خبير اقتصادي : استمرار العزلة الدولية يفاقم أزمة الجنية السوداني
قال الخبير الإقتصادي د. وائل فهمي، رفع الفائدة للدولار سيزيد من تدهور سعر صرف الجنيه السوداني، خاصة مع ضعف حصيلة الصادرات السودانية وضغط العزلة المالية الدولية التي يعاني منها السودان منذ ٢٥ اكتوبر.
وأشار إلى ان ماساة استقرار الاقتصاد السوداني وحمايته من الصدمات بالداخل والخارج ليس جزءا من منظومة صناعة السياسات الاقتصادية للفئات الحاكمة بالسودان من الناحية العملية.
واضاف لـ(الراكوبة) انه “من الواضح على ارض الواقع بانهم غير مهمومين به حتي تاريخه”، مؤكدا أن حكومات الفترة الانتقالية تعاني من فقر الإرادة السياسية الحقيقية في حل الأزمة الإقتصادية الطاحنة للغالبية من الشعب.
وأضاف: “ايديولوجيتهم النيوليبرالية بعيدة عن مقتضيات تثبيت الاقتصاد السوداني باستمرار تبني وصفات بريتون وودز التضخمية التي كان يمكن لاسعار الفائدة ان تساهم في محاربة تضخمها لدرجة”.
وأشار الى امكانية البدء بابراز حقيقة قوة الارتباط الطردية الوثيقة بين اسعار الفائدة واسعار صرف العملات الوطنية. مردفاً: “ارتفاع سعر صرف الدولار يؤدي الى اضعاف اسعار عملات الدول التي تعتمد على الدولار للشراء من السوق العالمي ما لم تجاري امريكا في رفع اسعار الفائدة وتتوفر لديها نفس الامتيازات الامريكية بالمقابل”
وجزم بان السودان يفتقر الى اقوى اسلحة الساسية النقدية المتمثلة في اسعار الفائدة وذلك بالمقارنة مع ادوات السياسة النقدية البديلة لها والتي لم تستطع الدفاع، او ايقاف تدهور سعر صرف الجنيه السوداني الذي كان يخفض ويتدهور سنويا بما لم يؤدي الى ايقاف تفاقم الاختلال الهيكلي بميزان المدفوعات والاختلالات الداخلية، وذلك منذ الغاء التعامل باسعار الفائدة تحت مسمى ” اسلمة النظام المصرفي السوداني.”
ولفت الى ان توصية اللجنة الاقتصادية لقحت،”كانت لها رؤية لتسليح البنك المركزي والجهاز المصرفي (خاصة الحكومي) السوداني باقوي ادوات الاسلحة النقدية للمساهمة في الحد من تدهور القوة الشرائية (الداخلية والخارجية) للجنيه السوداني امام العملات الاجنبية للمساهمة، على الاقل جزئيا، في تخفيض العجز الخارجي والحد من التضخم داخليا، وذلك بتاسيس النظام المصرفي المزدوج، حيث ضمنت التوصية في وثيقة توصيات المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد بقاعة الصداقة في ٢٦ – ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٠ ولكن دون اي تحقيق او تقدم عملي موضوعي في تنفيذ هذه التوصية على ارض الواقع عمليا”.
وذكر فهمي ان “صدمة رفع اسعار الفائدة الامريكية لايقاف تدهور الدولار الامريكي مقابل الروبل الذي تم ربطه بالذهب سيترتب علي ذلك استيراد التضخم من الخارج الى زيادة غلاء اسعار كل من النفط (الذي يتجاوز اكثر من نصف الاستهلاك المحلي) وايضا القمح وبالتالي جميع السلع المنقولة بذلك النفط (حيث سيرتفع سعر النفط المنتج محليا الذي تم تسعيره بالسعر العالمي ايام وزير المالية الاسبق د. ابراهيم البدوي).
وبالتاكيد سيضيف الى ازمة التضخم الجامح بالبلاد”.
وبين ان قوة الدولار الامريكي، وعملات الدول التي سترفع اسعار فائدتها لحماية اقتصادياتها من هروب رؤوس الاموال الساخنة التي تسعي لاسعار الفائدة المرتفعة عبر الاستثمار في أدوات الدين الحكومية والسندات السيادية، خاصة الامريكية، او الحد من تفاقم التضخم الداخلي بها، بما يؤدي الى تدهور سعر صرف الجنيه السوداني بالمقابل خاصة مع ضعف حصيلة الصادرات السودانية وضغط العزلة المالية الدولية التي يعاني منها السودان منذ ٢٥ اكتوبر من العام الماضي الى جانب هروب رؤوس الاموال الساخنة السودانية الى الخارج بزيادة الطلب على العملات الاجنبية سواء من البنوك السودانية او السوق الموازية التي قد تنتعش مرة اخرى.
وتابع: “ايضا رفع اسعار الفائدة سترفع تكاليف تمويل العمليات الانتاجية والاستثمار في مشاريع جديدة يترتب عليها ضعف الانتاج، في حالة المشاريع التي تعتمد في انتاجها على تمويلات البنوك، والانفاق على مشاريع جديدة او التوسع في مشاريع قائمة، وبالتالى ركود اقتصادي يضيف الى ازمة الركود المحلي المتفاقم بسبب التضخم الجامح السائد محليا بما يترتب عليه مفاقمة عجز الموازنة العامة من الموارد الحقيقية وتلجاها الى زيادة طباعة النقود وبالتالى زيادة في معدلات التضخم (الجامح اصلا) بالسودان حاليا.”
وزاد: “ايضا سيؤثر ارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي سلبيا على اسعار الذهب عالميا بما يؤثر على حصيلة صادر الذهب السوداني غير المهرب بما قد يفاقم خاصة عجز الميزان التجاري الى جانب ارتفاعات اسعار النفط والغذاء المستوردين من الخارج وهو ما سيؤثر سلبا على احتياطات البلاد من الاجنبية ويضعف قدرات البنك المركزي، عبر المصارف السودانية، في تثبيت او استقرار سعر الصرف ايضا في ظل التضخم السائد بالبلاد حاليا وغياب اداة سعر الفائدة من التعامل بها”.