محاولة الانقلاب توسع الشرخ بين طرفي السلطة في السودان
وكالات اثيرنيوز
أحبط الجيش السوداني الثلاثاء محاولة انقلابية، هي الرابعة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير، للسيطرة على مقاليد السلطة في البلاد، تزامنًا مع تصاعد حدة الاضطرابات في بعض المناطق الأيام الماضية.
وهو ما من شأنه أن يوسع الشرخ بين المكونين المدني والعسكري في السلطة الانتقالية، خاصة في ظل الغموض الذي يكتنف هوية من يقف وراء المحاولة الانقلابية.
وذكرت مصادر عسكرية أن عددا من جنود سلاح المدرعات وقفوا وراء محاولة الانقلاب وحاولوا السيطرة على عدة مؤسسات حكومية، لكن تم التصدي لهم، وأن السلطات أوقفت العشرات من الضباط والمجندين والبحث جار عن آخرين على خلفية المحاولة الانقلابية، وتم نقل المتهمين إلى السجن الحربي والأمن العسكري.
وبعثت زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو الثلاثاء إلى مقر سلاح المدرعات الذي تورط عدد من ضباطه في المحاولة الانقلابية رسائل مهمة، مفادها أن هناك توافقا بين الجيش وقوات الدعم السريع لإحباط أي محاولة للانقضاض على السلطة.
وقال القيادي البارز بتجمع المهنيين محمد الأسباط لـ”العرب” إن “المحاولة الانقلابية لن تكون الأخيرة التي تتعرض لها البلاد لأن البناء الهش لمؤسسات الحكم متوقع أن يغري بعض المغامرين في الجيش بالتفكير في الانقضاض على السلطة، كما أن فلول النظام السابق يحدوهم الأمل في استعادة السلطة بفعل العثرات التي تواجهها”.
وتصاعدت حدة الغضب في شرق السودان مؤخرا وجرى غلق طرق رئيسية احتجاجا على أداء الحكومة الانتقالية التي تركت الأوضاع تتفاعل دون تدخل حقيقي لإيجاد حل.
وأضاف الأسباط لـ”العرب” أن “محاولة الانقلاب تؤدي إلى المزيد من التشظي بين المكونين المدني والعسكري، خاصة إذا قام الطرف الأول بتحميل الثاني مسؤولية التراخي الأمني، وهو أمر يرفضه العسكريون وقد يؤدي إلى تباعد بين الطرفين.
وقد تكون أمام الطرفين فرصة للتوافق إذا انتبها معا إلى خطورة ما يحاك من مؤامرات لتخريب الفترة الانتقالية لأن التداعيات سوف تنعكس على التزام كل طرف بدوره الذي حددته الوثيقة الدستورية.
واعتبر حمدوك أن ما حدث “درس يجب الاستفادة منه لوأد أي محاولات تسعى لتقويض المسار الديمقراطي وتستدعي مراجعة كاملة لتجربة الانتقال”.
وأشار إلى اتخاذ كافة الإجراءات لتحصين الانتقال الديمقراطي في السودان، وأن لجنة التمكين ستتخذ المزيد من الإجراءات لتفكيك نظام 30 يونيو (نظام البشير)، واستنجد بدعم الشعب لمساعدة حكومته واستكمال بناء المؤسسات.
وأوحت تصريحات حمدوك عقب المحاولة الانقلابية بأن هناك رغبة من جانب المكون المدني في توظيفها لممارسة المزيد من الضغوط على العسكريين لاستكمال استحقاقات المرحلة الانتقالية واتخاذ قرارات أكثر فاعلية بحق رموز النظام السابق بعد أن شهدت الفترة الماضية تراجعًا على مستوى فاعلية مواجهتهم.
ومن المتوقع أن تحد المحاولة الانقلابية الفاشلة من خطوات “الهبوط الناعم” التي ترعاها بعض التيارات السياسية بدعم من المكون العسكري حيث تسعى لتمهيد الأجواء أمام دمج قوى محسوبة على الحركة الإسلامية في السلطة الانتقالية.
ويعمل حمدوك على توظيف حالة الذعر التي أصابت بعض القوى المدنية والشارع لتخطي جملة من التعقيدات التي أصابت المرحلة الانتقالية بالجمود، والتأكيد على أن الخطر الداهم يهدد الجميع، وقد يكون ذلك وسيلة مناسبة تدفع الأطراف المختلفة إلى تقديم تنازلات من شأنها تعيين المجلس التشريعي وتنفيذ الترتيبات الأمنية والمضي قدما باتجاه تنفيذ اتفاق السلام وإنجازه على مستوى الحركات غير الموقعة عليه.
وتفرض هذه المعطيات على قوى الحرية والتغيير الميل نحو التقرب من الشارع وتقديم تنازلات في بعض القضايا السياسية التي تسببت في الوصول إلى هذه المرحلة من الارتباك، إذ بدأت تدرك أن البقاء في المشهد السياسي مرهون بعلاقتها بالظهير الشعبي الذي أوصلها إلى السلطة، والأمر ذاته ينسحب على الحركات المسلحة التي تحاول تثبيت أركانها في السلطة قبل أن تعود إلى نقطة الصفر.