هل تدفع “الصفقة المتعثرة” بولندا لميدان الحرب الأوكرانية؟
فرض الموقع الجغرافي على بولندا أن تصبح في مقدمة دول جوار أوكرانيا المتأثرة بالحرب، باستقبالها نحو 1.2 مليون لاجئ، وطلب دول حلف الأطلسي “الناتو” منها إرسال مقاتلات لجاراتها في “صفقة متعثرة” قد تدفع بها إلى آتون الحرب.
ودارت مناقشات بين وارسو وواشنطن حول اتفاقية لتزويد بولندا بطائرات أميركية من طراز “إف- 16″، مقابل إرسال بولندا طائراتها روسية الصنع وطائرات مقاتلة “ميغ- 29” أميركية الصنع إلى أوكرانيا.
وفي خطوة جديدة، أرسلت واشنطن بطاريتي صواريخ باتريوت لبولندا، وبرّر المتحدث باسم القيادة الأميركية الأوروبية، آدم ميلز، هذا بأنه لمواجهة أي تهديد محتمل لحلف الناتو، وبناء على دعوة من بولندا، العضو بالحلف، نافيا أي نية لعمليات هجومية.
وأكّد وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، حماية بلاده لبولندا في حال تزويدها لأوكرانيا بالطائرات، مشيرا إلى أن القرار ستصبح له عواقب على وارسو، ويضعها في خط النار المباشر مع روسيا وجارتها الشرقية بيلاروسيا.
وجاءت تصريحات أعضاء الناتو بعد طلب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي من واشنطن تسهيل نقل الطائرات التي تعود للحقبة السوفيتية من دول أوروبا الشرقية إلى أوكرانيا، لأن الطيارين مدرّبون على استخدامها.
ما هي الصفقة؟
حسب مجلة “بوليتيكو” الأميركية، فإدارة بايدن لم تعارض نقل طائرات من بولندا لأوكرانيا، بينما سيكون من الصعب على واشنطن نقل طائرات “إف-16” الأميركية إلى بولندا.
وفي المقابل، أعلنت بولندا استعدادها لوضع طائراتها طراز “ميغ -29” في تصرف الولايات المتحدة فورا ومجانا ونقلها إلى قاعدة رامشتاين الأميركية في ألمانيا.
واعتبر البنتاغون أن عرض وارسو غير قابل للتطبيق، حيث إن انطلاق مقاتلات من قاعدة أميركية وتحليقها في مجال جوي متنازع عليه مع روسيا يثيران القلق لدى الحلف.
وبررت بولندا موقفها من هذه الصفقة، بالتأكيد على أنها ليست في حالة حرب مع روسيا، لكنها ليست دولة محايدة، حيث ترى أن أوكرانيا ضحية للهجمات الروسية، منوهة إلى أن الأمور العسكرية يجب أن تكون بقرار من الناتو بأكمله.
وأشارت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، إلى أن ضغوط زيلينسكي على الناتو أجبرت الغرب للإعلان عن الصفقة، خاصة بعد رفض الحلف فرض حظر الطيران فوق أوكرانيا.
رسائل الغرب
يرى المحلل السياسي مصطفى الطوسة، أن إرسال بطاريتي صواريخ لبولندا ورقة تهديد بيد “الناتو” لروسيا بإمكانية الانتقال من اللهجة التحذيرية إلى الدعم العسكري المباشر.
وأوضح الطوسة في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” وجود لغط دولي بشأن صفقة الطائرات، فبولندا تريد إرسال طائراتها للناتو أو واشنطن، ليتم إرسالها لأوكرانيا عبر قرار للحلف، مشيرا إلى أنّه لم يصدر أي قرار حتى اليوم بشأن تزويد أوكرانيا بمقاتلات “ميغ 29” أو بطاريات صواريخ.
ويجد الطوسة أنه على المستوى العسكري، تضبط أميركا السياسة الأطلسية منعا من الانخراط في حرب شاملة مع روسيا، خاصة أن أوكرانيا ليست عضوا بالحلف.
ويبقى إلى الآن إرسال الأسلحة هو الدعم العسكري لأوكرانيا، حيث قدمت فرنسا وألمانيا وهولندا معدات لكييف، الأمر الذي يعتبره الطوسة مثيرا للتساؤل مع فرض سرية تامة على نوعية الأسلحة.
أما موقف روسيا من الصفقة، فيرى المحلل السياسي أن موسكو تراقب عن كثب الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا، وسترى وضع بطاريتي صواريخ في بولندا تصعيدا للأمور يؤدي لانزلاقات وخيمة، خاصة أنها تعتبر أن العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، وأي دعم عسكري لأوكرانيا هو إعلان حرب على موسكو، ستجيب عنه في الوقت والزمان المناسبين.