مطالبة بتحقيق شامل وتجنب لاتهام إسرائيل.. هكذا تعاملت واشنطن مع استشهاد شيرين أبو عاقلة
واشنطن- على مدار ساعات يوم أمس الأربعاء تزاحمت التعليقات الأميركية الرسمية وغير الرسمية المندّدة بحادثة اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة التي وقعت مع انتصاف الليل بالتوقيت المحلي، ودعت جميعها للتحقيق الشفاف في الحادثة.
وتطور المواقف الأميركي على مدار اليوم إلا أنه توقف من دون إلقاء المسؤولية على الجانب الإسرائيلي، بانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات.
تدرج الموقف الأميركي
بدأ الموقف الأميركي الرسمي مترددا وتحاشى التعبير بوضوح، سوى التعبير عن إدانة حادثة القتل من دون توجيه أصابع الاتهام إلى الطرف الإسرائيلي.
وكانت البداية من السفير الأميركي لدى إسرائيل، توم نيدز، الذي طالب بإجراء تحقيق شامل في ملابسات مقتل شيرين، وغرد قائلا “محزن جدا علمنا بوفاة الصحفية الأميركية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة”.
ثم جاءت دعوة النائبة بمجلس النواب رشيدة طليب، ذات الأصول الفلسطينية، للوقوف دقيقة صمت حدادًا على روح مراسلة الجزيرة، لتكشف لأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب عن حمل شيرين للجنسية الأميركية وأن الضحية “صحفية أميركية”.
ومع مرور الساعات خرجت الإدانات من كبار قادة الكونغرس مطالبين بضرورة إجراء تحقيق سريع وشفاف للكشف عن ملابسات الحادث، واستمر تجنب اتهام إسرائيل بالمسؤولية عن حادثة القتل.
ودانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي مقتل أبو عاقلة، وعدّتها مأساة مرعبة، وطالبت بإجراء تحقيق محايد.
وكرر الموقف نفسه عدد من كبار أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، من أبرزهم السيناتور روبرت ميندينيز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
وعلى عكس علاقة العداء التي جمعت إدارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب من جانب والصحافة والإعلام الأميركي والعالمي من جانب آخر لدرجة وصفه لها بأنها “عدوة الشعب”، تبنّت إدارة الرئيس جو بايدن موقفا مؤيدا لحرية الصحافة وحرية الرأي بخاصة في مناطق النزاعات.
وقبل أسبوع واحد أثنى بايدن في مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة “على شجاعة الصحفيين في مختلف أنحاء العالم وتضحياتهم، وعلى كل من يسعون جاهدين لإبلاغ الآخرين وتثقيفهم وتنويرهم”، وقال “إن عمل وسائل الإعلام الحرة والمستقلة مهم الآن أكثر من أي وقت مضى”.
وأعقب ذلك مشاركة الرئيس بايدن في حفل مراسلي البيت الأبيض السنوي، حيث أكد أهمية حرية العمل الصحفي وإستراتيجيته وأنه أحد أهم المبادئ التي تقوم عليها وتناصرها الولايات المتحدة داخل حدودها وخارجها.
وفي سلسلة من 5 تغريدات، عبّرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي عن “الشعور بالأسى عندما علمنا بمقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة، وإصابة زميلها المنتج علي السمودي اليوم في الضفة الغربية، نرسل أعمق تعازينا لعائلتها وأصدقائها وندين بشدة مقتلها”.
المطالبة بتحقيق مستقل
اتفق البيت الأبيض والخارجية على المطالبة بإجراء تحقيق “فوري وشامل” ومحاسبة المسؤولين عن اغتيال الزميلة أبو عاقلة.
كما قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، في إفادة للصحفيين في نيويورك، إن إدارة بايدن “تشجع الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، على المشاركة في هذا التحقيق حتى نتمكن من معرفة سبب حدوث ذلك”.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت المديرة التنفيذية لـ”منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن”، سارة لي واتسون، إلى أن “دعوة إسرائيل إلى التحقيق مع نفسها في مقتل صحفية أميركية هي حيلة هزلية وجوفاء للسماح لها بالإفلات من العقاب على جرائمها”.
وقالت إن “سجل إسرائيل في التحقيقات واضح: الإنكار، يليه الأكاذيب، تليها التبييض. من المخجل أن تكون الإدارة الأميركية سعيدة بالمطالبة بالسماح لإسرائيل باتباع نهجها الذي تمارسه دوما حتى عندما يقتل صحفي أميركي بوحشية شديدة عن طريق رصاصة في الرأس”.
تغطية الإعلام الأميركي
ومع حلول ساعات المساء، حلّ مقتل شيرين على رأس موضوعات برامج الإذاعة الوطنية الأميركية، فقد خصص برنامج “العالم” (The World) فقرته الأولى التي امتدت على مدار أكثر من 15 دقيقة للحديث عنه.
كما عرضت شبكة “سي إن إن” (CNN) تقريرا مصورا يفصل لحظات القتل من دون الإشارة بأصابع الاهتمام إلى الجانب الإسرائيلي، في حين نشر موقع الشبكة الإلكتروني مجموعة تقارير ركزت على عرض الروايات الفلسطينية والإسرائيلية للحادثة، كما تطرقت إلى تفاصيل حياة الشهيدة شيرين المهنية.
أما شبكة “بي بي إس” (PBS)، الممولة حكوميا، فقد تعرضت للحادثة في برنامجها الإخباري الرئيسي، وعرضت تقريرا أشاد بالشهيدة شيرين، وتحدثت فيه إلى أفراد عائلتها، كما ركز تقرير الشبكة على التوتر المتزايد لعلاقات إسرائيل وسائل الإعلام.