الزواج تحت أصوات الرصاص.. أوكرانيون صمدوا أمام أهوال الحرب
رغم أهوال الحرب وأصوات المدافع والظروف القاسية، سجلت الحرب قصصا إنسانية بعضها مفعم بالبهجة وكحيلة للصمود خلال العملية العسكرية الروسية على بلادهم.
ومع فرار نحو مليون ونصف أوكراني خارج البلاد، فتحت تلك الزيجات بارقة أمل في لحظات المحن على مستقبل بلد على المحك، وتضيء جانبا من أسباب ما اعتبر مراقبين “صمودا ” للقوات الأوكرانية في وجه ثاني أقوى جيوش العالم.
وتتواصل استعدادات القوات الأوكرانية للمعركة الفاصلة في العاصمة كييف التي حاصرتها القوات الروسية، وتستهدفها بالصواريخ أملا في تضيق الخناق على الجيش الأوكراني لتحقيق انتصار حاسم يمكن استخدامه على طاولة المفاوضات التي سجلت جولتها الثالثة على حدود بيلاروسيا، بعض التقدم البسيط.
زواج على خط النار
قرب نقطة تفتيش في كييف اصطف جنود أوكرانيون للاحتفال بزفاف ليسيا إيفاشينكو، عضوة في قوات الدفاع الإقليمية الأوكرانية إلى على يد نائب قائد كتيبتها، فاليري فيليمونوف فيما تتلاحق الأخبار التي توثق القصف الروسي على مواقع الجيش في كييف.
وبقبلة ووسط أنغام موسيقى آلة وترية أشبه بالعود العربي يزاحم أزيز الطائرات ترسم ملامح الجنود تصميما على مواجهة القوات المتقدمة.
وعقد الأوكرانيان قرانهما في الوقت، الذي حملا فيه البنادق وارتديا الزى العسكري للدفاع عن بلادهما، مع اقتراب القوات الروسية من العاصمة كييف.
وارتدى الزوج خوذة بينما ارتدت العروس زيا عسكريا، وكذلك فعل الكاهن والحاضرون في حفل الزفاف، الذين كانوا من قوات الدفاع الأوكرانية واصطفوا في موكب الزواج حاملين قذائف صاروخية محمولة على الكتف وصواريخ مضادة للدبابات، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
ومن بين الضيوف الآخرين كان عمدة كييف فيتالى كليتشكو، الذي كان يرتدى سترة واقية من الرصاص والتقط صورة سيلفى مع العروس، وحشد من الصحفيين تمت دعوتهم لمشاهدة حفل الزفاف الذي أقيم بجوار نقطة تفتيش في خضم حرب روسيا على أوكرانيا.
وعلى الرغم من الطبيعة السيريالية لزواج ليسيا إيفاشينكو وفاليرى فيليمونوف فى العاصمة الأوكرانية، الأحد الماضي، إلا أن هذه اللحظة قدمت من جانب ما لمحة عن الحياة الطبيعية وسط الصراع، حيث تم الزفاف على الرغم من مواصلة القوات الروسية التقدم نحو العاصمة الأوكرانية.
وقال عمدة كييف إن الحياة تستر والناس تعيش وحبهم يساعدهم في الحرب.
ومع استعداد السكان في مدينة لفيف، غربي أوكرانيا، لدخول القوات الروسية، عقد فيتكور وجالينا، قرانهما لتوثيق تلك اللحظات في أوقات عصيبة تمر بها بلادهم.
ويقول فيكتور (31 عامًا)، الذي تزوج من جالينا (24 عاما)، بقدر من الدعابة: “المزاج مفعم بالحيوية”، ثم تابع بجدية أكبر: “اليوم تزوجت، وأنا مستعد لحمل السلاح لحماية أوكرانيا وجالينا”.
وتابع فيكتور: “قاتل والدي 4 مرات في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا شرقي أوكرانيا منذ 2014، وأنا مستعد لفعل الشيء نفسه مثل والدي، والذهاب إلى الحرب من أجل بلادي”.
أما أندريا (24 عامًا) الذي احتفل بحفل زفافه مع زوجته إيرا (20 عامًا)، لم يستطع فصل نفسه عن الأحداث في أوكرانيا، بحسب تقارير غربية.
وقال: “بسبب خطاب بوتن واعترافه باستقلال إقليمين من بلدنا، لم أنم في الليلة السابقة لحفل زفافي”.
ومثل العديد من الأوكرانيين، يتابع أندريا وإيرا كل شيء عبر الهواتف الذكية كل خطاب في موسكو وكل رد فعل من كييف أو واشنطن أو بروكسل وكل حادث في أوكرانيا.
زواج رغم اللجوء
ومن جبهة القتال إلى يوميات اللجوء، حيث فر نحو مليون ونص أوكراني ومن جنسيات مختلفة إلى بلدان أوروبية، واصل شابا أدرنيا وخطيبه الأوكرانية قصة حبهما.
وفي هذا السياق، أعلن السفير الأردني في رومانيا، عبر حسابه الرسمي على “تويتر” أن “السفارة سهّلت إجراءات أول حالة زواج لأردني قادم من أوكرانيا مع خطيبته الأوكرانية حيث تمّ عقد الزواج بإشراف السفارة لدى إحدى الجمعيات الإسلامية في بوخارست”.
وتمّ توثيق عقد الزواج بالسفارة ومنح العروس وثيقة سفر أردنية لتتمكن من مرافقة زوجها إلى الأردن، ولاقت قصة الحبيبين الهاربين من ويلات الحرب صداً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.
4 آلاف حالة زواج
وبحسب بيان وزارة العدل الأوكرانية بشأن حالات الزواج والمواليد، فإنه منذ بداية العملية الروسية ضد أوكرانيا، تمّ تسجيل 3973 واقعة زواج، ومولد 4311 طفل.
وأضاف بيان العدل الأوكرانية أنه “مهما حاولت روسيا تدميرنا وكسر معنوياتنا، إلّا أن الحياة تستمر، وتنشئ حيوات جديدة بغض النظر عن الحرب”.
وأوضحت أنه منذ بداية الحرب ضد روسيا، “فقد ولد 4311 طفلًا، وتم قيد قرابة 4 آلاف واقعة زواج في ظل الأجواء الحربية”، مضيفةً أنه بغضّ النظر عن العملية العسكرية الروسية، إلّا أن الشعب الأوكراني لا يفقد إيمانه وثقته، بأن روسيا سوف تهزم والنصر لنا”.
ومعلقا يقول المحلل السياسي محمد حامد إن “بعض الأوكرانيين يلجؤون إلى الزواج كحيلة لإحياء الصمود في وجهة العملية العسكرية الروسية ضد بلاهم”.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية”، قائلا: “رغم إطفاء بعض الفنتازيا على الأمر إلا أن عمليات الزواج قد تمثل بارقة أمل في لحظات المحن وضيء جانبا من أسباب ما يمكن اعتباره صمودا أوكرانيا في وجه القوات الروسية”.
وسمحت السلطات الأوكرانية للمدنيين بحمل السلاح في ظل العملية العسكرية الروسية على بلادهم والتي سبقها اعتراف موسكو باستقلال مناطق الانفصاليين الموالين لها شرقي البلاد.