عثمان ميرغني يكتب .. متى (تتعلم من الأيام).. أحزابنا..
عثمان ميرغني يكتب
متى (تتعلم من الأيام).. أحزابنا..
حزب الأمة القومي في بيان صادر اليوم (أعلن التزامه بالوثيقة الدستورية) ولمزيد من التأكيد أكمل المعنى (ونرفض أي تمديد للفترة الانتقالية)..وعلى نسقه بيانات أخرى من مختلف مكونات المشهد السياسي السوداني تؤكد (الالتزام بالوثيقة الدستورية) حتى الدكتور عبدالله حمدودك رئيس الوزراء نفسه في خطابه الأخير أكد (الالتزام بالوثيقة الدستورية).. فيطل السؤال المحير!
هل يقصد الساسة ما يقولون عندما يتحدثون ، شفاهة أو نصاً بالبيانات الرسمية التي تصدر منهم؟
هل هم جادون فعلاً في ما تعنيه كلمتهم حينما ينطقون بها؟
إذا كانت الإجابة نعم، وهذا ما نتمناه، فما معنى التأكيد بالالتزام بالوثيقة الدستورية؟
نصوص الوثيقة الدستورية واضحة مثل الشمس في تثبيت مؤسسات الدولة المهمة عماد الفترة الانتقالية والتي بدونها لا تتحقق الأهداف المطلوبة .. وعلى رأسها المجلس التشريعي.. وهو منصوص عليه بكلمات واضحة وجدول زمني محدد في الوثيقة الدستورية الأصلية، خلال ثلاثة أشهر من توقيعها..
ونجحت المماطلة في ترحيل هذا الالتزام لأكثر من سنتين حتى اليوم بمختلف الحجج خلال السنتين أعيد تأكيد الالتزام بمواقيت جديدة.
بعد اتفاق السلام بجوبا في 3 أكتوبر 2020 عدلت الوثيقة الدستورية و أعيد التأكيد على تشكيل المجلس التشريعي خلال ثلاثة أشهر، ومضت بلا حتى اعتذار للشعب عن خرق المواعيد، ثم أصدر مجلس الشركاء في يناير 2021 مصفوفة مواقيت جديدة التزم بموجبها تشكيل المجلس التشريعي قبل نهاية شهر فبراير 2021، و (مرت الأيام) وطوت الموعد الجديد حتى بدون اعتذار رسمي للشعب السوداني المغلوب على أمر ثوراته الشعبية المتكررة عبر التاريخ، التي تنجح في اقتلاع النظم الدكتاتورية وتفشل في ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات.
ثم ذهب مجلس الوزراء في معسكر مقفول بضاحية سوبا لمدة ثلاثة أيام خرج بعدها بحزمة قرارات على رأسها “تشكيل المجلس التشريعي في أقل من شهر”.. و (مرت الأيام، كالخيال أوهام).
إذا كانت الوثيقة تنص صراحة وبقوة على تشكيل المجلس التشريعي في ميقات معلوم، و إذا كانت كل الجهات لا تكف عن إصدار البيانات المغلظة بتشكيل المجلس التشريعي،ثم لا يلتزم بها أحد، فما الذي يجعل الشعب السوداني يصدق بياناً من حزب الامة أو حتى رئيس الوزراء يتحدث عن (الالتزام بالوثيقة الدستورية)؟
هل (الالتزام بالوثيقة الدستورية) تعويذة للوقاية من شر حاسد إذا حسد أو من شر انقلاب إذا وقع؟
الدكتور عبدالله حمدوك في لحظة صفاء وصراحة قالها بكل شفافية (لا توجد إرادة سياسية لتشكيل المجلس التشريعي).. حسناً.. وما الذي يمنع أن يكون ذلك هو العذر نفسه لتمديد الفترة الانتقالية ( لا توجد إرادة سياسية) طالما هو عذر مقبول لتجاوز أهم أركان مؤسسات الدولة؟
بصراحة… الأحزاب السودانية رغم أنها تقترب من الثمانين سنة منذ تأسيسها، ورغم أنف 65 سنة منذ الاستقلال.. ورغم أنف انقلابات عسكرية أطاحت بحكومات حزبية إلا أنها لم (تتعلم من الأيام)..