خربشات على جداريات الحوار.. (70)..
…ايداع وثائق الحوار في دار الوثائق السودانية…
بعد ان انتهي مؤتمر الحوار الوطني وتمت اجازة توصياته.. وتمت كتابة الوثيقة الوطنية للحوار والتي وقعت عليها كل الأحزاب السياسية المشاركة والحركات المسلحة كانت لدينا اعداد مهولة من الاوراق َالمستندات.. كان بحوزتنا كل محاضر اجتماعات اللجان الست وكل الاوراق العلمية التي تم التداول حولها في لجان الحوار والتي بلغ عددها (534) ورقة علمية تم اعدادها وتقديمها بواسطة الاحزاب السياسية والحركات المسلحة يعكسون فيها رؤاهم لكيفية حل المشاكل الست التي كانت سببا في اقعاد الوطن وتسببت في عدم نهضته واللحاق بركب الامم التي سبقته بمسافات عجز عن قطعها للحاق بها واقعدته عن المسير.. كانت مشاكل الوطن الأساسية الست تتمثل في اندلاع الحروب وان كان اشهرها حرب دارفور ولكنها كانت موجودة ايضا في مناطق اخري.. في كردفان والنيل الأزرق وشرق السودان وكانت هنالك مناطق اخري بدأت فيها اصوات تنادي بحمل السلاح أيضا.. والاسوأ من كل هذا ان تطورت حرب البندقية الي حرب اخطر من البندقية وهي حرب الكراهية.. كانت حربا بالكلمات.. كان خطاب الكراهيك يتسيد الموقف.. ثم انتقل الي حرب الشعر والشعراء كل يظهر مساوئ الاخر في شعر بغيض ماكان ينبغي ان يكون لانه يزرع الكراهية ويوقظ البغض في داخل النفوس ثم تطور الامر الي الغناء وتعظيم جريمة القتل وتأييدها.. وهناك فنانون وحكامات وفرق انشادية عمقت ذلك الاحساس البغيض.. ومن مشاكل الوطن ايضا كان وطنا بلا هوية وكان المواطن كأنه يعيش في اوطان متعددة وليس في وطن واحد.. وسادت القبلية والجهوية والعنصرية وعدم قبول الاخر.. كان وطنا لا يعرف مصالحه مع دول الجوار ولو حسن علاقاته فقط مع دول الجوار وفتح معها تجارة حدودية لكفته تلك الدول من معظم احتياجاته.. كان ينبغي الا يعادي احدا ولا يعطل مصالحه مع دولة اخري.. معضلة الوطن الكبري كانت الاقتصاد.. لا توجد استراتيجية قومية للاقتصاد وحتي اذا وضعت لا يتم تنفيذها لذلك ظل الوطن مستهلكا لإنتاج الدول الأخرى وليس منتجا.. ظل وطنا يبيع مواده الخام للدول الاخري بابخس الاثمان ويستوردها باغلي الاسعار ومازال يفعل.. من مشاكل الوطن ايضا كبت الحريات والتي يؤدي كبتها دائما الي الانفجار.. لايريد المواطن تخطي حرية الاخرين ولكن يريد ان يسمح له بحرية التعبير وان يتنفس في وطنه ويعبر عن رأيه بحرية.. واخيرا يريد المواطن ان يشارك في اختيار من يحكمونه ليكون مسؤولا عن خطأ اختياره اذا اخطأ من يختارهم.. وان يشارك برأيه في كيفية.. كيف يحكم وطنه.. كل تلك المشاكل تم نقاشها في الحوار وتوصل الناس فيها الي حلول جذرية خرجت كتوصيات متفق عليها من الجميع.. لكي نحفظ كل تلك المستندات كان لزاما علينا ان نحفظها كوثائق يملكها الوطن ولم نجد مكانا آمنا يحفظ للوطن وثائقه غير دار الوثائق السودانية… فالحكومات تتغير بمرور الزمن ولكن لابد للوطن من ذاكرة توثق له ما اتفق عليه ابناؤه يوما ما ووضعوا له حلولا جذرية لمشاكله.. هذه الذاكرة الان هي دار الوثائق السودانية.. ارجع لذاكرتك ايها الوطن… ستجد ما تبحث عنه….
برف هاشم على سالم