ماذا قال هؤلاء عن ال١٩ من ديسمبر
التاسع عشر من ديسمبر من كل عام يوم ارتبط لدى السودانيون بالحرية وامتلاك القرار ومشحون بالرمزية التاريخية ففي التاسع عشر من ديسمبرالعام 1955اعلن استقلال السودان من داخل البرلمان وفى نفس اليوم من العام2018رفض الشعب السوداني وتخلص من نظام الإنقاذ الذي حكم البلاد لثلاثين عاما.
ومن خلال استطلاع اجرته “سونا ” وقفت فيه على خواطر وانطباعات نفر من سياسيين وقانونين واقتصاديين
ووفقا لرؤية الدكتور صلاح بندر مدير البرامج بالمركز الاوروبي لدراسات التطرف بكيمبريدج، لمعنى 19 ديسمبر يقول ” هو اليوم الذي نستلهم فيه دروس تجربة انتفاضة ديسمبر 2018 المجيدة ونحن نحتفي بذكراها الثالثة”
ويضيف بأن الفترة الانتقالية التي تلت انتفاضة أكتوبر 1964 وما تركته لنا من عبر ودروس ما يفيد الاجيال الجديدة في استيعاب تحدياتهم الماثلة .
ويشير فى تصريحه”لسونا ” إلى أن انعاش الذاكرة باستعراض محتوى “الميثاق الوطني لثورة أكتوبر 1964” والصادر في اجتماع القوى السياسية التي نشرته يوم الثلاثاء 27 أكتوبر 1964 في بيت الإمام المهدي بأمدرمان، ما قد يساعدنا في فك شفرة الاصدارات المتعددة التي تشهدها الساحة الآن من مواثيق وبيانات تجتهد في أن تجد القبول من قوى الانتفاضة المختلفة.
ويلخص بندر ميثاق أكتوبر 1964 في عشرة بنود كان أولها إزالة الوضع العسكري لجنرالات انقلاب نوفمبر 1958، وقيام حكومة انتقالية قومية تمثل هيئات الشعب المختلفة لإدارة البلاد واعدادها لوضع ديمقراطي لفترة لا تتجاوزآخر مارس 1965.
واطلاق الحريات العامة كحرية الصحافة والتعبير والتجمع والاحزاب السياسية يترك أمر تكوينها للجبهة الموحدة، وثالثاً إلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات وتأمين استقلال القضاء؛ وخامساً تأمين استقلال الجامعة واطلاق سراح المسجونين السياسيين مدنيين وعسكريين واتخاذ سياسة خارجية ضد الاستعمار والاحلاف. وثامناً تحكم البلاد خلال فترة الانتقال وفقاً للدستور المؤقت السابق مع ابعاد الفصلين الخاصين بمجلس السيادة والهيئة التشريعية، وتنتهي الفترة الانتقالية بانتخابات حرة تشرف عليها لجنة مستقلة تعينها الحكومة الانتقالية لانتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور وأخيراً اعادة تنظيم الهيئة القضائية ومؤسسات العدل المختلفة.
ويرى بندر أن من أبرز ما تميزت به الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أكتوبر 1964 هو بروز التكتلات الجهوية (نهضة دارفور، مؤتمر البجا، جبال النوبة …الخ)؛ وأزدياد حدة الاستقطاب العرقي في البلاد نسبة لتراكمات الفشل منذ الاستقلال في تحقيق حد معقول من التنمية المتوازنة لمناطق البلاد المختلفة، ويضيف قائلا “ارتفعت حدة الاختلافات بين الاحزاب في اختيار الطريق الأمثل لتأسيس مرجعية دستور تحفظ حق المواطنة وتحقق السلام العادل والمساواة ونظام عدالة اجتماعية راسخ”. وتصدعت أمام تحديات انتفاضة أكتوبر 1964 الأحزاب السودانية المختلفة، ولم يسلم من الانقسامات أي طرف كان ممثلاً في الأحزاب التقليدية أوحتى اليسار ممثلاً في الحزب الشيوعي.
ويضيف بأنه على الرغم من نجاح الانتفاضة في ازاحة الحكم الديكتاتوري العسكري بقيادة الجنرال عبود؛ إلا انها فشلت في وضع الأساس الصلب الذي تعرض بعد ذلك لزلزال حل الحزب الشيوعي والخلافات حول دور السلطة القضائية واستقلالها والصراع حول الدستور الدائم وتداعيات انتخابات 1968، وفشل الحكومة في تقديم سياسات اقتصادية ناجعة تعالج الأزمة المستحكمة. وانفتح الباب واسعاً لدخول البلاد في غيبوبة الانقلابات ونفق الديكتاتورية المظلم بقفز مدبري انقلاب 25 مايو 1969 بقيادة الجنرال نميري على سدة الحكم.
ويتساءل بندر هل بالتفكير في مسلسل الاحداث منذ انتصار انتفاضة أكتوبر 1964 وحتى أنهيارها في صبيحة انقلاب 25 مايو 1969 نستطيع ان نتفادى مأساتها؟ ويردف قائلا ” بل لعل في التفكير في دروس انتصار إنتفاضة أبريل 1985 وانهيارها بإنقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة الجنرال البشير ما يساعدنا على انعاش ذاكرتنا وفي استدراك الانزلاق للمرة الثالثة في هذا الطريق الوعر، وما يدفعنا على التوقف والتأمل في كيفية الحرص على عدم تكرار التجربة المريرة على شعبنا ووطننا.
و يرتبط ١٩ ديسمبر لدى رئيس سلطة تنظيم اسواق المال شوقي عزمي بالحرية والانعتاق من رحم المستعمر، وقال انه اليوم الذى أمتلك الشعب فيه قراره، بعد أن كان يحكم السودان الحاكم العام والباشبوزق أصبح يحكمه الازهري وصحبه الميامين باراده وطنية. وبعث بالتحية لكل من أراد للسودان الحرية حرا ومنعتقا من براثن الاستعمار بكافة أشكاله، وأضاف قائلا “فيكفي السودان فخرا ان قرر ابناؤه عبر برلمانهم ان عهد الوصاية والذل والخنوع للمستعمر انتهى وان السودان اذا ما خلصت ضمائر أبنائه وازالوا البغضاء والعنصرية والجهويه من بينهم ووجهوا موارده لخدمة السودان لا لخدمه ذواتهم فعندها نشعر بطعم الاستقلال الحقيقي الذي مات من أجله الألوف في كرري وأم دبيكرات وثوره ود حبوبه واللواء الأبيض وصولا الي آخر شهيد “.
الدكتور نبيل أديب قانوني قال ان ١٩ ديسمبر ١٩٥٥ هو اليوم الذي قرر فيه نواب الشعب استقلال السودان، وان ١٩ ديسمبر٢٠١٨ هو اليوم الذي خرجت فيه جماهير الشعب السوداني رفضا لنظام الانقاذ وبحثا عن الحرية والعدالة والسلام.
ووصفه بأنه يوم مشحون بالرمزية التاريخية، وقال “لسونا ” أن ثورة ديسمبر نجحت فى الاطاحة بالنظام الشمولي وانه يشكل الأرضية اللازمة لتحقيق اهدافه الحرية والسلام والعدالة وأبان قائلا “هي بطبيعتها شعارات لا تتحقق بين يوم وليلة”
وتابع فى حديثه ان الشعب السوداني بإعلان استقلاله من البرلمان تحرر من التبعية بمختلف اشكالها وان هذا التحرر يعني استقلالنا بالقرار في شؤوننا وهو تحقق بالفعل، ويستدرك بأن هذا لا يعني قطع الاواصر مع المجتمع الدولي بل على العكس من ذلك فان عودة السودان لكي يكون عضوا فاعلا في المجتمع هو احد اهم اهداف ثورة ديسمبر.
المحلل السياسي دكتور الوليد مادبو ذكر ان يوم 19 ديسمبر توحد فيه هدف الجماهير السودانية وتمركزه حول قضية الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودعا إلى ثورة ثقافية واجتماعية و فكرية وتبني فلسفة أخلاقية تكون للدولة دورا في تنظيم القطاعات الاستثمارية والتجارية بحيث توفر البنية التحتية ولا تفسح مجالا للاحتكار، وأمن على دولة الرعاية الاجتماعية وأبان ان الفلسفة الليبرالية هزمت القيمة المحورية فى ثقافتنا وهو التكامل.