بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار (72) … الانفعال المضاد…
بروف هاشم علي سالم يكتب … خربشات على جداريات الحوار (72)
…الانفعال المضاد…
احيانا عندما تكون مسترسلا في حديث او تشرح في فكرة او تنقل في تجربة ما ليهتدي بها من يستمعون لك.. او لو كنت في محاضرة تلقيها علي طلابك.. فانت لا تريد في هذه الحالة الا ان تسمع صوت الصمت فقط.. ولا تريد شخصا يقطع حبل افكارك او يشتت ما لم تقله.. احيانا تسيطر المهنة كثيرا علي تصرفات الناس..
فمثلا الاستاذ الجامعي يريد ان يلقي كل مالديه لطلابه والطلاب دائما هم مستمعون ممتازون يدونون ما يلقيه عليهم استاذهم ويساعدوه بالصمت ولا يقاطعون حديثه.. وبعد الانتهاء من محاضرته التي يعرفون نهايتها بوضعه الطبشورة التي في يده علي المنضدة التي أمامه.. بعدها يسألون فيما صعب عليهم ويتم التفاعل بينهم والذي دائما يؤدي الي مزيد من المعلومات..
يختلف الحال تماما في قاعات المحاضرات عن الحال في فئات مجتمعية اخري.. فلا تجد الوضع كذلك في المجتمع الرياضي لكرة القدم فتجد الكل يتكلم في وقت واحد يشجع احد معجبيه من اللاعبين ولا يوجد بينهم مستمع واحد فالكل يتكلم.. كذلك تجد الحال في مجتمع معجبي المطربين الكل يغني ليلاه ويسمع الاخرين تأهوات مطربة التي لا يستمع له فيها الآخرون..
وهكذا حتي في بيوت المناسبات.. الكل يتكلم ولا يوجد مستمعون.. في احد قاعات اللجان كنت اشرح امرا صعب علي بعضهم تقبله والناس صامتون امامي.. مر علي ذاكرتي شريط قاعات محاضرات الجامعة فالشبه كبير هنا بينهما والصمت اعادني الي تلك الايام الجميلة.. وبعد قليل سمعت همهمة في احد جنبات القاعة من احدهم.. ربما يريد ان يسأل وربما ايضا لم يقتنع باحد جوانب حديثي ولكن هذا ليس وقته..
وتحولت همهماته الي اصوات مسموعة.. ثم وقف ايضا يريد ان يعقب ولم انتهي من حديثي بعد.. ولم اشعر ساعتها وانا اذهب الي ناحيته وبصوت فيه غلظة.. (اقعد تحت..)… انتبهت فجاة ان هذه ليست قاعة محاضرات في الجامعة.. لكن الكلمة خرجت..
ولا تستطيع اعادتها مرة اخري.. جلس الرجل مشكورا ولكنه اسمعني كلاما اعادني الي صوابي.. (لكن نحن ماطلبة عندك يا استاذ).. نعم انتم لستم طلبة عندي وانا لست استاذا لكم.. فكلنا طلاب في هذه القاعة للوطن.. اتينا كلنا من اجله فهو الذي دعانا الي هذا المكان فكلنا طلابه واستاذنا هو الوطن..
فالوطن هو الذي وضع لنا المنهج وهو الذي يقوم بتدريسنا وهو الذي يصحح لنا اخطاءنا وهو الذي يصحح لنا اوراق امتحاننا فاما ننجح في امتحانه الذي نجلس في قاعته الان ويفخر بنا وبنجاحنا..
او نسقط في الامتحان ونخذله ويحزن لنا ويأسف لسقوطنا.. اعتذرت للرجل بتلك الكلمات فقبلها مشكورا مني.. وهذا يجب ان يكون هدف مسارنا جميعا مواطنون وحكام.. فاذا نجحنا.. نجح الوطن واذا سقطنا سقط الوطن.. علنا نتعلم من أخطائنا واول مراحل مسيرة النجاح ان نعترف باخطائنا..
بروف هاشم على سالم