عبدالسميع العمراني يكتب: ايام من الحياة (3) .. سيارة فاخرة من الأمير مقابل قصيدة مدح ركيكة
كنت انتظر وصول الأمير بفارغ الصبر وذلك بسبب حادثة السيارة المؤسف مع احد أبناء الشيوخ وهي واقعة تسببت فيها بحماقة وتهور صبياني… فذات مساء اي فترة ماقبل المغيب خرجت بواحدة من السيارات الرابضة بالمعسكر قاصدا زيارة سودانيين من أبناء شرق النيل (السمرة والعيدج) واذكر انه كان لديهم بعض الإبل بمعسكرهم وتناولت معهم اللبن القارص اللذيذ وحين عودتي والليل يكاد يسدل خيوطه انتابتني حالة من الفخر والنشوة غير العادية وانا أقود العربة الفاخرة وكان لدينا باكستاني يدعي حسين كثيرا ما كان يأتي لزيارتي وكان يعمل بمعسكر الأمير يزيد الشاعر المرهف وهو صاحب رائعة ليلة خميس التي يتغنى بها محمد عبدو ، وحسين الباكستاني هذا كان لديه لبسة واحدة لم أرى غيرها صباح مساء و نهار وهي عبارة عن تريننق فل سوت وردي اللون فشاهدته من بعيد في وسط الطريق المؤدي إلى معسكرنا وحدثتني نفسي بسوء ان اعاكسه بالعربة فزدت سرعة السيارة وضغطت على الكلكس و حين اقتربت منه أكثر فأكثر جرى يمينا فذهبت معه يمينا وتارة شمالا وانا اضحك لانه قد ارتعب بشكل كبير …ولكن حين توقفت جواره اكتشفت ان هذا الشخص الذي يرتدي ملابس حسين الباكستاني ولديه نفس الملامح من شارب ضخم وحواجب غزيرة وقوامه ممشوق ولكن لم يكن هو حسين الباكستاني بل يبدو شاب سعودي الملامح خاصة وان الزي الذي يرتديه نظيفا لأمعا وليس مثل لبسة حسين الباكستاني الباهتة كما ظننت ، وهنا تسمرت رجلاي تماما وفتحت فمي دهشة وخوفا وارتبكت ولم أدري هل اترجل من العربة للاعتذار ام اكتفي بالاعتذار وانا أقود العربة
وقد كان على يميني فقمت بفتح باب الراكب جواري وقلت له بطريقة مرتبكة لاتخلو من التوتر وبلهجة سودانية صرفة يا اخي وآلله انا متاسف جدا وآلله انا قايلك حسين الباكستاني !!!!!
نظر لي والشرر يتطاير من عيننه .. يا ساتر . يالطيف ماهذه الورطة التي تسببت فيها…. ولم
يرد عليا بيد انه اخذ الباب بيده ورده في وجهي بعنف دون أن ينطق بكلمة.. وادرت العربة متوقعا ان الأمر قد انتهى عند هذا الحد .. ولكن المفاجأة ان هذا الشخص الذي كدت ان اتسبب في موته دهسا تحت عجلات سيارة المعسكر لم يكن مواطنا عاديا كما ظننت بل كان واحدا من أبناء أغنى أغنياء المملكة بعد أن حكيت الواقعة لليمني الذي يعمل في المعسكر المجاور وأخبرته بالموقع الذي حدثت فيه تلك المصيبة فقال لي دي منطقة معسكر أبناء الشيوخ والويل لك من غضبتهم !!!
ولم أكن وحدي الذي كان ينتظر وصول الأمير إلى المعسكر لحل مشكلته إذ كان هنالك صديقي عبدالله احد عساكر الطواري السعوديين والذي كان يزورني بالمعسكر وطلب مني التوسط له لدى الأمير ليهديه سيارة جديدة لأن سيارته قديمة متهالكة على حد وصفه. وكانت علاقتي وعسكري الشرطة السعودية قد
توطدت بشكل وثيق وحاولت بطريقة خبيثة استغلال الوضع فحينما جاءني قبل اسبوع من وصول الأمير وهو يقود عربة الشرطة الجيمس سألته ان كان لديهم تلفون بالمكتب لانني اريد الاتصال على اهلي ..فوافق على الفور وقال لي تعال معي وصحبني معه بسيارة الشرطة.. ولما لم أكن مقيما وقتها اي ان وجودي غير شرعي حسب قوانين المملكة ولكنني ..ركبت سيارة الشرطة وهي نفس السيارة التي تقوم بالتقاط غير المقيمين (الكشة)…… …..
وذهبت مع صاحبي الجديد إلى قسم شرطة الثمامة حيث توجد إعداد كبيرة من الضباط والعساكر وما أن ترجلت من السيارة الا ووجدت نفسي أمام مجموعة كبيرة من ضباط وعساكر قسم الشرطة وهم جلوسا على واجهة المبنى الضخم فما أن ألقيت عليهم التحية الا و تفاجات بان رد عليا أكثر من واحد …اذن انا محل ترحيب بينهم واعتقدت ان صديقي ربما حدثهم عني بكوني الوسيط بينه والأمير والقصيدة والعربة ..وصراحة لم اشعر بالخوف حينها بسبب دفء الترحيب بل ان العسكري قد رافقني إلى احد المكاتب فتم إكرامي بالقهوة والعجوة والشاي وقال لي صديقي هذا هو التلفون خد راحتك وكلم اهلك ترى الخط دولي . والحمد لله وبعد انقطاع عدة أشهر عن الاهل اتصلت بالقضارف وكسلا وكافة أصدقائي بالمملكة وبعد أن تناولت القهوة اعادني صاحب القصيدة إلى حيث مقر عملي بالمعسكر معززا مكرما بمعنويات عالية ونشوة عارمة بكون ان الشرطة السعودية التي تطارد المقيمين بطرق غير شرعية هاهي الان في خدمتي (في أى بي ) وانا المخالف لقوانين الإقامة .. وقال لي ان قصيدته في مدح الأمير أصبحت جاهزة و تحتاج فقط للطباعة و انه سيذهب إلى داخل المدينة لطباعة قصيدة المدح للامير (قطع اخضر )،، لتسليمها لي حتى اسلمها للامير حين زيارته المعسكر .
نواصل باذن الله