عثمان ميرغني.. يكتب .. الرئيس !!
عثمان ميرغني.. يكتب: الرئيس !!
رئيس أوكرانيا السيد فولوديمير زيلينسكي كان في السابق ممثلا كوميديا، أنتج مسلسلا كوميديا أطلق عليه اسم “خادم الشعب” ولعب فيه دور البطولة بتمثيل شخصية رئيس الجمهورية، ثم أنشأ حزبا سياسيا بالاسم نفسه، والتف حوله الناس وفاز في الانتخابات هو وحزبه.
زيلينسكي وضعه القدر أمام امتحان رهيب، أن يواجه الدولة رقم اثنين في الترتيب العالمي العسكري، دولة أكبر منه حجما وسكانا واقتصادا وقوة عسكرية.. و مع ذلك لم يتردد خلع لباسه الرسمي واستبدله بملابس الميدان الغامقة العسكرية وقدم نموذجا لرجل الدولة القائد.
لا يكاد يمر يوم لا يظهر زيلينسكي في شاشة احدى القنوات العالمية، أو في حوار صحفي أو في مشاهد في الشوارع وهو يتجول أحيانا مع بعض كبار الزوار مثل رئيس وزراء بريطانيا السيد بوريس جونسون.
تخرج من الجامعة بشهادة عادية في القانون، ولكنه اختار الموهبة فاتجه للانتاج الدرامي.. ليس لديه شهادة من جامعة شهيرة في أمريكا أو بريطانيا ولا يحوز على لقب دكتور أو بروفسير أو ما شابه.. لا يحمل جواز سفر أجنبي أو خبرة عمل في منظمات اجنبية.. لكنه مع ذلك كان يحمل مؤهلا خطيرا هو الذي ارتقى به للمنصب الأول في بلده.. كان يحمل تصورا واضحا لبرنامج نهضة لبلاده، و من وحي المسلسل الذي أدى فيه دور رئيس الجمهورية رسم العلاقة بين الرئيس والشعب ولخصها في عنوان المسلسل “خادم الشعب”.
هنا في بلدي المكلوم في ادارته السودان، عندما حانت لحظة البحث عن “رئيس” بعد انتصار الثورة، كان الضمير السياسي ينظر ويحدق في ورقتين، الأولى:
شهادة تخرج من جامعة في أوروبا أو أمريكا و لقب علمي. الثانية: وهي الأهم ؛ جواز أجنبي.
وللحقيقة لم تكن هذه الوصفة حصرا على “الرئيس” بل حتى الوزراء، و ربما سكرتاريتهم ومدراء مكاتبهم.. فكانت النتيجة ان الغابية الكاسحة من الحكومة الأولى بعد الثورة من حملة الجوازات الأجنبية، بل وكان بعض المسؤولين يفخرون حين سفرهم في الخارج بعبور المطارات بالجواز الاجنبي لا السوداني، من باب الوجاهة.
لا أحد يدقق في محتويات “رأس الرئيس”، هل لديه خطة واضحة، هل يحتمل تفكيره التعاطي مع مطلوبات المرحلة بكل ما فيها من تحديات.. لا.. بل أكثر من ذلك، ومن أول يوم تولى فيه “الرئيس” منصبه، وقبل أن يكمل يوم عمله الاول اجتاحت الوسائط حمى “شكرا_حمدوك” لدرجة أنه هو شخصيا كان في منتهى الحيرة على ماذا يُشكر وهو لم يبدأ عمله..
النتيجة الحتمية كانت متوقعة، وقع كأس الزجاج من يد “الرئيس” وعدنا للمربع الأول، وكتب الله على شعب السودان أن يفتح دفاتر التضحيات بالدماء مرة أخرى ليضيف للشهداء حوالي 100 منذ فجر الانقلاب في 25 أكتوبر حتى اليوم..
الآن يجري البحث عن “الرئيس” ربما بالفهم ذاته، جواز أجنبي ولقب علمي ..
و هذه دعوة مفتوحة، ان كنت تحمل جواز سفر أجنبي – لا يهم الدولة- و حزت على لقب علمي دكتور أو بروفسير من أية جامعة وفي أي تخصص.. فأنت تصلح لمنصب “الرئيس” في السودان.. ولا تتردد فمن أول يوم ستنال وسام(شكرا_ …..) ضع اسمك أو لقبك في المكان الفارغ، ولضمان النجاح الجماهيري التزم بالقاعدة الذهبية.. لا تتكلم مطلقا.. مهما ضجت الدنيا من حولك وادلهمت الازمات حافظ على صمتك.. لأن الصمت يفسر شعبيا بـ(راقدلو فوق راي)..
ولا يهم أي رأي !!