الحزب الشيوعي… سياسة فرق تسد ونهاية شمشون المعبد
لم يخيب الحزب الشيوعي توقعات عدد من المراقبين السياسيين برفضه للتسوية السياسية وإعلان رفضه لمشروع الوفاق الوطني معتبرها ذلك يحدث تفاقم لتداعيات الأزمة، ويشير المحلل السياسي احمد الناظر إلى أن مواقف الحزب الشيوعي ظلت تعمل على بعثرة الوان الطيف السياسي حتى يحقق مصالحه الخاصة، وأن الشيوعي يعتبر المسؤول الأول عن فشل الحكومة الانتقالية السابقة وكان سببا مباشرا في تزييف شعارات الثورة والمتاجرة بمكاسب ديسمبر،
واضاف الناظر إلى أن الشيوعي دفع بكوادره إلى مفاصل الخدمة المدنية وفي ذات الوقت تحول إلى خانة المعارضة في تناقض غريب، وفي ذات الوقت ظل الشيوعي مختلفا مع كل القوى السياسية قاطبة ومناهضا لاتفاقية جوبا للسلام برغم مكاسبها التي تحققت ببسط السلام والاستقرار بدارفور
و يعتبر خبراء بعد ثلاثين عاماً من المطاردة والتنكيل َبالحزب الشيوعي ، لم يبق من مشروع اليسار سوى تصورات عن التغيير مختزلة في العداء للحكومة الانتقالية السابقة ومصادمات مع القوى السياسية مجتمعة ومع المكون العسكري، وفي رفض مُضمرٍ للمشروع الديمقراطي، لكن بطريقة إدارة الصراع عن طريق القوى الثورية وتنسيقية لجان المقاومة، والشارع الباحث عن الديمقراطية بإدخال الجميع في صراع مع الحكومة الانتقالية السابقة حتى صاروا ضد المكون العسكري والمدني معاً.
وظل سخط الحزب الشيوعي مفتقراً لسبل القوة اللازمة لتحقيق رؤيته، ما عدا الطاقة الثورية لدى الشباب، فلعب دوراً في تجسيد فكرة أن العسكر سينفردون بالسلطة، وصارت هذه الفكرة هي الهدف النهائي وهذا يمثل تجسيدا لسياسة فرق تسد التي انتهجها المستعمر الانجليزي ابسط سيطرته على الإمبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس
تبلورت رؤى الحزب الشيوعي في مرحلة ما بعد الثورة حول الانتقال الديمقراطي كشعار للمرحلة، فوجد نفسه يمارس نشاطاً من خلال الحاضنة الاجتماعية وباسم تجمع المهنيين، محافظاً على سياسة التخفي. مستفيداً من الحالة الثورية ومتكيفاً معها. مستفيداً من أنّ الشارع يتحرّك في سياق تهيمن عليه نزعة باغضة للنظام السابق والإسلاميين، وفاقد الثقة في الأحزاب السياسية الأخرى، فلم يكن تفاعله إلّا استغلالاً، فالرؤى بين الشارع الثائر وجمود التنظيم العقائدي تسير في اتجاهين متضادين. وهذا ما فلح فيه الحزب الشيوعي الذي اصبح مثل شمشون المعبد الذي يرهن وجود خصومه بهدم المعبد وحتى لو كان هو من ضحاياه