مصائب قوم عند قوم.. كيف استفاد زعماء أوروبيون من الحرب؟
على مدار 11 يوما خطفت الحرب في أوكرانيا اهتمام العالم بشكل عام وأوروبا ومواطنيها خصوصا، فيما استغل زعماء الأزمة للفت الأنظار بعيدا عن القضايا السياسة الداخلية المشتعلة قبلها.
ولعل أبرز الأزمات الداخلية التي توارت خلف حرب أوكرانيا، أزمة الحفلات في بريطانيا التي كادت أن تطيح رئيس الحكومة بوريس جونسون من منصبه.
فقبل أيام من اشتعال الحرب الأوكرانية، اندلع سجال ساخن في بريطانيا على خلفية “فضيحة الحفلات” التي أقيمت أثناء إغلاقات كورونا، فيما كثفت قوى سياسية مطالبها بضرورة إقالة جونسون وحكومته على خلفية الأزمة.
لكن الآن ينظر البريطانيون إلى جونسون وأعضاء حكومته من زاوية أخرى تتعلق بأهمية الدور الذي يلعبه في سياق الدفاع عن أوكرانيا، فيما اختفت أزمة الحفلات المشتعلة من المشهد السياسي بشكل شبه كامل.
وحرص رئيس الحكومة البريطانية على تسجيل عدة مواقف تتعلق بتوسيع العقوبات على روسيا على مدار الأسبوعين الماضيين، في محاولات وصفها مراقبون بأنها استرضاء للبريطانيين ومحاولة لكسب ثقتهم في المقام الأول.
وينطبق الأمر نفسه على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي بدا حريصا على توسيع رقعة شعبيته قبيل الانتخابات المقبلة، وفي ضوء منافسة شرسة مرتقبة مع اليمين.
ويرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات جاسم محمد، أن بعض الزعماء الأوروبيين استفادوا بالفعل من المواقف السياسية المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، لكسب تأييد على المستوى الداخلي.
وأكد محمد في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن عددا من القادة الأوروبيين صعد نجمهم وزادت شعبيتهم بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية بناء على موقفهم من الأزمة الأوكرانية، منهم ماكرون الذي يسعى لتعزيز مكانته قبيل الانتخابات الفرنسية المرتقبة في أبريل المقبل، وجونسون، وأيضا المستشار الألماني أولاف شولتز.
ويقول رئيس المركز الأوروبي للاستخبارات إن شولتز عزز علاقته بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، بعد أن كان في بداية الأزمة موضع انتقادات.
ويشير محمد إلى أن “الأزمة الأوكرانية وحدت صفوف الاتحاد الأوروبي وقلصت الانقسامات داخله. هذا التجمع لم يشهد وحدة الموقف إلا في أزمة أوكرانيا”، مؤكدا أن “التكتل الأوروبي دائما كان منقسما على نفسه. كان هناك فرق شاسع بين موقف دول أوروبا في أزمة الهجرة غير الشرعية عبر تركيا وبحر إيجه، أو الهجرة من إفريقيا الى إيطاليا وإسبانيا عبر ليبيا”.
واختتم الخبير الاستراتيجي حديثه بالقول: “لا أستبعد أن يحصل الرئيس الفرنسي على أصوات أكثر بسبب أزمة أوكرانيا، ولا أستبعد أن يعاد انتخاب جونسون أيضا”.
وكان الرئيس الفرنسي قد أعلن مساء الخميس، الترشح لولاية ثانية بالانتخابات المقررة الشهر المقبل، مقرا بأن الصراع في أوكرانيا “يؤثر على الحياة الديمقراطية والحملة الانتخابية”.
كما حذر رئيس الوزراء البريطاني، الجمعة، من أن تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن “المتهورة” يمكن أن “تهدد مباشرة سلامة أوروبا بأسرها”.
وجاءت تصريحات جونسون بعدما قصفت القوات الروسية محيط محطة زابوريجيا النووية في وسط أوكرانيا، لكنها بدت موجهة للداخل من كدعوة للحفاظ على الاستقرار والهدوء.
ومنذ مطلع العام الجاري، واجه جونسون أكبر أزمة تهدد مصيره، مع تحقيق الشرطة في تقارير بشأن خرقه قيود “كوفيد 19” وتنظيم حفلات في مقر إقامته ومكتبه في لندن، في وقت كان فيه غالبية البريطانيين يرزحون تحت إجراءات الإغلاق العام.