عثمان ميرغني يكتب … حل الحكومة..
عثمان ميرغني يكتب: حل الحكومة..
الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة قال أمس أن حل المشكلة السياسية الراهنة بحل الحكومة الراهنة.. لنفترض أن هذه الوصفة تحققت، وأصدر الدكتور عبدالله حمدوك قراره بحل الحكومة ثم عين مجموعة جديدة من الوزراء.. ما الذي تغير؟ وما الذي يتوقع أن يتغير؟ كيف سيتحقق الحل؟
بصراحة، لو تكرر حل وتعيين الحكومة مائة مرة فلن يتغير شيء، فأصل المشكلة ليس في الأشخاص.. خذ مثلاً أية وزارة، وتخيل أي اسم آخر غير وزيرها الحالي.. على أي معيار يمكن الحكم بنجاح أو فشل الوزير؟ وعلى أي مقياس يمكن قياس درجة فشل أو نجاح الحكومة مجتمعة؟
هذا محض تدوير للأزمة..
من الحكمة البحث عن حل لمشكلة الوطن لا مشكلة القادة في الجانبين المدني والعسكري، وبكل أسف الشعب بدأ يستشعر أن التاريخ الطويل من الفشل السياسي منذ استقلال السودان لم يمنح العبرة ولم يرفع مناسيب الحكمة، دائماً صراعات الكراسي تطيح بمكاسب الشعب من الثورات الجماهيرية التي يدفع ثمنها من حر دم شبابه اليانع.
المشكلة في أن حكامنا اليوم لا يعترفون بأنهم يحكمون نصف دولة، لا مؤسسات ولا خطة ولا حتى رؤية هادية.. مجرد يوميات تقتات عفو الخاطر مما يجري على الأرض.. لو كانت شركة صغيرة لما أدارها أصحابها بمثل هذه العفوية.. لا أحد يعرف أين موقعنا وإلى أين نسير.. كل الذي يشاهده الشعب السوداني مشاحنات ومشاكسات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمصالحه القومية أو مستقبله.
الحل ليس في حل الحكومة وليس في تبديل الأشخاص، بل في تبديل العقلية ومنهج إدارة الدولة السائد حالياً، التزام صارم بالمصلحة العليا للبلاد فوق أية مصالح شخصية أو حزبية أو سياسية.
الحل يتطلب شجاعة ومواجهة:
يبدأ باستكمال مؤسسات الدولة في أسرع وقت ممكن، المجلس التشريعي والمؤسسات العدلية والمفوضيات.. الأمر هنا لا يحتاج لضياع وقت طويل في المشاورات فعندما صدر قرار بتكوين آلية لمبادرة حمدوك أختير أكثر من 70 شخصاً في ساعة زمن واحدة على كوب شاي لم يكتمل ارتشافه.
تعديل الوثيقة الدستورية – في اجتماع مجلس الشركاء – لتكوين مجلس تشريعي قطاعي ، كليات قطاعية تمثل فئات مهنية ومجتمعية في الدولة، مثلاً قطاعات – القانونيون – المهنيون – النظاميون – المغتربون – الدبلوماسيون – أساتذة الجامعات – الزراعيون والرعاة- المعاشيون – وهكذا.. ولا حاجة لـ300 مقعد في البرلمان، يكفي 100 أو 150 فالعبرة بالقدرات لا العدد.. وكلما قل العدد توفرت لهم بيئة عمل تشريعية ورقابية أفضل.
تشكيل المجلس التشريعي يفتح الطريق واسعاً لاستكمال المؤسسات العدلية مثل المحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي ومجلس النيابة الأعلى وأيضاً المفوضيات.. كما يوفر مؤسسة تشريعية فوق السلطة التنفيذية قادرة على ضبط الإيقاع وتجنب المشاحنات بين مكونات الدولة.
ويحقق مطالب الكثيرين بتوسيع قاعدة الحكم وإشراك قطاعات سودانية خارج نطاق المحاصصة الحزبية.