من أعلي المنصة .. ياسر الفادني .. إحترامي إليك من صميم قلبي دون ما أشعر !
⤵️ من أعلي المنصة
✍🏻 ياسر الفادني
إحترامي إليك من صميم قلبي
دون ما أشعر !
العنوان أعلاه هو مطلع لأغنية سودانية جميلة ، سكب لحن كلماتها عسلا مصفي الشاعر والملحن الراحل عبد الرحمن الريح صدح بها البلبل الغريد الراحل الفنان إبراهيم إدريس ود المقرن ، ود المقرن واحد من الفنانين الكبار لكنه لم يلق حظه الواسع في دائرة التوثيق والمكتبة الغنائية السودانية الزاخرة ، جيله الفني جيل ماسي فريد وصوته عذب فريد فيه جاذبية دافئة ، ود المقرن أغانيه لها نكهة خاصة في النبض الغنائي العاطفي فيها لمسة بحميمية الكلام ، تستمع لأي لحن منها تحس أنك المخاطب ، من أغنيات ود المقرن ( ليه يا زمان ليه) و( أنا والحبيب من بعضنا ) لكن أغنية (انا في شخصك ) أو سحر الجمال التي أتناول موضوعها الآن هي اغنية تميز بها ومثلت منحي جديدا في الأغنية السودانية لما لها من كلمات فيها معان سامية في مخاطبة المحبوب
الشاعر المقيم الراحل عبد الرحمن الريح كاتب هذه الأغنية نشا وتربي في مدينة الفن والجمال أم درمان ودرس بالخلوة وبدأ يقرض الشعر الغنائي منذ الصغر ، تميز شعره بأنه يلامس الوجدان مباشرة دون حاجز ، وله مدرسة خاصة في كتابة الشعر الغنائي وهي مدرسة ( لزوم ما لا يلزم ) هذه المدرسة منهجها حرف أو حروف وحركات قبل رواية القصيدة يتمسك بها الشاعر إلي نهاية قصيدته وهو أمر ليس بالسهل ولا يطرقه إلا متفرد ومبدع مثال لذلك الأغنية التي كتبها ( ياحمامة مع السلامة ) عندما انشد قائلا :
طيري في جوك المعطر
وانشدي شعرك المشطر
قولي للشادن المبطر
فحرف الطاء هنا يفسر التزامه بما لا يلزم ، عبد الرحمن الريح رفد الغناء السوداني بعشرات الأغاني ويقوم بتلحين قصائده بنفسه ويهدي الإبداع للفنانين (مقشر) ! ، الشاعر الملحن عبد الرحمن الريح إنتقل بالشعر العاطفي من مجال الإسفاف والغزل المكشوف إلي عفة اللسان ونقاء الوجدان ، من أغانيه علي سبيل المثال لا الحصر (خداري) ، (جاني طيفو طايف) ، (لي زمان بنادي) (ما ممكن أصرح) ..
شوف دموع عيني ….سايلة في خدي…. وصف تجسيدي لحالة حزن عميقة ، من اللهيب يعني ما في خلاص .. هكذا يا ظالم جزا الإخلاص؟ تشبيه الوله والألم باللهيب ومحاولة النطق بسؤال الحيرة هل هذا جزاء المخلص؟ ، مدح الحبيب برغم الظلم وعلو مكانته في قلبه عبر عنها بهذه المفردات :
للنجوم معناك …… سامية في علياك ….طاهرة الأملاك ، ختم هذه الأغنية بكلمات عجيبة فيها الإحترام الذي مكانه سويداء القلب والسكن الجميل
أنا في شخصك أحترم أشخاص….وطبعا عندي احترام خاص
شاعرنا عبد الرحمن الريح عاش فقيرا وأجبرته حالة العوز التي ظلت تلازمه الي بيع بيته بامدرمان وشراء بيت رخيص بضواحي امبدة لقي تحت سقفه ربه….. راضيا مرضيا ، ألا رحم الله صاحب المفردة واللحن الشجي الراحل المقيم عبد الرحمن الريح و رحم الله صاحب الصوت الفخيم الرخيم الشجي إبراهيم إدريس ود المقرن و لمن فقدناهم في هذه الحياة الدنيا وداموا في عداد الخالدين .