خربشات على جداريات الحوار… (65).. …شعار الحوار الوطني…
اي حدث يجب ان يكون لديه شعار يعبر عنه ويكون الشعار مصمما علي ان يعكس للمتلقي هدف الحدث من اول نظرة عليه.. اتصلنا بعميد كلية الفنون الجميلة بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وهي اقدم كلية فنون في الجامعات السودانية والي وقت قريب كانت كلية الفنون الوحيدة في الجامعات السودانية قبل ان تلحق بها كليات فنون اخري في الجامعات السودانية الأخرى.. كان عميدها في ذلك الوقت الدكتور ابوبكر الهادي وكان مصمما مشهورا.. فقد قام بتصميم مائة واربعون.. (140) تصميما من قبل لجهات عديدة وكلها فازت في مسابقات.. ابلغناه برغبتنا في تصميم شعار يصاحب هذا الحدث الكبير وشرحنا له اهداف الحوار والغرض منه ونريد تصميما مبسطا يعبر عن الحدث.. قدم لنا الدكتور عدة تصاميم وتم اختيار احد التصاميم ليكون شعارا للحوار الوطني.. كان الشعار عبارة عن مائدة مستديرة موضوعة داخل السودان ويتحلق حولها سودانيون متماسكة ايديهم مع بعضهم البعض ويتناقشون في امر الوطن.. كان شعارا معبرا عن الحدث بأن الحوار سوداني سوداني.. اجتمع له كل السودانيين بكل الوانهم السياسية المتنوعة وكل الحركات المسلحة المتنوعة.. وكل الشخصيات القومية التي تمثل افكارا متنوعة.. جلست هذه الفئات السودانية داخل الوطن وليس خارجه وحول مائدة مستديرة يتساوي فيها الناس جميعا ليس هناك رئيس ولا مرؤوس.. بل جلسوا سواسية حول مائدة الوطن الذي دعا ابناءه ليجلسوا حول مائدته ليحلو مشاكل وطنهم دون تدخل من احد ودون املاءات تأتيهم من احد اذا جلسوا خارج وطنهم.. كانوا جميعا بلون واحد وهذا يدل ان الوطن يقف علي بعد مساوفة متساوية من الجميع.. وينتظرهم في صمت ويوفر لهم مايستطيع حتي يصلوا الي اتفاق بينهم جميعا لحل مشاكله التي اقعدته عن التقدم الي الامام وكبلته من لحاق الامم التي نالت اسقلالها بعده بسنوات ولكنها سبقته في التطور والاستقرار بعشرات السنين.. طلب منهم الوطن ان يتحاوروا بينهم بكل حرية وشفافية ويخرجوا ما بدواخلهم مهما كان مريرا ويضعوه علي مائدة الوطن المستديرة ويتناقشون ويقترحون الحلول التي ترضيهم جميعا فهم جميعا اهل المصلحة.. وضع لهم الوطن مشاكله التي تؤرقه سنوات عديدة.. طلب منهم ان يحل السلام في كل أرجاء الوطن وان يضعوا حدا لهذه الحروب التي انهكته وبالتالي انهكت ابناءه.. طلب منهم ان يحسموا امر هوية المواطن السوداني بعيدا عن مسميات القبيلة والجهوية والنعرات العصبية.. طلب منهم يضعوا استراتيجية يتبعها الوطن في علاقاته الخارجية وان تكون علاقاته مبنية علي المصالح المشتركة مع بقية الدول وان تكون هناك علاقات حميمة مع دول الجوار ولا يعادي فيها احدا.. طلب منهم برنامجا اقتصاديا يخرج الوطن من الضائقة الاقتصادية التي يمر بها وان يتم تحويل المواطن المستهلك الي مواطن منتج وان تصبح السلع في متناول الجميع.. طلب منهم ان يضعوا منهجا للحريات وان تكون هناك حرية منضبطة يعرف فيها المواطن حدود حرياته علي الا تتخطي حريات الاخرين.. وان يمارس المواطن حياته دون خوف من استخدامه لحق حرية التعبير.. طلب منهم الوطن اخيرا ان يتفقوا علي نظام الحكم الذي يريدون ان يحكموا به أنفسهم… جلسوا شهورا عديدة حول مائدة الوطن وبذلوا كل مافي وسعهم وتناقشوا واحتدوا في نقاشهم والوطن ينظر اليهم كأب ينتظر ابناءه بان يحلوا له ما صعب عليه.. ارتفعت اصواتهم ولكن من اجل الوطن… تلاوموا فيما بينهم ولكن من اجل الوطن.. اخرجوا هواءا ساخنا كان مكتوما بداخلهم.. وفي نهاية الامر هدأت الانفس واتفقوا.. ووضعوا مناهجا لحلول مشاكل الوطن واتخذوها بالإجماع.. فما علي الوطن الان الا ان يقوم بتفيذ ما اتخذه ابناؤه من حلول وتوصيات.. هذا اذا كان الوطن جادا ويريد حل مشاكله التي اتفق عليها ابناؤه…
برف هاشم على سالم