الغزو الروسي لأوكرانيا حقق إنجازا نادرا لم يكن بوتين يصبو إليه
وكالات اثيرنيوز
مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا أسبوعه الرابع، يبدو أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أخفق في تحقيق أهدافه بإبعاد الحكومة، وتنصيب أخرى تكون تابعة له، إلا أنه نجح في تحقيق هدف لم يكن يصبو إليه.
بحسب تحليل للإذاعة الوطنية العامة الأميركية “أن بي آر” فإن بوتين لم يحقق، إلا إنجازا واحدا من خلال غزوه لجارته الشرقية، وهو “توحيد أوروبا أكثر من أي وقت مضى”.
إجماع غير مسبوق
كان من الصعب رؤية إجماع دول القارة الأوروبية المنقسمة، والتي تقودها مؤسسة بيروقراطية ممثلة في الاتحاد الأوروبي، وفق التحليل، لكن الحرب دفعت الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة وجمعت أوروبا بطرق لم تشهدها منذ عقود.
يقول برونو ليتي، الزميل الأول في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، وهو مؤسسة فكرية، “كان مستوى الوحدة والسرعة رائعًا، أود أن أقول إنها المرة الأولى التي نرى فيها الاتحاد الأوروبي يتحرك بهذه السرعة.”
وفي أثناء تواجد الرئيس الأميركي، جو بايدن، في بروكسل، الخميس والجمعة لعقد اجتماعات طارئة مع مسؤولي الناتو والاتحاد الأوروبي، سيكون استمرار وحدة أوروبا أمرًا حاسمًا لزيادة الضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا.
دور أكثر حزما
مع ورود تقارير استخباراتية عن أن موسكو تخطط للغزو، بدأ الاتحاد الأوروبي في صياغة قانون لعقوبات شاملة قبل أسبوعين من عبور القوات الروسية إلى شرق أوكرانيا في فبراير، وفقًا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي.
سمح هذا التخطيط المسبق للاتحاد الأوروبي بحظر شركات الطيران الروسية من المجال الجوي الأوروبي بسرعة ومصادرة الأصول من القلة الحاكمة المقربة من بوتين.
وصادرت الحكومة الفرنسية يختًا مرتبطًا بواحد من المقربين من الحكومة الروسية، وهو إيغور سيتشين، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء في البلاد وهو الآن الرئيس التنفيذي لشركة النفط الحكومية، روسنفت.
وفي إيطاليا، صادر المسؤولون فيلات بملايين الدولارات في توسكانا وعلى بحيرة كومو.
كما فعل الاتحاد الأوروبي شيئًا غير مسبوق، حتى ذلك الوقت، حيث بدأ في ضخ أسلحة بمئات الملايين من الدولارات في بلد – أوكرانيا – ليس حتى عضوًا.
تعليقا على ذلك، قال ستيفانو سانينو، الذي يرأس خدمة العمل الخارجي بالاتحاد الأوروبي “أعتقد أن ما أصبح واضحًا من هذه الأزمة هو أن الاتحاد الأوروبي أصبح يلعب دورا أكثر تحديدًا فيما يتعلق بالأمن في القارة وخارجها”.
إرسال الأسلحة لأوكرانيا
بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تقوم الدول الأعضاء في الناتو أيضًا بإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.
وتشمل الشحنات أنظمة جافلين المضادة للدبابات وصواريخ ستينغر التي يمكنها استهداف طائرات الهليكوبتر.
ولا توجد حتى الآن علامات على وجود قوات روسية على طرق غرب أوكرانيا، لذا فقد مرت الشحنات دون عوائق لأسابيع، مما وفر تدفقًا ثابتًا للأسلحة إلى الجيش الأوكراني الذي يتفوق عليه الجيش الروسي الأكبر.
ولدى إجابته عن سؤال يتعلق بكمية الأسلحة التي أرسلها حلفاء الناتو إلى أوكرانيا قال جوري لويك، سفير إستونيا في الناتو: “من الواضح أن القوات الأوكرانية لم يكن بمقدورها أن تكون ناجحة إلى هذا الحد، إذا لم يكن لديها أسلحة حديثة”.
وأضاف أن دول الناتو قللت من البيروقراطية المعتادة المحيطة بنقل الأسلحة لتسريع العملية وقال “تم اختصار المدة الزمنية لإرسال الأسلحة إلى الحد الأدنى المطلق”.
في غياب منطقة حظر الطيران دفاع أوروبا يتعزز
رفض الناتو فرض منطقة حظر طيران خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى قتال مباشر بين روسيا وحلفاء الناتو ويوسع الصراع إلى حرب إقليمية.
يشير مسؤولو الناتو إلى أن منطقة حظر الطيران لن تشمل فقط إسقاط الطائرات الروسية، ولكن أيضًا تدمير الدفاع الجوي الروسي في أوكرانيا وعبر الحدود في روسيا.
وتقول أولغا أوليكر، مديرة برنامج مجموعة الأزمات الدولية لأوروبا وآسيا الوسطى، إن منطقة حظر الطيران لا تعني الكثير من الناحية الاستراتيجية لأن الروس لم يعتمدوا كثيرًا على الطائرات لضرب الأهداف.
في غضون ذلك، يبحث حلفاء الناتو عن طرق لمواصلة تسليح أوكرانيا مع تعزيز دفاعاتهم ضد روسيا.
وتقول سلوفاكيا إنها مستعدة لإرسال أنظمة صواريخ إلى أوكرانيا سوفيتية الصنع من طراز S-300 يمكنها إسقاط طائرات نفاثة على ارتفاع أميال.
وأرسل حلفاء الناتو أنظمة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي إلى سلوفاكيا لنشرها للدفاع ضد أي هجوم روسي.
وترسل المملكة المتحدة نظام Sky Sabre، وهو نظام صواريخ متوسط المدى مضاد للطائرات، إلى بولندا مع حوالي 100 جندي بريطاني لتشغيله.
وتخطط ألمانيا لزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي في تحول ملحوظ بعد سنوات من مقاومة دعوات الحلفاء للقيام بذلك.
قد تظل التحديات المقبلة بمثابة اختبار للجبهة الأوروبية الموحدة، وفق ذات التحليل.
حتى الآن، لا توجد تقارير تفيد بأن الروس قد ضربوا أي شحنات أسلحة، لكن رولاند فرودنشتاين، الذي يدير مكتب Globsec في بروكسل، وهو مؤسسة فكرية، يقول إذا حدث ذلك، فمن المحتمل أن يتكشف الجدل بين الدول الأوروبية على النحو التالي: “هل باستطاعتنا المتابعة؟ (..) هل يجب أن نجد طرقًا بديلة أم نتوقف؟”.
يقول الرجل في إجابته حول تلك الاستفاهامات “أتوقع أن تكون هناك دول ستقول “حان الوقت للتوقف” .
فالبرغم من بوادر الاتحاد بين دول أوروبا إلا أن هناك أيضًا علامات على الانقسام حول ما إذا كان سيتم حظر واردات النفط الروسي لإضعاف قدرة بوتين على شن حرب مستديمة، إذ سبق وأن هددت المجر بعرقلة مثل هذه الخطوة.
ونقلت تقارير إخبارية مجرية عن وزير الخارجية المجري، بيتر زيجارتو قوله “لن ندعم العقوبات التي يمكن أن تشكل خطرًا على إمدادات الطاقة للمجر”.
في الوقت نفسه، مع استمرار الصواريخ والمدفعية الروسية في قصف المدن الأوكرانية وتزايد الخسائر في صفوف المدنيين، سيزداد الضغط الشعبي على الناتو لبذل المزيد.
يقول بيتر باتور، الممثل الدائم لسلوفاكيا لدى الناتو: “قد تكون هناك معضلات أخلاقية كبيرة، بينما نرى الآلاف من المدنيين يقتلون كل يوم تقريبًا، لا يمكننا مجرد الجلوس والمراقبة”.
ويقول ديفيداس ماتوليونيس، سفير ليتوانيا لدى الناتو، إنه لا يستطيع التحدث عن الكيفية التي قد يتفاعل بها الحلف إذا دمرت روسيا بشكل منهجي المدن الأوكرانية وأصبحت أوكرانيا كسوريا التي مزقتها الحرب.
لكنه عاد ليقول “إذا حدث شيء مشابه ولم يقم الناتو بأي شيء حيال ذلك، فسيكون هناك سؤال كبير يتعلق بالمصداقية”.
الحرة