ويسألونك الوفاق الوطني هو المخرج .. د. ياسر أبو عمار
ويسألونك
#الوفاق_الوطني_هو_المخرج
د. ياسر أبو عمار
*ما أن نال السودان استقلاله في 1956م حتى بدأت تتكشف سوءات الأحزاب وادعاءتها الكذوبة بالديمقراطية، وظهر حبها للحُكم ورغبتها الجامحة في إقصاء الآخرين، فافترع #حزب_الأمة الفعلة النكراء بانقلابه على الديمقراطية الأولى ليجئ بالفريق عبود في 1958م.
*في 1969م قام اليسار بانقلاب نميري، وتغنوا للدم والقتل وكل الجرائم التي تتنافى مع ما يتشدقون به من تنظير حول العدالة والحريات العامة والديمقراطية وحرية الصحافة، وعملوا ما عملوا، وأكدوا أنهم إنتهازيين ووصوليين، في عهدهم البغيض تمت المجازر _لأول مرة في تاريخ السودان_ في ود نوباوي، الجزيرة أبا، بيت الضيافة، وهم يهتفون ويتغنون لأبو عاج، وعاثوا في الأرض فساداً، ولما كثرت تدخلاتهم في شؤون الحكم ولما قضى منهم العسكر وطراً، هدى الله النميري فانقلب السحر على الساحر، وحدس ما حدس، فانكتم هؤلاء، فسكتت أبواقهم وخرست حلاقيمهم المنفوخة.
*الإسلاميون ليسوا بدعاً عن الناس، جاءوا بانقلابهم في يونيو 1989م بقيادة البشير، وإن كانوا أكثر إنجازاً عن غيرهم، وأكثر إشراكاً للآخرين، ولكن يبقى التأكيد على رفض الانقلاب العسكري كوسيلة للوصول إلى السلطة، والنتيجة الموثوقة أن الأحزاب السياسية هي سبب البلاوي، وما هو أكثر إبهاراً أنه ليس بمقدور جهة ما /أياً كانت/ أن تحكم منفردة. لا عبر انقلاب ولا عبر فترة انتقالية يتم تطويل أمدها لمصلحة أقلية مع إقصاء أصحاب الوزن الثقيل.
*#مراهقو_قحت وجنوي السفارات، الذين آلت إليهم مقاليد السلطة بعد سقوط البشير، ظنوا أن الحكم لعب عيال، ولأن الله أعمى بصائرهم، ساقهم اليسار على ذات الطريق الذي مشى به كبارهم زمن نميري، وبذات الفهلوة والتناقض في القول والعمل، فسرقوا ثورة الشباب وخيّبوا آمالهم، وأفشلوا شعاراتها وعادوا القوات النظامية واستخفوا منها بشعارات خايبة (معليش معليش ما عندنا جيش* // كنداكة جا بوليس جرى*// ما تدي قفاك للعسكر)، وقد رقدوا من قبل للعسكر وتغنوا لهم يوم كان العسكر (أولاد سهرة)، ومجدوهم بـ (يا فارسنا ويا حارسنا*// أنت يا مايو الخلاص يا جداراً من رصاص) وحرضوهم على القتل (حاسم حاسم يا أبو القاسم_ بالحسم الثوري يا أبو القاسم).
*هؤلاء العيال غير الراشدين هم من جاء بالبرهان بعد ذهاب بن عوف، وهم من رفع صورة حميدتي أعلى جمهورية النفق _كما أسموها_ على بوستر طول وعرض ومكتوب عليها (الراجل الضكران الخوف الكيزان)، هذا حينما ظنوا يومئذ أنه بمقدورهم قيادة العسكر كيفما اتفق وتوجيههم حيثما شاؤوا، وبعد أن خاب ظنهم، وفشل تخطيطهم، نكثوا عهودهم وثارت ثائرتهم وطفقوا يطلقون جدادهم للنيل من العسكر، فوصفوا برهان بالجبان والخائن وحميدتي بالجنحويد، وهكذا هم أهل اليسار، لا يتناهون عن منكر فعلوه، والغاية عندهم تبرر الوسيلة، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، التي جاءت في سياق تصحيح مسار الثورة وإيقاف اختطافها من عصابة (أربعة طويلة) وإشراك الآخرين، وبعد زيادة التحرُّش بالمكون العسكري الذي وصل لإهانة القوات النظامية، لا رموزها كما يقولون. بعد التصحيح وما تبعه من إجراءات، جن جنونهم، وأصبحوا يتلاومون، وركزوا جهدهم على الغرب وأوربا والأمم المتحدة، ولكن خاب فالهم، فالمجتمع الدولي أيّد القرارات لكونه رأى طيشهم ولا مبالاتهم وعدم مسؤوليتهم، وتعاملهم الصبياني مع قضايا الدولة، فكان التأييد من دول العالم ومؤسساته التي حرّضوها سابقاً ضد حكومة البشير، بل ضد الدولة السودانية وضد شعبهم، فأُسقط في يدهم.، فرفعوا شعاراً ساذجاً لا يسنده منطق ولا يدعمه عقل، وهو شعار لا يصدر إلا عن من به سَفَه، فكيف لسياسي معزول قليل الحيلة خان الأمانة وسرق الثورة وباع دماء الشهداء، أن يتحدى الشريك الأقوى (بالأصالة) ويرفع شعار:(لا تفاوض).
*القصص للعِبرة، ومسيرة التاريخ يحاكي بعضها البعض في كثيرة من التفاصيل المتشابهة بل والمتطابقة، ومن لم يعي ذلك غير جدير بقيادة قطيع من الماعز في صحراء قاحلة، ومن أتاحت له الظروف قيادة الناس _حين غفلة من الزمان_ عليه ألا ينسى حجمه ولا وزنه، فالهر هر _وإن انتفخ_ فهو ليس أسد، ولن يكون، والأحزاب السياسية الضِرار والتي ضد المزاج العام السوداني، وعديمة العضوية هي كذلك، وستبقى منبوذة، ولن يفيدها تجبُّر رموزها أو ظهورهم كنجيمات عند اختفاء الكواكب والأنجم الزهر، فالشمس شمس والسماء سماء.
*اليوم، وقبل الغد، يجب أن يعي البعض الدرس جيداً، ويغسلوا ما بهم من ران، ويتطهروا من الحقد والغل الذي يملأ دواخلهم، ويعلموا أنهم أقلية عدة وعددا (ينسوا الوهمة بتاعة الشارع دي)، ويتصالحوا مع أنفسهم قبل الآخرين، عشان الحكاية تمشي قدام والبلد تطلع من (الحفرة)، وإذا إنت عاوز تركب رأس أنا بركب معاك راسين (ومحل رهيفة تنقد) وإلا فهم الخاسر الأكبر والأول، وسعضون أصابع الندم، ولات ساعة مندم.