علاء الدين محمد ابكر يكتب .. قطر تنجح في جمع العرب بدون اجندة سياسية

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ قطر تنجح في جمع العرب بدون اجندة سياسية

______________

سبعين عاما هي عمر انشاء جامعة الدول العربية في العام 1945م وهي منظمة إقليمية تضم دولاً عربية في آسيا وأفريقيا ينص ميثاقها على التنسيق بين الدول الأعضاء في الشؤون الاقتصادية ورغم ذلك لم يتمكن العرب من الاتفاق علي روية واحد نحو مستقبلهم الاقتصادي والاجتماعي عكس دول الاتحاد الاوربي الذي قام بعد انشاء الجامعة العربية بعشرين عام فالاتحاد الأوروبي هو جمعية دولية للدول الأوروبية يضم 27 دولة وأخرهم كانت كرواتيا التي انضمت في الاول من يوليو في العام 2013، و تأسس الاتحاد الاوربي بناء على اتفاقية معروفة باسم معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1991، ولكن العديد من أفكاره موجودة منذ خمسينات القرن الماضي

لقد فشلت الجامعة العربية في تحقيق توافق سياسي اجتماعي يقود العرب الي مزيد من القوة بالرغم من عدم وجود حاجز لغوي يمنع التواصل بين شعوبهم عكس الاتحاد الاوربي الذي يضم اكثر من عشرين لغة يتحدث بها شعوب قارة اوربا اذا هناك خلل كبير في اتحاد الدول العربية خاصة في الجانب السياسي ولكن الرياضة نجحت لاول مرة بمنح الشعوب العربية احساس جديد بالوحدة رغم العراقيل الكثيرة التي كانت تضعها الحكومات العربية بصنع الخلافات السياسية في مابينها بينما العالم صار اكثر اتحاد بفضل التقدم العلمي ودوحة العرب هذه الايام تعيش كرنفال الفرح العربي بتنظيم بطولة كاس العرب بشكل جميل وراقي جعلها تستحق ان تكون دوحة العالم فقد استطاعت دولة قطر وبفضل التخطيط السليم ان تصل الي شبه الكمال ( والكمال لله وحده) في انشاء دولة عصرية تضاهي اكبر دول العالم تقدما وصارت نموذجا للدول النامية في ان الحلم يمكن ان يتحقق اذا ما وجد من يترجمه الي واقع وهذا ماحدث في دولة قطر والتي بفضل قيادتها الرشيدة صارت اسم يتردد في انحاء العالم مقرون بالنجاح وقد كانت ضربة معلم كما يقال باللسان الشعبي المصري اقامة بطولة تحمل مسمي (فيفا عرب) في هذا التوقيت فهي تمثل اختبار حقيقي لدولة قطر في تنظيم نهائيات كاس العالم والتاكد من صلاحيات الملاعب و الفنادق والبنية التحتية فتنظيم بطولة بهذا الحجم يتطلب اعداد خاص ومتابعة دقيقة واجراءات تامنية علي مستوي عالي والجانب الثاني هو جمع ابناء الوطن العربي في بوتقة واحدة في اطار منافسات كرة القدم والتي وجدت اقبال كبير من جميع عشاق كرة القدم في العالم العربي وبعيد عن نتائج البطولة فليس هناك خاسر فالجميع سوف يخرج وهو في قمة الرضي والسعادة بلقاء اخواتهم في الدول العربية الاخري وهذا يعد مكسب كبير ونظرة جديدة لمستقبل الوحدة العربية التي كان يحلم بها الكثيرون و تنظيم كاس العرب بالدوحة ساعد علي نقل مفهوم العروبة من انتماء عرقي الي انتساب فكري ثقافي جامع فاللغة العربية التي يتحدثها سكان دول الوطن العربي بمختلف اللهجات حيث نجد ان اللسان العربي حاضر في تخوم دول التماس علي حدود الوطن العربي في الصحراء الكبري جنوب موريتانيا والجزائر وليبيا وشمال النيجر وتشاد ومالي وجنوب السودان وشرق العراق وشمال سوريا و الأحواز بغرب ايران وجنوب تركيا جعلت من الناطقين بها في تلك المناطق ينظرون إلى ان الانتماء الي العالم العربي ليس بمثل ما كان عليه بالامس من هوس و نظريات المتطرفين العرب الذين كانوا يحصرون مفهوم العروبة في النسب والعرق فقط فالاسلام كسر تلك القاعدة فجعل من كل تحدث العربية فهو عربي فمنح العروبة رحاب واسعة وزاد نسبة القبول عليها فتجد دولة جنوب السودان والتي انفصلت قبل سنوات من الوطن الام السودان بسبب صراع طويل بسبب الهوية مع شمال يصر علي فرض ثقافة عربية علي شعب يشعر بالقروب من الوجدان الافريقي ورغم ذلك فان
لغة التواصل في جنوب السودان بين شعبها هي اللغة العربية التي تعرف بلهجة ( عربي جوبا) نسبة الي مدينة جوبا عاصمتهم وجنوب السودان حاضرة الان في عرس كاس العرب بالدوحة من خلال وفد اداري وان لم يلعب منتخبها امام منتخب الاردن في التصفيات بسبب عدم التاهل الي نهائيات البطولة بعد اصابة العديد من نجومها بفيروس كورونا ورغم ذلك نجد شعبها يتابع المنافسة بشغف بعد ان تبين لهم ان العقل الباطن لمفهوم العروبة اوسع واشمل عكس ماكان يجول في عقول بعض السودانيين المتطرفيين الذين تسببوا في انفصال بلادهم عن الوطن الام
( السودان) فقد كان يعتقد البعض في السودان ان العروبة تنحصر في الملامح ولون البشرة وتقاطيع الوجه والانتماء للدين الاسلامي ويرجع ذلك الي الجهل وعدم الوعي بتاريخ العالم فهناك هجرات ديمغرافية جعلت سكان العالم يتحركون من مكان الي اخر بسبب التجارة والرعي واحيانا هروب من جحيم الحروب مما جعل التركيبة السكانية للعديد من الدول والشعوب تتغير لذلك لا عجب ان تجد ملامح افريقية في سلطنة عمان او الكويت او السعودية ونفس الشي تجد ملامح عربية في شمال افريقيا والسودان وتشاد والنيجر وذلك ماساعد علي انتشار الثقافات المتعددة ومنها اللغة العربية والتي تشرفت بالقرٱن الكريم لتنقل كلام الله تعالي للعالمين فيه ايات من الهدي والتقوي وكذلك لم يمنع انتشار اللغة العربية المسيحيين في المشرق العربي من الاندماج مع محيطهم العربي ودولة لبنان خير مثال لذلك فافضل من تغني وكتب بالعربية كانوا منها ودولة قطر بفكر متقدم واعلام جديد ساعدت علي ازالة تلك الصورة السالبة التي منعت في الماضي شعوب الدول العربية علي تقبل بعضها البعض بسبب عنصرية وجاهلية بعض اصحاب النظرة الضيقة لمفهوم الانتماء العربي والذي هو في المقام الاول ثقافي اكبر ماهو عرقي وهي ذات الاخطاء التي وقعت فيها حكومات دول عربية كبري كانت تحاول في الماضي اقامة وحدة عربية ولكن بدون تخطيط عكس الاتحاد الاوربي الذي تجاوز المشاكل الثقافية التي كانت تقف في طريقه

ورغم ان اوربا لاتتحدث بلسان واحد الا انها نجحت في اقامة وحدة اقتصادية وتجارية جعلتهم اكثر قربا من بعضهم البعض ولم يكن ذلك الانجاز الا بعد سنوات طويلة من التفاوض حول كيفية تنفيذ ذلك الاتحاد علي ارض الواقع وبالمقابل نجد ان الدول العربية اذا ارادت ان تقيم وحدة متازة فانها لن تحتاج الي سنوات اضافية للتفاوض فما يجمع بينهم اكثر ما يفرق ويكفي انهم يتحدثون بلسان واحد بمختلفة اللهجات المعروفة لبعضهم البعض من لهجة شامية وخليجية ولهجة النيل ( مصر السودان) و لهجة مغاربية حيث لايوجد مايمنع تواصل تلك الشعوب مع بعضها البعض ممايساعد علي اقامة اتحاد اجتماعي اقتصادي عربي اكبر من الاتحاد الاوربي نفسه حيث أن مجموع مساحة الوطن العربي يجعل مساحته الثاني عالمياً بعد روسيا ومجموع سكانها هو الرابع عالمياً بعد الصين، الهند والاتحاد الأوروبي وتُعدُ دول الجامعة العربية دولاً غنيةً بالموارد، ففي الدول العربيةِ مواردُ هائلةٌ من النفط والغاز الطبيعي، كما تتمتع أراضيها بخصوبةٍ كبيرةٍ في السودان مثلاً، مما جعل السودان يُسمى “سلة غذاء العالم العربي”

واضافة الي ذلك فان الدول العربية تملك من الثروات ماهو كفيل بجعلها في مقدمة دول العالم علي غرار الاتحاد الاوربي ان التجمع الرياضي العربي المقام الان في الدوحة فتح الباب واسع لاعادة دراسة الهوية العربية من جديد علي انها ثقافية اكثر من انها عرقية ويمكن اقامة حوار ومصالحة مع الشعوب والاعراق الغير عربية والتي تعيش داخل الوطن العربي وتتحدث في ذات الوقت بلسان عربي بضرورة عدم التنكّر للأقلّيات العرقية وان تكون ثقافتها جزء من الثقافة العربية حتي نقطع الطريق علي دعاة الفتن والكراهية والتي تجاوزها العالم بالحب والسلام والعدالة

ودولة قطر بدون اجندة سياسية استطاعت ان تجمع العرب علي اساس جديد من المحبة والسلام واكتشاف بعضهم البعض بعد سنوات من الفرقة والخلاف التحية الي اميرة دولة قطر تميم المجد وهو يصنع المجد والفخر للعرب ولقطر باستضافة أول بطولة كأس العالم تقام على الإطلاق في العالم العربي بتنظيم راقي نال اعجاب العالم قبل ان تنطلق المنافسة من خلال مانشاهد من جمال باهر بتنظيم كاس العرب في دوحة العرب

وصدق الله العظيم عندما قال
(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
Alaam9770@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *