علاء الدين محمد ابكر يكتب .. قطار حمدوك عبر وترك (قحت) في محطة سنة اولي ثورة
علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ قطار حمدوك عبر وترك (قحت) في محطة سنة اولي ثورة
______________
لا احد يلوم السيد حمدوك علي قبوله العمل مع الجنرال البرهان بعد قيامه بابرام الاتفاق السياسي الذي اعقب الانقلاب الذي اطاح (بقحت) في فجر الخامس والعشرين من شهر اكتوبر الماضي
فحمدوك في الاصل شخصية (تكنوقراطية) قابلة للعمل مع جميع الانظمة السياسية وخير دليل علي ذلك قبل اندلاع ثورة ديسمبر باشهر قليلة عرض عليه الرئيس المخلوع عمر البشير تولي حقيبة وزارة المالية ولكنه اعتذار عن قبول المنصب وربما يرجع سبب رفض حمدوك لوزراة المالية الي اسباب مهنية تتعلق بارتباطه المهني مع المنظمات الدولية التي كان يعمل لديه
ان الجميع مقتنع بان السيد حمدوك لم يكن من طلاب المناصب داخل السودان فقد غادر البلاد منذ زمن بعيد مفضل الاستقرار خارج البلاد في الدول الاوربية والافريقية التي تشهد استقرار سياسي واقتصادي بالمقابل لم يسمع الناس بحمدوك كمشارك رسمي في معارضة النظام البائد من فئة الباحثين عن المكاسب الشخصية
لذلك هو مستبعد من التقيد في خانة السياسين الانتهازيين الساعين الي الحصول علي مقاعد السلطة ولو كان ذلك علي حساب كرامتهم كماهو حال معظم السياسيين السودانيين الا من رحم ربي من السياسين اصحاب المبادي والمواقف الوطنية
ان احترافية السيد حمدوك جعلت منه شخصية اقتصادية افريقية جذابة بالتالي تقاطرت عليه عروض الحكومات الافريقية والمنظمات الدولية من اجل الاستفادة من خبراته في مجال الاصلاح الاقتصادي والسياسي ولكن في داخل السودان اختلف الامر ان اختلاف البعض مع السيد حمدوك ليس من باب الرفض السياسي او الشخصي له فهو بالعكس يعد من الكفاءات المهنية النادرة في افريقيا فقط يكمن الخلاف معه في ماقام به من اجراءت اقتصادية قاسية قادت الي رفع الدعم الحكومي عن العديد من الخدمات التي كان يتمتع بها المواطنيين السودانيين خاصة البسطاء منهم مثل العلاج والدواء والتعليم والمواصلات العامة والكهرباء والخبز وغاز الطبخ فقد كانت تلك الخدمات تقدم لهم بدعم حكومي مباشر وان ايقاف الدعم منهم تسبب في موجة عالية من ارتفاع الاسعار في ظل فوضي السوق وجشع التجار وعدم قيام الحكومة بمراقبة الاسواق ذلك ما جلب غضب المواطنين علي اداء حكومة السيد عبدالله حمدوك الاولي والثانية
ان معظم السودانيين يعيشون تحت خط الفقر والبلاد منذ العام 1955م تشهد حروب اهلية لم تتوقف حتي تندلع مرة اخري اكثر شراسة والقاسم المشترك في عدم وجود سلام دائم هو تفشي الفقر والبطالة والجوع بين السودانيين
ان رفع الدعم الحكومي بدون وضع بديل له يعد بمثابة اجراء عملية جراحية بدون مخدر
وحتي مشروع (ثمرات ) لم يكن بديل جيد عن الدعم الحكومي فالمبلغ المرصود للفرد الواحد في (ثمرات) ضعيف جدا لايسمن ولايغني من جوع وحتي الطريقة التي اتبع بها تفعيل البرنامج كانت غير منطقية فقد استند البرنامج على حصول الفرد علي رقم هاتفي ورقم وطني حتي للطفل الرضيع وهذا غير متوفر للعديد من السودانيين اضافة الي ضعف اعلام المشروع وعدم معرفة العديد من الناس بمشروع ( ثمرات) خاصة في اطراف البلاد فكانت نتيجة ذلك ان استغل بعض الانتهازيين الفرصة وسجلوا أسماءهم وحصلوا علي دعم ( ثمرات) بالرغم من انهم في مستوي معيشي ممتاز و كان ينبغي ان يذهب ذلك الدعم الي الفقراء والمساكين ل كان استند المشروع علي نتائج التعداد السكاني لمعرفة من هم الفقراء في البلاد حتي يسهل الوصول اليهم لذلك لم يستفد السواد الأعظم من فقراء الشعب من مشروع (ثمرات)
تسبب الفقر في ارتفاع معدل ارتكاب الجرائم والتي وجدت دراسة اجتماعية فسوف يكتشف ان الدافع منها بغرض سد الرمق وطبعا لن نبرر ارتكابها ولكن تكافح الجريمة باجتثاث جزورها
لقد كانت الامال معلقة علي حكومة السيد حمدوك بالعمل علي انتشال السودانين من مستنقع الفقر والبطالة والحرمان وذلك باستغلال موارد البلاد التي تمتلك مساحات واسعة من الاراضي الزراعية والمسطحات المائية
كان بامكان السيد حمدوك تبني قيام مشاريع امن غذائي لكل ولاية حتي تضمن امدادها من الخضر والفاكهة واللحوم الحمراء والبيضاء عبر اقامة مشاريع اقتصادية. لتربية الابقار والضان ومزراع لاستزراع الاسماك وتربية الدواجن و كان يمكن الاستعانة باموال مشروع (ثمرات ) لتنفيذ تلك المشاريع والتي لاتحتاج الي اكثر من فترة عام واحد فقط لتري النور كان حينها سوف يبتهج المواطنيين في كل ارجاء الوطن بتلك المكاسب ولكن كل تلك الاحلام في بناء سودان جديد بسواعد ابناءه ذهبت ادراج الرياح باصرار السيد حمدوك علي تنفيذ سياسة البنك الدولي ولو كانت علي حساب الفقراء لم تجد تلك سياسة حمدوك الاقتصادية القبول وسط الجماهير الا من الانتهازين اصحاب المصالح من التجار الجشعين واصحاب الضمائر الميتة يتعلل البعض بان تحالف الحرية والتغير ( قحت) لم يطرح برنامج اقتصادي للسيد حمدوك ليكون دليل مرشد لحكومة الفترة الانتقالية وربما يكون ذلك هو السبب الذي جعل السيد حمدوك يبادر الي الاستعانة بسياسة البنك الدولي وحتي تلك الخطوة من السيد حمدوك لم تجد معارضة من تحالف الحرية والتغير (قحت) فسياسة البنك الدولي معلومة للجميع بانها تضر بالطبقة الفقيرة فكان ينبغي عليهم الدفاع عن حقوق هولاء المهمشين بالرغم من وجود بعض الاحزاب اليسارية في دخل تحالف (قحت) والتي يشهد تاريخها السياسي بانها مع الاشتراكية كنهج اقتصادي بالتالي فان اعتمادهم النهج الغربي الراسمالي ليكون مخرج للعبور باقتصاد البلاد يعد بالنسبة لهم بمثابة الانتحار السياسي ورجعية وليست تقدمية كما كان يقول حكماء اليسار وحتي بالنسبة الي مكونات (قحت ) الاخري من احزاب اليمين المعتدل لم تعترض علي سياسة السيد عبد الله حمدوك الاقتصادية بالرغم من ان مخرجات الموتمر الاقتصادية الذي عقد برعاية (قحت) قد اوصي بعدم رفع الدعم الحكومي عن الخدمات
لقد ضاقت جماهير الشعب خاصة الفقراء منهم بالوضع المعيشي الصعب الذي كان ولايزال سائد في البلاد من ارتفاع الاسعار والمواصلات والعلاج والتعليم اضافة الي عجز الحكومة الانتقالية عن ضبط الاسواق جعلها تبدوا امام الشعب ضعيفة و بالمقابل كان المسرح جاهز لتتقبل اي تغير محتمل قد يحدث في النظام السياسي بسبب ماوصول اليه حال الناس من ياس واحباط بعد عجز الحكومة عن حل ابسط الازمات ادناه مشكلة الخبز
تجاهلت (قحت) بان لديها خصم شرس ظل يتربص بها وهو ( النظام البائد) حيث لم تنزل (قحت) كتحالف موحد لمستويات القواعد الشعبية واحتواء لجان المقاومة حتي تقطع الطريق علي محاولات (النظام البائد ) في ايجاد مساحات للانتشار حيث لم يكن (لقحت) وجود يحل مكان حزب الموتمر الوطني المحلول وكان الامر سهل ولايحتاج الي تعقيد وذلك بان تطلب (قحت ) من لجنة ازلة تمكين نظام الثلاثين من يونيو تسليمها مقرات حزب ( الموتمر الوطني ) المحلول حتي تمارسها نشاطها السياسي حتي تكون قريبا من المواطن البسيط ولتعمل علي ضمان تنفيذ سياسات الحكومة الانتقالية من خلال ممارسة الرقابة علي مستوي الاحياء والمحليات والولايات كان ينبغي علي (قحت)
ان تعرف السبب الرئيسي الذي جعل الشعب يشارك في ثورة ديسمبر2018م كان هو معارضة السياسية الاقتصادية لحكومة المخلوع البشير مع انها كانت اقل ضرر عليهم ولكن بكل اسف لم تستوعب (قحت) الدرس وتجاهلت حتي موضوع معاش الناس فقد كانت تنظر اليه بالسخرية مع انه هو السبب الرئيسي في وصولهم لمقاعد الحكم ذكل تلك الاسباب مما جعل الجماهير تنفض من حولهم مما مهد الطريق للبرهان بالاطاحة بهم واعادة السيد حمدوك رئيسا للحكومة الانتقالية بعد ظنت( قحت ) بان حمدوك ماركة مسجلة للحرية والتغير وتناسوا بان السيد عبد الله حمدوك شخصية ( تكنوقراطية) قابلة للعمل مع جميع الانظمة السياسية بالمقابل وضع الجنرال البرهان نفسه في مواجهة مباشرة مع الشعب ورفع حمل ثقيل عن كاهل(قحت) فالسيد حمدوك لن يتخلي عن السير في طريق تطبيق سياسة البنك الدولي والتي لن تنظر للفقراء بعين الرحمة و الشعب لن يقبل بمزيد من الجوع بالارتفاع المستمر للاسعار وهو ذاته نفس الشعب الذي خرج ضد نظام المشير المخلوع البشير بالتالي يجب علي الجنرال البرهان الطلب من حمدوك تخفيف اثر سياسة رفع الدعم حتي يشعر المواطن بالامان فمنظر صفوف الخبز المنتشرة في ارجاء البلاد لايبعث بالتفائل فكثير ماتقع خلالها حوادث موسفة تقود احيانا الي القتل بين صفوف المنتظرين لشراء الخبز وتلك الاحداث تخصم كثير من سمعة السودان خاصة مع انتشار الوسائط الاليكترونية فقد باتت جميع دول العالم تعرف بان السودان يعاني في الغذاء ولن يبادر مستثمر اجنبي بالعمل في بلد يفتقر الي الامان
ان البلاد تعيش صراع سياسي عنيف فالمواكب الثورية والتي اضحت شبه يومية باتت تعطل سبل كسب المواطن البسيط لقوت يومه و هو الضحية اخر المطاف ولايجد من يهتم به فهناك من يعاني في الحصول علي السكن مع ارتفاع اسعار ايجار العقارات والمدارس الحكومية تحتاج الي اعمال صيانة والعمل علي توفير الخبز للطلاب والمواصلات لتكون بسعر ربع القيمة والمستشفيات الحكومية تحتاج الي تحسين اجور العاملين فيها و توفير معينات العمل والدواء والحماية للكادر الطبي والطرق والشوارع في المدن تحتاج هي كذلك الي اصلاح اضافة الي و عدم استقرار التيار الكهربائي و تحسين شبكات المياه وعدم وجود بوادر للاستعداد للموسم الزراعي القادم و التجهيز لفصل الخريف وغيرها من المشاكل التي تحتاج الي حكومة منتخبة باسرع وقت ممكن والفترة الانتقالية الماضية والحالية اضاعت وقت البلاد في الخلافات السياسية اذا الحل هو الدعوة الي قيام انتخابات عامة مبكرة في منتصف العام القادم مع الاسراع في تنظيم تعداد سكاني في مطلع العام القادم وايقاف التعامل مع البنك الدولي حتي تاتي حكومة منتخبة من جانب الشعب السوداني
من المفارقات الطريفة للسيد حمدوك ظل يردد في نهاية كل خطاب له عبارة سوف ( نعبر) وبالفعل عبر قطاره وترك (قحت) في محطة سنة اولي ثورة
المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
𝖠𝗅𝖺𝖺𝗆9770@𝗀𝗆𝖺𝗂𝗅.𝖼𝗈𝗆