من أعلي المنصة .. ياسر الفادني .. نأكل ونشرب شوارع ؟
⤵️ من أعلي المنصة
✍️ ياسر الفادني
نأكل ونشرب شوارع ؟
خمسة عشر موكبا منذ قيام الحكومة الإنتقالية، مواكب من فيها عشرات وتارة المئات لكنها لم تصل عدد المشاركين فيها درجة المليونية منذ إعتصام القيادة ، مواكب ترتب وتنفذ من الذين يدعمون هذه الحكومة لكنهم كل مرة يخرجون عليها ، إنه عالم المتناقضات ، مواكب المفقودين ،مواكب القصاص، مواكب تصحيح المسار إلي اخره وهو ما كان بالأمس..
ما جنيناه من هذه المواكب صفرا كبيرا علي الشمال ، وهتافات ذهبت ذبذباتها تجاه الرياح بعيدا ، مواكب لم تشف صدور أسر المفقودين ولامسحت دموع أمهات شهداء مجزرة الإعتصام ولم تحقق التصحيح ، مواكب تعتمد علي الحشود المصنوعة والإعلام الاسفيري الضخم !
من يخرج في هذه المواكب لايدري لماذا هو خارج؟ وماذا يريد؟ ربما خرج لدعم حكومة المكون المدني وكهرباء منزله قاطعة ولا توجد مياه ولا يوجد في بيته غاز ولربما إخوته لم يذهبوا إلي المدرسة بسبب الرسوم الدراسية أو بسبب عدم الاستطاعة لشراء الاحتياجات المدرسية او ربما لا يوجد أكل في بيته ويريد أن يصفق ويحمي الذين تسببوا في ذلك ، عالم غريب هذا الذي نعيش فيه سياسيا !
بلد سياسيا كثرت فيه الشوارع ،شوارع الحاضنة السياسية المكون المدني لحكومة حمدوك و التي تفرعت إلي عدة شوارع ، شارع الكيزان الذين خرجوا عدة مرات لإسقاط هذه الحكومة آخرها كان في الثلاثين من يونيو المنصرم وشارع الشرق الذي قفل بسببه( بلف) المواني عن الخرطوم والشارع الذي تحدث عنه حميدتي في مخاطبة بشرق النيل ،وشوارع كل يوم تظهر تذكرني بغناء (الزنق) الذي كلما ازداتت زنقته طربا ! يزادا عدد الراقصين والراقصات والعراضين والعراضات والمشاترين والمشاترات !
شوارع البلد (كترت) ! ،صار عيشنا أكله وشرابه وصحتنا وكهربتنا وخدماتنا كلها في الشارع هتافات فقط ، الآن لا صوت يعلو الا صوت الشارع ، لا إهتمام بوطن صار يلهث منهكا بسبب الحكام والحاكمين وبسبب السواقين الذين تارة هم يسوقون شعبه خلاءا وتارة يسوقونه في (الدقداق)
لا سلام تحقق ، لا رفاهية يعيشها بل لايحسها المواطن ، لا خدمات سهلة في متناول اليد تقدمها الدولة ، الخدمة المدنية صار حالتها يرثي لها نتيجة الفصل التعسفي لبعض من كوادرها ، التعليم العالي يشكو الأمرين مرارة تعسر العام الدراسي ومرارة إضراب الاستاذة وفصلهما ….
أي مهزلة هذه التي نراها الآن في الأفق السياسي كل يلعب علي هواه نظير مصالح حزبية أو شخصية وليس نظير خدمة للوطن ،كل يوم يظهر علينا شكل حكم جديد وكل يوم يخرج مولود سياسي جديد كل يوم تحالفات هنا ومخصمات وصراع هناك ، نحن في زمن قل فيه أن تجد الراشد وقل فيه أن تجد السياسي الحصيف وقل فيه أن تجد الحكيم السياسي العاقل ، مايحدث الآن هو بعينه التهريج السياسي وسياسة (كبر كومك) عبر الشارع الذي لايخون….. ولكن يخون من يمشي فيه !.