علاء الدين محمد ابكر يكتب .. امشي عدل يحتار عدوك فيك

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ امشي عدل يحتار عدوك فيك
______________

سأل الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور، أحد حكماء بني أمية، عن سبب زوال دولتهم، فقال له «أمورٌ كبيرة أوليناها للصغار، وأمور صغيرة أوليناها للكبار، وأبعدنا الصديق ثقةً بصداقته، وقرّبنا العدو اتقاءً لعداوته، فلم يتحوّل العدو صديقاً وتحوّل الصديق عدواً» وهذا ماحدث لكل الانظمة السياسية المتعاقبة علي حكم السودان و كما يقال بان لكل عصر دولة ورجال واهم ان يظن السلطة تدوم فان دوام الحال من المحال لذلك العاقل من يتعظ بغيره وهذا ماكان من المفترض ان يحدث من اعضاء الحكومة الانتقالية السابقة التي اطاح بها الجنرال البرهان في اكتوبر الماضي بما فيها لجنة ازالة التمكين التي يحوم حولها هذه الايام الكثير من التهم وكما يقال بان المتهم برئ حتى تثبت ادانته بالتالي فان الاتهامات يجب ان تكون مسنود بالادلة والبراهين سوا كانت بالنسبة الي ازلام نظام الموتمر الوطني المحلول او حتي اعضاء الحكومة الانتقالية المطاح بها ، ان المكان الصحيح للرد علي اسئلة الاتهام هي ساحات القضاء وليست المنصات الاليكترونية او الصحف الورقية هذا بالنسبة للسيد وجدي صالح عضو لجنة ازالة التمكين السابق الذي حاول الدفاع عن نفسه ولجنة ازالة التمكين بخصوص الاتهامات الصادرة في حقهم عبر التصريحات في وسائل الاعلام حيث بمقدور الاستاذ وجدي صالح فتح بلاغ اشانة سمعة ضد كل من وجه له اتهام بدون دليل حسب مايعتقد ونفس الحديث موصول الي اللجنة المكلفة بمراجعة عمل لجنة ازالة التمكين السابقة التي يجب عليها تسليم كل اوراق اتهام بعض اعضاء اللجنة السابقة الي النيابة للتحقيق فيها ليتخذ الامر طابع قضائي رسمي

ولكن ان تكون الموتمرات الصحفية منبر كما كانت تفعل اللجنة السابقة فان ذلك لن يخدم سير العدالة ، وبدون شك فان هناك ضحايا صغار لقرارات لجنة ازالة التمكين السابقة فالعديد من العمال المغلوب على امرهم الذين ضاعت حقوقهم مابين اصحاب الاموال والشركات المستردة عبر لجنة ازالة التمكين ومابين لجنة التمكين السابقة نفسها وهولاء المساكين لاناقة لهم ولاجمل في تلك الاحداث والكثير منهم لاينتمي حتي الي فكر النظام البائد والثورة في شعارتها كانت تنادي بالعدالة بالتالي فان ترك هولاء المساكين بدون تعويض فان ذلك يخصم الكثير من اهداف الثورة والتي بكل اسف ماتت قبل ان تولد بسبب اصرار البعض علي خوض تجربة سياسية بعيد عن صناديق الاقتراع وتغيب دور البرلمان حتي ولو كان برلمان انتقالي فلا توجد دولة في العصر الحديث تستغني عن المجلس التشريعي فهو الرقيب علي الاداء الحكومي وحلقة وصل بين المواطنين والحكومة و معرفة قضاياهم السياسية والإجتماعية والثقافية فقد كان من المفترض عقب توقيع اتفاق الوثيقة الدستورية الشروع فَوْرَ في تشكيل برلمان قومي انتقالي من كافة اهل البلاد وتاسيس نظام قضائي مستقل وعدم التعامل بمبداء الانتقام فالسياسة لاتوجد فيها ضغائن وترك كل القضايا امام منصة القانون واكبر اخطاء الحرية والتغير ( قحت) هو تبني شعارات النشطاء فالناشط السياسي لن يصل درجة الي الاحتراف السياسي الا بعد خوض تجارب العمل التنظيمي عبر الدوائر الحزبية والنقابية والبرلمانية ومن الاخطاء الاخري عدم نزول الحكومة الانتقالية الي الشارع ومعرفة مطالب المواطن البسيط المغلوب على أمره وتبني قضاياه التنموية ودعم حقه في العيش الكريم وتقديم الخدمات
وكبح جماح التجار الجشعين وضبط الاسواق وتوفير الامن

ان تجاهل شريحة المواطنين الفقراء جعل شعبية حكومة السيد حمدوك تصل الي ادني درجة لها فالاصرار علي رفع الدعم جعل الناس تسخط من هذه الحكومة و حتي مشروع (ثمرات) يعتبر فاشل فهو لم يستند علي قاعدة بيانات كافية حيث كان اخر تعداد سكاني للبلاد في العام 2008م قبل انفصال جنوب السودان والاعتماد علي تسجيل المواطنين في مراكز (ثمرات) لايكفي فهناك العديد من المواطنين لم يسمع اصلا (بثمرات) واكبر عقبات ذلك المشروع هو اشتراط وجود ارقام هواتف وارقام وطنية او حسابات مصرفية للشخص الذي يريد الاستفادة من مشروع ( ثمرات ) مما جعل الفكرة تبدو صفوية فهناك العديد من المواطنين من لايملك هواتف او حسابات مصرفية او ارقام وطنية خاصة فئة الاطفال والشي الموسف ان حكومة السيد حمدوك كانت تظن انها تحسن صنعا عقب اعتمادها لسياسة رفع الدعم وتدشين مشروع (ثمرات) فضاعت حقوق الفقراء والمساكين مابين اصوات التطبيل والنفاق فالانسان بطبعه يحتاج الي الطعام والشراب والعلاج والتعليم وهذا ماعجزت عنه الحكومة الانتقالية بالتالي لم تجد من يبكي علي ذهابها الا اصحاب المصالح ،

ان ماحدث في الخامس والعشرين من اكتوبر 2021م كان امر متوقع فالعامل الاقتصادي لعب دور كبير في اسقاط معظم الانظمة السياسية باستثناء نظام الراحل الجنرال ابراهيم عبود الذي كان يتمتع باستقرار اقتصادي طيب اذا اكتوبر تظل ثورة وعي سياسي كاملة الدسم فهي لم تندلع بسبب ارتفاع الاسعار وانما بسبب الكبت السياسي عكس ماحدث في انتفاضة ابريل 1985م ضد نظام الجنرال الراحل النميري الذي تأثر نظامه الاقتصادي بالجفاف والتصحر الذي ضرب السودان في العام 1984م وحتي الانقلاب العسكري علي حكومة الراحل الامام الصادق المهدي سنة 1989م كان لكارثة السيول والامطار التي شهدها السودان عام 1988م دور كبير في اضعاف الاقتصاد اضافة الي الحرب في جنوب البلاد وحتي سقوط البشير لم يخرج عن دائرة الازمات الاقتصادية بالتالي كل انقلاب عسكري او ثورة شعبية يحركهم عامل الوضع المعيشي بالرغم من وجود مطالب سياسية خلف تلك الاحداث الا ان معاش الناس يحتل المرتبة الاولي في التغير والسيد الجنرال البرهان لن يرحل بضغط المواكب الثورية التي تشهدها البلاد هذه الايام ولكنه سوف يسقط بدون شك بفعل الوضع المعيشي الصعب الذي يكاد يخنق المواطنيين فقد صارت زيادة الاسعار امر شبه يومي مما ينعكس ذلك علي معاش الناس و الناظر الي اعداد المتظاهرين خلال المواكب الاخيرة و مقارنة بالمواكب التي خرجت في السابق ضد نظام الجنرال المخلوع البشير يعرف ان الشارع الثائر لم يصل بعد الي درجة مواكب ديسمبر 2018م و ابريل 2019م فتلك المواكب شارك فيها كل الشعب السوداني حتي من بعض الاسلاميين الناقمين علي السياسة المالية التي اتابعها الرئيس المعزول عمر البشير حيث كان ليس بمقدور اصحاب الاموال الكبيرة التمكن من سحب اموالهم من البنوك الا في حدود مبلغ الف جنية فقط ،

والملاحظ ان السيد الجنرال البرهان يسير علي نفس نهج حكومة السيد حمدوك في الملف الاقتصادي فاستمرار سياسة انهاك كاهل المواطنين بالمزيد من مضاعفة تكاليف الخدمات بزيادة اسعار الكهرباء والغاز والوقود وايقاف الخبز المدعوم سوف يقود شرائح المواطنين المتضررين من ارتفاع الاسعار الي التضامن مع المواكب التي يشهدها الشارع هذه الايام وخير دليل علي ذلك قيام تجمع مزارعين الولاية الشمالية باغلاق طريق شريان الشمال احتجاج علي زيادة اسعار الكهرباء وهي مطالب مشروعة سوف تجد تجاوب منقطع النظير من الشعب فزيادة اسعار الكهرباء سوف تنعكس علي كل شي فالكهرباء باتت تمثل عامل اساسي في حياة المواطن السوداني والشي المدهش ان تلك الزيادت تصدر بالرغم من عدم وجود مجلس وزراء رسمي يجتمع بشكل دوري ليقرر في امور البلاد وحتي قرار المجلس السيادي بتجميده تلك الزيادة الاخيرة في اسعار الكهرباء كاد قرار المجلس ان يصبح حبر علي ورق فكان من المفترض ان ينفذ في اليوم التالي الا ان المجلس احتاج اسبوع اخر حتي يتمكن من حفظ ماء وجهه بتطبيق القرار علي ارض الواقع
لتعود بعد اسابيع قليلة نفس تلك الزيادة في اسعار الكهرباء الي وضعها السابق والسوال هنا من يقف خلف كل ذلك الترتيب ! ،

ان المواطن بات علي شفا بركان ينتظر الاندلاع بسبب صعوبة الحياة وانتشار الفقر وعدم توفر الامان فما يحدث في حق المواطنين من ظلم وتضيق في المعاش عبارة عن انتقام ممنهج وليست عملية انتقال ديمقراطي علي انقاض نظام بائد كان بالرغم من الاختلاف السياسي معه الا انه كان قادر علي توفير الحد الادني من العيش الكريم ، بالمقابل لم تستفيد (قحت) من سلبيات وايجابيات نظام الانقاذ البائد في العبور نحو دولة ديمقراطية وذلك بدراسة النظام البائد بشكل جيد والابقاء علي المفيد منه والاطاحة بالمضر بمصلح الشعب السوداني ، فالثورة في الاساس اندلاعت لاجل هذا الشعب والوطن ولكن قبل انتهاء معركة الفترة الانتقالية تصارع حلفاء الامس حول الغنائم والكراسي والمناصب مما تجعل المصالح والمناهج السياسية الحزبية تتقاطع مع مثياق الحرية والتغير ( قحت) الذي تبني جزء كبير من افكار تجمع المهنين الذي اندمج مع الاحزاب السياسية ليشكل تحالف ( قحت) فقد كان تجمع المهنين ينادي قبل سقوط النظام البائد بشعارات جميلة منها حق العيش الكريم والحرية والعدالة الا ان تلك الشعارات ضاعت في الزحام ،

ان لجنة مراجعة اداء لجنة ازالة التمكين السابقة المكلفة من المجلس السيادي يجب عليها السير في طريق القانون وتقديم كل متهم بخيانة الامانة او التلاعب بالمال العام الي القضاء بدلا عن عقد الموتمرات الصحفية علي ان تكون كل مراحل التحقيق وانعقاد المحاكم علي الهواء مباشرة عبر قناة تلفزيون السودان حتي يتمكن المواطن السوداني من معرفة تفاصيل الحقيقة ، ان الشعب السوداني صار زاهد في الجميع وخاصة وان البلاد تشهد تراجع في شتي المجالات والاحباط هو سيد الموقف فالسودان يحتاج الي الاستقرار السياسي والاجتماعي والثقافي وتغليب صوت العقل ولن يكون ذلك ممكن الا بجلوس الجميع علي طاولة واحدة وترتيب البيت السوداني من الداخل ولتكن ضربة البدية باجراء تعداد سكاني واعداد سجل الناخبين وانشاء مفوضية الانتخابات فلا وقت يكفي لتشكيل برلمان انتقالي ويمكن الاكتفاء بشكيل لجنة عليا من المكونات السياسية المدنية والعسكرية للترتيب للانتخابات العامة ويمكن الاستعانة بدستور موقت للبلاد مع تشكيل حكومة تصريف اعمال حتي يتمكن السودان من العبور نحو الاستقرار

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
Alaam9770@gmail.com

مقالات ذات صلة