مقال في الذاكرة .. مهلا و اهلا أيها الموت(٤٦) .. الصحفي الكببر كمال حامد
مقال في الذاكرة-
مهلا و اهلا أيها الموت(٤٦)
الصحفي الكببر كمال حامد
** اقض ما انت قاض أيها ألموت إنما تقضي هذه الحياة الدنيا، و مهلا و اهلا، مهلا لصعوبة الفاجعة التي سماها الله في كتابه مصيبة، و اهلا و مرحبا بك، هذا الأسبوع ما وصلنا من أخبار فقدائنا قليل لكنه كبير و صعب علينا.
**تدمع العين لفقد رجل طيب المعشر حلو اللسان، لا تسمعه الا همسا، و لكنه حديث كالدرر، مات خطاب حسن أحمد، زميل الدراسة و الذي فرقت بيننا الايام و الشهور و السنين.
**خطاب الممثل المخرج الشاعر المبدع، التقينا دون معرفة كمتقدمين للدراسة بمعهد الموسيقى و المسرح أظن العام ١٩٧٤م،و كان شرط القبول للمتقدمين اجتياز معاينة، و اي معاينة أن كان مجريها العمالقة الدكتور محمد عبد الحي و الدكتور الخانجي، و الأستاذ الفكي عبد الرحمن، و حمدناالله عبد القادر رحمهم الله، و بعد المعاينة دورة تدريبية تشمل دراسة نظرية و عملية عبارة عن مشهد درامي عن سقوط الخرطوم و قتل غردون الذي أدى دوره خواجة عديل زائر، و كان معجبا بزميلنا خطاب الذي يناديه (كتاب) و ظللنا ناديه به.
**خطاب كان ممثلا أيامها في مسرحية مدير ليوم واحد مع ابراهيم حجازي و من إخراج عثمان أحمد حمد رحمهم الله، مع غيرها من الأعمال المسرحية الجادة.
**دخلنا المعهد سنة اولى و كنا منتدبين من التربية و التعليم، كالغرباء بين كبار الممثلين في الدفعة، عبد العزيز العميري، عبد الواحد عبد الله، محمد عبد الله قرني، مني عبد اللطيف و الفاتح مطيع، مع مشروعات مبدعين، عبد المنعم الجزولي، فادية الجنيدابي، عفاف الصادق حمدالنيل، و بدأت تخونني الذاكرة و لكن اتذكر محمد فتحي متولي، عثمان عبده الجنوبي، صالح حسن حسين، الضو إبراهيم، كمال يوسف، عبد القادر نصر، محمد بشير حريكة، و جميعهم تجاوز محطة المشروع المبدع إلى مبدع كامل الدسم.
**كان خطاب و العميري رحمهما الله اكثرنا تميزا، و ظللت اتابع أخبار خطاب و هو يغترب بمصر و الولايات المتحدة كما اتابع إبداعاته المسرحية و اشعاره التي تتقطر عسلا، (يا وطني كحل عيني) و تحويله لعمل درامي لقصيدة المرحوم محمد سالم حميد (عم عبد الرحيم) و (وطني البموت و اخلي)، إضافة إلى ما غناه المرحوم مصطفى سيداحمد و ودالجبل و عمر احساس، و ليت أسرة الراحل العظيم محمد وردي تكشف عن عملين كبيرين اختارهما لتلحينهما.
**رحم الله خطاب حسن أحمد و قد اهاج فينا البرنامج الجميل الذي شاهدته أمس من إعداد المبدعة نسرين النمر و إخراج المبدع أيمن بخيت، و كان خير توثيق لخطاب المبدع الذي كان يفكر في كل شيئ الا نفسه.
** ليت من تبقى من مجموعة دفعة المعهد يتحركون لنلتقي و نتبادل أخبارنا و نتفقد بعضنا و نتزحم على زملائنا الراحلين، العميري و محمد فتحي و مني عبد اللطيف و عفاف الصادق حمد النيل رحمهم الله و رحم اخانا خطاب، ربنا يسكنه الجنة و العزاء لاسرته الكبيرة و الصغيرة.
**فقد آخر لاقى ربه في اغتراب بكندا هو البروفيسور العالم محمد إبراهيم الشوش الذي يعرفه المثقفون العرب أكثر منا، كعادة كل رموزنا الكبيرة، اما بالنسبة لنا فهو الابن الأكبر لشيخ عطبرة العم إبراهيم (ابشوش) كما ينطقها العطبراويون، و يعرفونه كزعيم حلال مشاكل و ركن كبير مثل الإدارة الأهلية التي رعاها الإنجليز لمساعدتهم في إدارة البلاد، و كان يمثل ضلع الشايقية كما يمثل الحاج الريح الفكي ضلع الجعليين فيما يمثل كبيرهم العمدة السرور السافلاوي ضلع الرباطاب.
**رحم الله البروف العالم محمد إبراهيم الشوش و العزاء لتلاميذه المنتشرين في السودان و خارجه و العزاء للسادة ال الشوش و إنا لله و إنا إليه راجعون.
** رحل هذا الأسبوع في هدوء كما هي حياته الزميل الكاتب الباحث الأستاذ عمر بشير، صاحب المؤلفات في التراث، رحمه الله فقد مات في بلدته المغاوير بهدوء و لم يجد من ينعيه، نسأل الله له الرحمة و الجنة.
** مات في مصر التي ذهب إليها مستضفيا المهندس أمير برسي، صاحب البصمات الهندسية في معظم مشروعات ولاية نهر النيل، رحمه الله و العزاء للسادة المحاذيب و ال برسي في الدامر و عطبرة و غيرهما، و انا لله و إنا إليه راجعون.
***نقطة نقطة***
** رحم الله شهداء ثورة أكتوبر الذين لم يجدوا من يذكرهم وسط الضجيج السياسي بين طرفي الحرية و التغيير، و ليتهم يذكرون ثورة أكتوبر في الأعوام القادمة بعيدا عن الغرض السياسي و الا يطويها النسيان كما طواها طيلة السبع و الخمسين سنة الماضية.
**ثورة أكتوبر التي أطاحت بحكم الرجل الطيب الزاهد المرحوم إبراهيم عبود، وجدت التقييم من شعبنا حين هتف (ضيعناك و ضعنا معاك يا عبود) حين حصلت المقارنة بين إنجازات و تنمية و علاقات عبود الخارجية و نظافة يده هو ورفاقه بالمقارنة مع ما حدث للبلاد من كل الذين أتوا بعده.
**أعجبني خبر حرص وزيرة الخارجية الدكتورة مريم الصادق المهدي حين انتهزت فرصة مشاركتها في مؤتمر استقرار ليبيا و التقت بجموع السودانيين العالقين في ليبيا و وعدها لهم بالإعداد لعودتهم العاجلة لأرض الوطن.
**الف حمدالله على سلامة القانوني الكبير الأستاذ عادل عبد الحميد ابوالعنود و مغادرته المستشفى معافى بعد العملية الجراحية.