهم التاريخ سجل في دفاتره ما دار والتاريخ لا يرحم.

خطوة في مسيرة النضال:

ومن جهتها قالت تنسيقية أمدرمان القديمة في بيان تحصلت “الجريدة” على نسخه منه : تلاحمت أيادي الثوار في خطوة تعتبر الاهم في مسيرة نضال الثورة السلمي المفضي إلى السودان الشعبي الديموقراطي الحر الخالي من سوس حكم العسكر الذي ما زال ينخر في عظم وحدتنا قتلاً، وفقراً، وقهراً، واعتقالاً ، وزاد : نضع بين يديكم ما تم التوقيع عليه من (ميثاق تأسيس سلطة الشعب ) الذي لا نقول انه الطريق المنزّه الأقدس؛ بل هو شمعة تضيء طريق الخلاص للوطن العزيز ، ونوهت الى انه سيتم العمل مع كافة لجان المقاومة في شتى ربوع البلاد وكل القوى الثورية المؤمنة بالتغيير لاستكمال أهداف الثورة نحو التأسيس لسلطة الشعب.

خطوة مهمة وحاسمة:

وقالت تنسيقية لجان الحاج يوسف اليوم كان عُرس الفداء وكان الفرح الجميل إذ انجزت المقاومة الشعبية خطوة مهمة وحاسمة في طريق توحيد قوى الثورة بتوقيعها ميثاق تأسيس سلطة الشعب لولاية الخرطوم والذي جاء بعد مجهود مقدر بُذل من قبل بنات وابناء شعبنا ، فاتحاً الطريق للمزيد من التشبيك مع بقية الولايات المختلفة، واضافت ان استكمال مهام توحيد قوى الثورة لن يتم مالم يستمر الحراك والتصعيد الثوري، ودعت الثوار و الثائرات للخروج في المليونيات و إلتزاماً بجدول مايو، واردفت : “الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”، وجددت تمسكها باللاءات الثلاثة المتمثلة “لاتفاوض، لاشراكة، لامساومة“

ترحيب تجمع الصيادلة بالميثاق:

ومن جهته رحب تجمع الصيادلة المهنيين بميثاق سلطة الشعب الذي وقعته تنسيقيات ولاية الخرطوم أمس الاول ـ وجدد التجمع تمسكه باللاءات الثلاثة المتمثلة في “لاتفاوض، لاشراكة، لاشرعية” .

الجريدة

مقالات ذات صلة