ابراهيم عثمان يكتب .. هوامش على دفتر الاستهبال
*ابراهيم عثمان يكتب-هوامش على دفتر الاستهبال*
تركز قحت على أن التنوع الديني هو السبب الوحيد لرفضها للشريعة الإسلامية وإحلال العلمانية مكانها، وهذه من أكذب الحجج وأظهرها تناقضاً :
١/ تناقض الوعد الذي سبق توليهم السلطة بألا علمانية في الفترة الانتقالية، فكيف يكون مثل هذا الوعد تطميناً للشعب إن لم يكن مبنياً على قناعة راسخة عندهم بأن حجتهم داحضة، وأن الرضا العام يُنال بهكذا وعد لا بنقيضه . هل كانوا يعدون الشعب ويطمئنونه بعدم احترامهم للتنوع أثناء القترة الانتقالية ؟! أم كانوا يمارسون التقية تطبيقاً لمقولة “تمسكن حتى تتمكن” ؟
٢/ تناقض ردود الفعل على هذا التطمين، إذ لم تُسجَّل حالات اعتراض من المسيحيين والوثنيين على هذا التطمين “الظالم” الذي يؤجل معالجة مظلمتهم المزعومة، ويترك الأمر لصدف فوز العلمانيين أو خسارتهم للانتخابات !
٣/ تناقض ردود الفعل على التنكر للوعد والشروع في تطبيق العلمانية، إذ لم يلاحظ الناس فرحاً واحتفالات من المسيحيين والوثنيين بزوال الظلم المزعوم، ولا انغماساً منهم في الحريات العلمانية، وكان الفرح والانغماس من المسلمين المتمردين على تعاليم الإسلام، من العلمانيين وعامة المنحرفين .
٤/ تناقض الحقيقة الواضحة التي تقول إن الأصوات التي تصرخ بهذه الحجة هي أصوات المسلمين العلمانيين لا أصحاب الديانات الأخرى .
٥/ تناقض الحقيقة المؤكدة التي تقول بأن رفض العلمانيين للشريعة الإسلامية موجود في أساس فكرتهم، وليس تدبيراً اضطرارياً للتعامل مع التنوع الديني كما يزعمون .
٦/ تناقض أحاديث العلمانيين عن التسامح ، فالقحاتة لا يؤمنون بالتسامح الإسلامي، ويعزفون على وتر الكراهية الدينية، ويصطنعون مظلوميات، ويتهمون دين الأغلبية بأنه المتسبب فيها، ويبالغون في توصيف فداحة الظلم، وكل ذلك من أجل صناعة اشتباك كبير بين الأديان لا تفضه إلا العلمانية !
٧/ تناقض الحقيقة التي تقول إن العلمانيين أنفسهم أحد أطراف التنوع، بل هم طرف أقلوي، فبأي حق يستحقون مكافأة أن يكونوا فوق التنوع، وحكماً بين أطرافه ؟
٨/ تناقض الحقيقة التي يتجاهلونها عمداً، والتي تقول بأن الشريعة الإسلامية لا تُفرَض على غير المسلمين، ففي صدر الإسلام أيضاً كان هناك غير مسلمين، فهل شكَّل وجودهم حجةً للمسلمين لعدم تطبيق الشريعة الإسلامية غير مدّعي الإسلام من منافقي ذلك الزمان ؟
٩/ تناقض الحقيقة التي تقول بأن “المتضررين” فعلاً من تطبيق الشريعة هم المسلمين العلمانيين، ببساطة لأنهم يرفضون تعليمات الشريعة، ولأن المسلمين غير العلمانيين ليسوا تكفيريين كما يزعم العلمانيون، ولذلك لا يعدون العلمانيين غير مسلمين، وبالتالي لا يستثنونهم مع بقية غير المسلمين من تعاليم الشريعة ، وهذا يكشف إحدى مفارقات العلمانيين؛ فعندما يتعلق الأمر بالشريعة يتصرفون وكأنهم غير مسلمين، نعم يستحون من طلب استثنائهم من أحكامها، لكنهم لا يقبلون باستثناء غير المسلمين وحدهم، وإنما يعممون الاستثناء ليشمل الجميع !
١٠/ تناقض نهج العلمانيين في التعامل مع قضايا الأقليات المسلمة في الغرب وفي كل مكان، فهم هناك يطلبون من الأقليات الاندماج في الأغلبية، على عكس حالهم هنا حيث يطلبون من الأغلبية القبول بقوانين العلمانيين التي يتشبهون بها بأغلبيات الغرب بحجة وجود أقليات غير مسلمة.
١١/ تناقض الحقائق التي تتعلق بأعداد أصحاب الديانات الأخرى، وهناك تضخيم متعمد لأعدادهم، وإيحاء بأنهم ليسوا فقط المسيحيين والقلة من الوثنيين، وهناك تشويه لموقفهم من الإسلام، ومزاعم بأن مواقفهم منه تتطابق مع موقف العلمانيين لجهة رفض احتكام المسلمين لشريعتهم .
١٢/ تناقض نهج قحت في التعامل مع التنوع داخل الإسلام، فهي لا تعترف بهذا التنوع، وتهمش بل تلغي الأغلبية من المسلمين غير العلمانيين، وتنصب الأقلية من العلمانيين أوصياء على المسلمين وناطقين باسمهم يقدمون اعترافات الظلم ويحملون المسؤولية عنه للشريعة .
١٣/ تناقض دعوى تشويه الإسلاميين للشريعة، فلو كانوا على قناعة بوقوع هذا التشويه فرد الفعل الطبيعي هو الدفاع عن الشريعة الصحيحة غير المشوهة لا الهجوم عليها والزعم بأن التشويه موجود في بنيتها ولا علاج له إلا بإلغائها جملةً .
١٤/ تناقض تماماً العناوين الكبرى لنهج قحت في التعامل مع التنوع السياسي، لأنها لا تعترف بوجوده أصلاً ناهيك من أن تحترمه وتعطيه الأهمية القصوى وتتعامل معه تعاملها مع التنوع الديني، وهو أولى بهكذا تعامل لكثرة أطراف التنوع السياسي، ولكثرة ما ينتج عنه من مشاكل إن لم يتم الاعتراف به وإدارته بالطريقة الصحيحة،
١٥/ تناقض المعتاد في تعامل قحت مع المتظلمين، ففي مقابل التقليل من أهمية التظلمات، وعدم إبداء أي رغبة في الاستجابة لها، تتمسك قحت باستجابة كبرى لتظلم ديني افتراضي تصنعه وتضخمه نيابةً عن أصحابه، والاستجابة هي مشروع قحت ! وعندما يتعلق الأمر بالاختلاف السياسي تتشدد قحت في معاقبة المسيحي مثلما تعاقب أي مسلم يعارضها ، وواقعة اعتقال ميخائيل بطرس لأكثر من عام بلا تهمة حقيقية تثبت هذا بأوضح طريقة .
إبراهيم عثمان