علاء الدين محمد ابكر يكتب … هل السودان مقبل علي تكرار السيناريو الليبي
علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍️ هل السودان مقبل علي تكرار السيناريو الليبي
_____________
هناك تشابه كبير بين السودان وليبيا وبحكم الجوار وتداخل السكان تاثر الاحداث التي تقع في اي البلدين علي بعضهم البعض لذلك كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي يوالي السودان اهتمام خاص بل حتي كان يوصي شعبه بحسن التعامل مع السودانيين المقيمين في ليبيا ويسخر من الليبيين المطالبين بطرد الاجانب ويقول لهم ان هولاء السوادنة يقصد ( السودانيين) وذلك حسب اللهجة المحلية في ليبيا هم افهم الشعوب واكثرهم وعي بحيث انك اذا استعصي عليك امر فما عليك الا باستدعاء اي سوداني يمر في الشارع فسوف يقوم بحل المشكلة دون عناء
وكان للقذافي قد تدخل في اكثر من مناسبة في الشان الداخلي السوداني ومنه اعتراض سلاح الجو الليبي للطائرة المقلة لرئيس مجلس قيادة ثورة 19يوليو ونائبه في العام 1971 وهي في طريقها من لندن الي السودان لتسلم السلطة وذلك بعد قيام عضو المجلس الرئد هاشم العطا بقيادة انقلاب عسكري اطاح بالجنرال النميري ولكن تاثير تدخل القذافي باحتجاز طائرة الانقلاب ساعد علي اجهاض حركة 19 يوليو بعد ثلاثة ايام حيث لعبت دول عديدة في ذلك الافشال منها مصر التي سمحت بانتقال القوات السودانية للتي كاتت مرابطة في قناة السويس ابان حربها ضد اسرائيل حيث وصلت تلك القوات السودانية للخرطوم.
بقيادة وزير دفاع النميري اللواء خالد حسن عباس الذي كان في زيارة خارجية في وقت وقوع انقلاب هاشم العطا حيث تمكن من استعادة النظام لصالح النميري وكذلك دخلت السعودية علي الخط باسقاطها لطائرة نقل عسكرية عراقية في صحراء السعودية كانت في طريقها للسودان لدعم انقلاب هاشم العطا كل تلك الاطراف كانت ضد وجود حكم شيوعي في السودان بما له من تاثير علي شعوب الدول المحيطة له لذلك تحرص كل دول جوار السودان علي معرفة نوايا اي حركة انقلابية قد تحدث في السودان خوف من وقوع المحظور وهو ما حدث بالفعل عندما نجح الاسلاميين في تدبير انقلاب عسكري في يونيو 1989 بقيادة الجنرال البشير ولكن كان الراحل الشيخ الترابي هو العقل المدبر له ورغم ذلك ذهب الي السجن حبيسا حتي يوهم العالم بان ماحدث هو انقلاب عسكري محض
ظهر تاثير انقلاب الاسلاميين في السودان علي المنطقة والعالم عندما كشر نظام الخرطوم عن انيابه باعلانه الجهاد علي الكل في الداخل والخارج فكانت الخرطوم دار هجرة لكل الفصائل الاسلامية المعارضة في دول العالم ومن بينها ليبيا والتي لم تسطيع مخابراتها من رصد تفاصيل انقلاب البشير في ايامه الاولي حتي تسعي الي اجهاضه كما فعلت سنة1971 مع انقلاب هاشم العطا فحاول القذافي التقرب من البشير باعلان تكامل بين البلدين في العام 1991 ولكنه كان خصم علي القذافي الذي اكتشف ان التكامل هذا كان حصان طرودة لتدمير نظامه بتسرب الاسلامين اللبيين للسودان والتدرب علي القتال في معسكرات القاعدة عندما كان اسامة بن لادن يحظي بمكانة مرموقة لدي نظام البشير وهنا ادرك معمر القذافي الخطر مما تطلب منه اتباع سناريو اخر بدعم بعض الحركات المسلحة في صراع اقليم دارفور المجاور لليبيا ولكن لم يكن الوقت كافي للقذافي لفعل شي فالمخابرات الغربية والعربية في الخليج كانت تعد العدة للانتقام مما بدر منه في الماضي من تهديد لمصالحهم فكانت ثورة السابع عشر من فبراير 2011 والتدخل العسكري بدعم عربي بحجة حماية الشعب الليبي من نظام معمر القذافي وهي حجة باطلة اتخذت لتكون مسمار جحا لتدمير ليبيا وكرد منهم علي قيام القذافي في السابق بتهديد مصالحهم
وبعد مقتل القذافي انسحبت جميع الاطراف التي تحالفت في تدمير ليبيا وتركت الشعب الليبي وحده بدون مرشد او دليل فشعب عاش اكثر من اربعين عام مع نظام دموي بالطبع لن يعرف لغة الحوار باستثناء الليبيين المعارضين المقيمين في الخارج لايوجد ليبي يثق في الاخر في اطار بلد تسودها روح القبلية وانعدام الاحزاب السياسية التي لن يقبلها المواطن الليبي فحتي تشجيع الفرق الرياضية ينحصر في اطار القبيلة فكيف يجتمع مثل هذا الشعب خلف رجل واحد الا اذا كان بنفس نهج معمر القذافي والذي بالرغم من انه كان ديكتاتوري الا انه نجح في انشاء نظام اقتصادي جعل كل مواطن ليبي يتمتع بالعيش الكريم والعلاج بدون مقابل والتعليم وامتلاك السيارات والمزراع فمن ناحية اقتصادية لايوجد سبب رئيسي يجعل الشعب الليبي يدمر بلاده تحت زعم الثورة كان بالامكان الصبر لحين انتقال القذافي الي الرفيق الاعلي وربما من ياتي بعده يعمل علي اشاعت روح الديمقراطية والمدنية التي تتناسب مع طبيعة وعادت الشعب الليبي
وعكس ما كان يتمتع به المواطن الليبي من رغد في العيش ظل المواطن السوداني ومنذ خروج الاستعمار الانجليزي من البلاد سنة 1956 يعيش تدهور مريع في شتي المجالات ورغم امتلاك البلاد لكافة مقاومات الانتاج الزراعي والحيواني من خصوبة التربة ووفرة المياه والامطار وتعدد انواع المناخ وغيرها من النعم الا ان الحكومات المتعاقبة فشلت في تحقيق العدالة الاجتماعية ولذلك كثرت حالات التمرد وحمل السلاح في اطراف البلاد خاصة في ظل حكومة الاسلاميين التي ورطت البلاد في مشاكل اقليمة ودولية مما قاد الي فرض عقوبات اقتصادية علي السودان ظهر اثرها بعد انفصال جنوب البلاد نتيجة ايقاف تدفق نفط الجنوب بعد الانفصال في العام 2011 مما قاد الشارع الي ثورة شعبية ضد ارتفاع الاسعار لم يكتب لها النجاح في ستمبر في العام 2013 قام نظام البشير بقمعها بعنف ولكنها كانت شرارة اشتعلت مرة اخري في 19ديسمبر في العام 2018 ساعدها حدة الصراع الاقتصادي الداخلي بين الاسلاميين انفسهم وعقب اعلان القوات المسلحة عن عزل البشير دخلت البلاد في ازمة سياسية نتيجة لتباين الافكار حول مستقبل الفترة المقبلة للبلاد وهنا نجد تشابه للسودان مع ليبيا فمن الدوافع المهمة في الصراع الليبي هو البحث عن السلطة كنتيجة لحالة الفراغ التي نشأت بعد سقوط “القذافي” ورغم انتشار الاحزاب السياسية في السودان الا انها كانت سبب لتراجع البلاد بسبب تقديم مصالحها علي مصلحة السودان وذلك مما يمنح العسكر شعبية في حالة تدخلهم في الحكم عبر انقلاب عسكري ومنذ خروج الاستعمار الانجليزي لم تتمكن حكومة مدنية من اكمال دورتها السياسية فسرعان ماينتهي بها الي الفشل والبعض منهم يستعين بالعسكر للوصول للسلطة عن طريق تدبير انقلاب عسكري لذلك نجد ان نسبة 98% من الانقلابات العسكرية التي وقعت في السودان كان من خلفها احزاب سياسية اذا المشهد السوداني معقد
وبعد مرور ثلاثة سنوات علي الاطاحة بالبشير لايزال المواطن السوداني يتضور جوعا نتيجة. الي ارتفاع الاسعار بعد قرار حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك برفع الدعم الحكومي عن الخدمات والوقود والغاز والكهرباء وهي ذات الاسباب التي جعلتهم يخرجون ضد النظام السابق ونتيجة لذلك ظهر احتقان بين السودانين نتيجة لشعورهم بالخزلان بعد ثورة قدم فيها الشعب خيرة ابناءه كشهداء ليجدوا الاهمال من حكومة من المفترض ان تعمل لصالحهم وليس لتنفيذ اجندة البنك الدولي وخلال من تاريخ فترة تولي الحكومة الانتقالية والي الان لم تتوقف المواكب والمظاهرات المطالبة بتحسين الحياة المعيشية للمواطن مما دفع الي وقوع عدة محاولات انقلابية كاستثمار طبيعي للوضع السائد من سخط وشكوي من المواطنين من تردي الوضع المعيشي انعكس ذلك علي اطراف التحالف السياسي الحاضن لحكومة رئيس الوزراء بالانقسام علي نفسها بحجة استثار البعض للسلطة فيمابينهم مما قاد الي اعلان عن انشقاق عن التحالف الام ونجد هنا تشابه اخر بين ماحدث في لبيا ومايحدث الان في السودان حيث تجلى الصراع على السلطة في ليبيا الي رفض “برلمان طبرق” وتيار من “المؤتمر الوطني العام” القرارات المنبثقة عن اتفاق “الصخيرات” في المغرب في شهر ديسمبر 2015، ثم انقلاب حفتر على الاتفاقية احتجاجاً على تسليم “فائز السراج” رئاسة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني، رغم أن ذلك تم بإشراف مباشر من الأمم المتحدة
وصراع السودان بين السياسين يقابله سخط من المواطنيين بسبب ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية خاصة بعد قيام الناظر ترك الزعيم القبلي المنتمي سابق لحزب البشير باغلاق كافة طرق ومواني شرق السودان مما ادخل البلاد في موقف صعب للغاية نتيجة لشح دقيق الخبز والوقود وغيرها من المنتجات الصادرة والواردة عبر مواني الشرق
ان الوضع في السودان قابل للانفجار وربما يكون اذا حدث اسوء من الصراع الليبي بسبب تفشي الفقر والبطالة وانتشار القبلية والكراهية وعدم قبول الآخر فهل السودان مقبل علي السناريو الليبي بحدوث حرب اهلية خاصة والسودان لديه حدود مفتوحة يصعب السيطرة عليها مما يجعل التنظيمات الارهابية تجد مستقر لها وهي بما تملكه من اموال قادرة علي تجنيد الشباب السوداني المصدوم في حكومة الثورة التي لم تفعل شي غير زيادة معاناة المواطن السوداني وفي الخارج تقف دول طامعة في خيرات وارضي السودان وسوف تفعل المستحيل لتدمير هذا البلد الا اذا استجاب الله لدعاء الصالحين من ابناء السودان بان يجنب البلاد الفتن ما ظهر منها وما بطن
انه سميع مجيب
المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
Alaam9770@gmail.com