الإمارات تواجه خطر الإدراج في “القائمة الرمادية” لغسيل الأموال
وكالات اثيرنيوز
تواجه الإمارات خطرا متزايدا بإدراجها في قائمة مجموعة العمل المالي الدولية للبلدان التي تخضع لمزيد من الرقابة بسبب أوجه القصور في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، رغم الجهود الحكومية للتصدي للعمليات غير المشروعة، بحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
ويعتزم الفريق المعني بالإجراءات المالية في المجموعة إضافة الإمارات إلى “القائمة الرمادية” في وقت مبكر من هذا العام.
والقائمة الرمادية، هي أحد تصنيفين تستخدمهما الهيئة الحكومية الدولية للدول التي فيها “أوجه قصور استراتيجية” في محاربة تبييض الأموال، وفقا لما نقله التقرير عن أشخاص مطلعين والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المناقشات سرية.
وفي حالة موافقة المجموعة الدولية على التصنيف، فسيكون ذلك من بين أهم الخطوات في تاريخ المجموعة الممتد لثلاثة عقود في باريس نظرا لموقع الإمارات كمركز مالي رئيسي في الشرق الأوسط، بحسب التقرير.
في المقابل، قال حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي الإماراتي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في بيان عبر حساب المكتب في تويتر: “تنظر دولة الإمارات إلى دورها الريادي في حماية سلامة النظام المالي العالمي بجدية بالغة. ومع ازدياد حجم الجرائم وزيادة تعقيدها، ازداد أيضا وعي دولة الإمارات وفهمها للآليات التي يتم بها هذا النوع من الجرائم”.
وأشار أيضا إلى أنه “لهذا السبب، تلتزم دولة الإمارات باتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة الجرائم المالية، ويعمل المكتب التنفيذي بلا كلل على تعزيز وتطبيق آليات الدفاع الداخلية للدولة ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وأكد الزعابي في تصريح لموقع “بلومبيرغ نيوز” “إننا نأخذ هذا الأمر على محمل الجد، فقد دخلنا في شراكة مع متخصصين من ذوي المهارات العالية والخبرة، ولديهم سجل حافل في تلبية أفضل الممارسات والمعايير الدولية”.
وأضاف الزعابي أن “الإمارات ملتزمة بشكل كامل بدعم نزاهة النظام المالي الدولي، والذي يشمل العمل عن كثب مع شركائنا في جميع أنحاء العالم لمكافحة الجرائم المالية”.
ورفض متحدث باسم المجموعة الدولية طلب بلومبيرغ التعليق. وتنطبق القائمة الرمادية على البلدان التي لديها “عيوب استراتيجية في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل الانتشار”، ولكنها ملتزمة بمعالجة القضايا “على وجه السرعة”، بحسب معلومات منشورة في موقع المجموعة الإلكتروني.
وتضع مجموعة العمل المالي حاليا 23 دولة، بما في ذلك ألبانيا وسوريا وجنوب السودان تحت “رقابة أوثق”، مع وجود إيران وكوريا الشمالية فقط على “القائمة السوداء” الأكثر خطورة.
بدورها، تقول كاثرين باور، المسؤولة السابقة في وزارة الخزانة الأميركية، والتي قادت وفد بلادها إلى مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (وهي هيئة إقليمية على غرار مجموعة العمل المالي): “هناك بلا شك عواقب مرتبطة بالقائمة الرمادية”.
وتحتل الإمارات مرتبة متدنية في مؤشر الضعف أمام غسل الأموال وتمويل الإرهاب،
وأضافت باور، وهي الآن زميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن “العديد من المنظمين العالميين يطلبون أن تقوم البنوك والمؤسسات المالية بمراجعة، أو حتى وضع تصنيفات المخاطر الخاصة بهم وإجراءات العناية الواجبة ذات الصلة للأطراف المقابلة في البلدان المدرجة في قائمة المجموعة”.
من جهتها، قدمت الإمارات تقريرا إلى فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في نوفمبر الماضي، لكنها لم تصل إلى العديد من العتبات اللازمة للبقاء خارج القائمة الرمادية، بحسب ما نقله التقرير عن أشخاص مطلعين.
ومن المتوقع أن تتخذ المجموعة قرارا في الاجتماع العام المقرر عقده في أواخر فبراير المقبل، ولا تزال هناك العديد من الفرص للمسؤولين الإماراتيين لعرض قضيتهم لمجموعة العمل المالي، كما أن هناك زيارة لهم إلى باريس في الأسابيع المقبلة، وفقا للمصدر ذاته.
وكانت المجموعة قد شككت في تقرير نُشر في أبريل 2020، في نظام الإمارات المالي، بما في ذلك التشريعات الجديدة في 2018 و2019، وفقا لبلومبيرغ.
وقالت المجموعة في ذلك الوقت: “هناك حاجة إلى تحسينات أساسية وكبيرة في جميع أنحاء الإمارات من أجل إثبات أنه لا يمكن استخدام النظام المالي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل”.
ومنذ هذا التحذير، اتخذت حكومة الإمارات العديد من الخطوات للتوافق بشكل أفضل مع المعايير العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفقا لابتسام السعود، رئيسة قسم الاستشارات في الجرائم المالية في مكتب التميمي للمحاماة، ومقره دبي.
وأنشأت السلطات محاكم تركز على الجرائم المالية وتطلب الآن من الشركات الكشف عن أصحابها النهائيين للحكومة.
كما أنشأ المسؤولون الإماراتيون المكتب التنفيذي بقيادة الزعابي لضمان تعاون البنك المركزي ووزارة المالية والسلطات الأخرى بشكل وثيق.
وفرض البنك المركزي في الأشهر الأخيرة عقوبات على بنوك عدة لخرقها لوائح مكافحة غسيل الأموال وفرض قواعد جديدة على الحوالات، وهي جمعيات خيرية غالبا ما يُزعم أنها تتيح تدفقات الأموال المرتبطة بالإرهاب.
وبحسب ما نقله التقرير عن بيانات وزارة الخارجية الإماراتية، فإن 625 مليون دولار هو القيمة التقريبية للأموال التي صادرتها الإمارات، عام 2021، في إطار إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ومع ذلك، فإن المعاملات غير المشروعة هي “ميزة وليست خطأ” في النظام المالي في دبي، وفقا لتقرير عام 2020 الصادر عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. وتضع الولايات المتحدة الإمارات على قائمة نطاق “رئيسي لغسيل الأموال”.
يذكر أن قرار المجموعة الدولية التي أنشأتها مجموعة الاقتصادات السبع الكبرى، يتطلب أغلبية كبيرة من أعضائها لاتخاذ قرار القائمة الرمادية.
وكانت وزارة الاقتصاد الإماراتية قد أعلنت، في ديسمبر الماضي، أن مصافي الذهب في أنحاء البلاد سوف تكون مطالبة بتنفيذ عمليات تدقيق تثبت التوريد المسؤول للذهب، وفقا لوكالة، بلومبيرغ.
ووفقا للبيان الصادر عن الوزارة فإن عملية التدقيق سوف تجري وفقا للمبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبالتالي سوف تكون إجبارية على جميع المصافي اعتبارا من بدايات العام القادم.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الاتهامات الموجهة للإمارات بأنها تسمح بنقل سبائك الذهب المهربة من مناطق النزاع إلى البلاد.
وقد أجرت إدارة مكافحة غسيل الأموال بالوزارة بعض عمليات التدقيق في الربع الأخير من العام الحالي، وفقاً لمعايير مختلفة بحسب بيان وزارة الاقتصاد الإماراتية.
وعلى الرغم من نفي حكومة الإمارات وبورصة السلع في دبي باستمرار مثل هذه الاتهامات، بيد أن الإعلان عن هذه الخطوة من شأنه أن يخف من وطأة الانتقادات التي كانت توجه إلى ذلك البلد العربي الغني بالنفط.
ومن المقرر أن يبدأ تطبيق “معيار التسليم الجيد على مستوى دولة الإمارات” في فبراير المقبل.
المصدر : الحرة