ابراهيم عثمان يكتب..بين هبَّة اردوغان وهبَّة الفكي..
ابراهيم عثمان يكتب..بين هبَّة اردوغان وهبَّة الفكي
الفروقات الجوهرية كثيرة بين الهبة التي دعا لها الرئيس أردوغان والهبة التي دعا لها عضو السيادي الأستاذ محمد الفكي، وهذه الفروقات صنعت الفرق الكبير في الاستجابة :
– فالأوضاع في تركيا كانت مستقرة ، ولم تكن هناك أي ارهاصات بحدوث انقلاب قد يبرره الانقلابيون بسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية .. إلخ على عكس الحال في السودان ..
– أردوغان منتخب، وليس من الذين يمكن تخويفهم بالانتخابات، والفكي ومن معه غير منتخبين، ويدعون صفة تمثيلية “ثورية” يرفضون بحسم اختبار صحتها عبر الانتخابات إلا بعد سنوات طويلة يتفننون في صناعة الحيل لتطويلها ليمتعوا بالحكم لأطول فترة ممكنة وليتمكنوا من تفصيل انتخابات على مقاسهم ..
– إيمان االعلمانيين السودانيين، الذين يصطف معهم الأستاذ الفكي (إن لم يكن منهم) بالديمقراطية حتى خارج السودان محل شك كبير، فقد نقلت مواقع التواصل الاجتماعي فرحتهم بانقلاب تركيا الفاشل قبل التأكد من نجاحه أو فشله.
– الشرعية الثابتة المؤكدة المعترف بها لأردوغان جعلت الاستجابة القوية لنداء الهبة تشمل أنصاره ومعارضيه الذين تصدوا معاً لدبابات الانقلابيين، بينما أدى الفشل المشهود والشرعية المشكوك فيها إلى عدم استجابة حتى أنصار الحكومة في السودان..
– لم يعوِّل أردوغان وأنصاره على المواقف الخارجية ( الغربية خصوصاً) ضد الانقلاب، ولم يكن ذلك بسبب اليقين بالشرعية وبكفاية التأييد الداخلي، والإجماع الشعبي على رفض الانقلاب فقط، بل وأيضاً بسبب الموقف المبدأي ضد التدخلات الخارجية وضد الاعتماد عليها في معارك المنافسة/المغالبة الداخلية، على عكس الحال عند الفكي وجماعته، الذين يقبلون بالتدخلات الخارجية واستخدامها في المغالبة، والذين أدى انعدام الاستجابة الشعبية لنداء الهبة إلى زيادة اعتمادهم على الخارج لتعويض نقص الشرعية الداخلية ..
– العلاقة بين حكومة أردوغان والأجهزة النظامية لم تكن معقدة وتختلط فيها الحاجة القصوى للحماية مع المنافسة/ المغالبة الشديدة . بينما العلاقة في السودان في غاية التعقيد بسبب فشل الحكومة الذي يضاعف حاجتها إلى حماية الأجهزة النظامية من الهبات الشعبية ضدها من جهة، ويضاعف، في ذات الوقت، المخاوف من تهاون الأجهزة في توفير الحماية بالقدر والكيفية اللتان تريدهما الحكومة،
– هذه العلاقة المعقدة جعلت الحكومة تنتقل، في ثلاثة أيام فقط، من اتهام الأجهزة النظامية بالتخطيط للانقلاب، إلى الدعوة إلى الهبة الجماهيرية لنصرة الأجهزة في مواجهة الانقلابيين، مع المبالغة في إدانة الانقلابيين بعد تصنيفهم منذ البداية، لتعود في اليوم الثالث إلى اتهام الأجهزة النظامية بالنوايا الانقلابية، مع التشكيك في الانقلاب المدان بالأمس بقوة والمحدد بدقة من يقفون خلفه، مع التعامل مع بيانات الإدانة الخارجية وكأنها ضد الأجهزة النظامية لا ضد الانقلاب الذي أجهضته !
إبراهيم عثمان