بعد “القفزة التاريخية”.. الرابحون والخاسرون في معركة النفط
وسط مخاوف عالمية، واصلت أسعار النفط تحقيق قفزات كبيرة، بالتزامن مع دراسة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين فرض حظر على استيراد النفط الروسي، في الوقت الذي تدخل فيه الحرب الأوكرانية يومها الثالث عشر.
وفي الدقائق القليلة الأولى من التداول الثلاثاء، وصل سعر خام برنت (تسليم مايو) إلى 127.75 دولار للبرميل، بعد أن حقق الاثنين أعلى مستوياته في 14 عاما مع وصول السعر إلى 139.13 دولار للبرميل.
وبالتزامن، استقرت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي (تسليم أبريل) عند مستوى 122.9 دولار للبرميل، بعد أن سجلت قفزة تاريخية الاثنين بـ 130.50 دولار للبرميل.
وتأتي تلك الزيادة القياسية في خضم دراسة الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين حظر واردات النفط الروسي، في الوقت الذي نسّق البيت الأبيض مع لجان الكونغرس الرئيسية للمضي قدما في هذا الحظر.
ومن المنتظر أن يصوت مجلس النواب الأميركي اليوم على قانون يشرّع حظر استيراد الطاقة من روسيا وتعليق العلاقات التجارية معها.
ويرى محللون ومراقبون، أن الزيادة الكبيرة في أسعار النفط قد تدفع العالم لأزمة اقتصادية كبيرة تطال أضرارها أغلب الدول، مرجعين سببها إلى استمرار الحرب في أوكرانيا وتأخر الوصول لاتفاق بين طهران والقوى الدولية في محادثات فيينا النووية.
الرابحون والخاسرون
بدوره، يوضح الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية” في لندن، طارق الرفاعي، تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية” أن هناك قلّة من المستفيدين جراء تلك الزيادة في الأسعار، وبكل بساطة يأتي على رأس ذلك الدول المنتجة للنفط “أوبك”، ودول مثل فنزويلا وإيران، بسبب محاولات رفع بعض القيود لبيع النفط لأمريكا وبعض الدول الأخرى.
لكن هناك احتمال تأخر عودة الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية، في ظل تأخر التوصل إلى اتفاق في محادثات فيينا.
وفي هذا الصدد يرى أستاذ هندسة البترول والطاقة بالقاهرة، رمضان أبو العلا، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” أن أبرز الرابحين في الوقت الحالي هي الدول المنتجة للنفط ولا يوجد لديها احتقان سياسي.
أما أبرز الدول المتضررة فهي التي تحتاج للاستيراد السريع لتوفير احتياجاتها، وبالتالي فهي مجبرة على الشراء بهذا السعر المرتفع، بحسب أبو العلا.
موعد الانفراجة
وبشأن موعد الانفراجة في أزمة أسعار النفط، يقول أبو العلا إنها تأتي بشكل توافقي بزوال أسباب الاحتقان السياسي وبالتالي تزول معه الزيادات في الأسعار، ومن ثم يجب العمل على إخماد الصراع الروسي-الأوكراني، والتوصل إلى اتفاق في محادثات فيينا.
كانت موسكو حذرت أمس من زيادة أسعار النفط لما يزيد عن 300 دولار للبرميل، إذا حظرت الولايات المتحدة وأوروبا واردات الخام من روسيا.
وتعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في أسواق العالم، حيث بلغت عائداتها خلال العام الماضي، 110 مليارات دولار.
ويقول أستاذ هندسة البترول والطاقة أنه مع استمرار الاحتقان في الوقت الراهن، فإن روسيا ستبحث عن أسواق جديدة في ظل السعي الأميركي والأوروبي لمقاطعتها، وبالتالي قد يحدث ذلك سوقا موازية بما يدفع لخفض الأسعار.
لكن الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية” يرى أن الزيادة الكبيرة ستستمر طالما بقيت تلك “الأجواء الجيوسياسية” على هذا المنوال.
وأشار إلى أن زيادة أسعار النفط ليست الوحيدة، فهناك زيادات كبيرة بأسعار الفحم، وكذلك الغاز الطبيعي الذي صعد بشكل كبير خلال الأيام الماضية.
واتجهت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا إلى مستويات قياسية جديدة، على وقع الاتجاه لفض حظر على واردات النفط الروسي.
وارتفع سعر الغاز الهولندي وهو السعر القياسي للأسواق الأوروبية بنسبة 79 بالمئة إلى ما يعادل 600 دولار لبرميل النفط، بنهاية الاثنين.
يأتي ذلك رغم أن صادرات الغاز الطبيعي الروسية التي تغطي نحو ثلث احتياجات أوروبا لا تشملها العقوبات الدولية على روسيا حتى الآن، وفق وكالة بلومبرغ.
وعاد أستاذ هندسة البترول والطاقة بالقاهرة للإشارة إلى أنه في كل الأحوال فإن الانخفاض في أسعار النفط يحتاج إلى بعض الوقت، مضيفًا: “التوقعات تشير لخفض الأسعار خلال شهرين أو ثلاثة، لأن الأمور تصعد ولا تهبط هكذا فجأة”.