ارتفعت ديونها متجاوزة الناتج المحلي أمريكا..تهاوي الاقتصاد الزائف ومخاطر تمتد لعدد من الدول
الخرطوم اثيرنيوز
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنه لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، من المتوقع أن تتجاوز الديون الأمريكية حجم اقتصاد البلاد من الناتج المحلي العام المقبل، بينما توافق الحكومة على مبالغ إنفاق ضخمة في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا.
وتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس يوم الأربعاء أن يكون الدين الفيدرالي قد يتخطى حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة للسنة المالية التي تبدأ في أكتوبر تشرين الأول. ولم يتجاوز الدين هذا الحد منذ العام 1946.
كما توقع المكتب أيضاً أن يصل عجز الميزانية الفيدرالية إلى 3.3 ترليون دولار هذا العام، أي أكثر من 3 أضعاف العجز المسجل في العام 2019. وسيكون هذا أكبر عجز كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منذ العام 1945.
وتعود هذه الزيادة إلى التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا، والتي أدت إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي بينما ينفق الكونغرس ترليونات الدولارات للمساعدة في الحفاظ على الاقتصاد.
ووافق المشرعون على 3.7 ترليون دولار للإنفاق في وقت سابق من هذا العام، حيث أرسلوا مدفوعات تحفيز مباشرة إلى الأسر الأمريكية، وعززوا إعانات البطالة، ووسعوا الإقراض للشركات الصغيرة.
وبحسب الأرقام متولقع ان ان تتجاوز مديونية الولايات المتحدة 28.5 ترليون دولار رقم صخم يهز الاقتصاد الأمريكي الذي يبدو من خلال هذه المعطيات زائفاً.
وسيتجاوز الدين مستوى 100% من الناتج المحلي الإجمالي في العام القادم، قبل أن يصل إلى 107% بحلول عام 2023، “الأعلى في تاريخ البلاد”، متجاوزا المستوى القياسي المسجل عام 1946 بعد الحرب العالمية الثانية، وفقا لمكتب الميزانية بالكونغرس.
وبحلول عام 2030 سيساوي الدين 109% من الناتج الإجمالي للبلاد، والذي يعد الأكبر في العالم.
أزمة الرهن العقاري
وبالعودة إلى الوراء قليلاً تعد أزمة الرهن العقاري أزمة مالية خطيرة ظهرت على السطح فجأة، فجرها في البداية تهافت البنوك على منح قروض عالية المخاطر، وبدأت الأزمة تكبر ككرة الثلج لتهدد قطاع العقارات في الولايات المتحدة ثم البنوك والأسواق المالية العالمية لتشكل تهديدا للاقتصاد المالي العالمي.
شجع الازدهار الكبير لسوق العقارات الأميركية ما بين عامي 2001-2006، البنوك وشركات الإقراض على اللجوء إلى الإقراض العقاري مرتفع المخاطر، وهو منح مقترضين القروض بدون ضمانات كافية، وبمخاطر كبيرة مقابل سعر فائدة أعلى، والهدف هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح لمؤسسات الإقراض، وتوسعت المؤسسات المالية الكبرى في منح القروض للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات والتي زادت عن سبعمائة مليار دولار، أدى ارتفاع سعر الفائدة إلى تغيير في طبيعة السوق الأميركية، تمثل في انخفاض أسعار المنازل، وتزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في الولايات المتحدة.، وظهرت بوادر الأزمة على السطح بشكل جلي مع بداية عام 2007، وذلك مع تزايد حالات التوقف عن الدفع، وزيادة ظاهرة استيلاء المقرضين على العقارات، وكثرة المواجهات بين المقترضين والبنوك، وبلغ حجم القروض المتعثرة للأفراد نحو مائة مليار دولار.
وزاد عدد المنازل المعروضة للبيع بالولايات المتحدة 75% عام 2007، حيث بلغ عددها 2.2 مليون، وهو ما يمثل نحو 1% من عدد المساكن بالولايات المتحدة كلها.
وضعفت قدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، وهدد بحدوث كساد، وأدى ارتباط عدد كبير من المؤسسات المالية خاصة في أوروبا وآسيا بالسوق المالية الأميركية إلى انتقال أزمة الرهن العقاري من الولايات المتحدة إلى القارة الآسيوية والأوروبية، لتتطور إلى أزمة أكبر باتت تعرف بالأزمة المالية العالمية.
وضخت البنوك المركزية العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا نحو 326 مليار دولار في نظمها المالية، لحماية النظام المالي العالمي من الانهيار.
ووافق مجلس الشيوخ الأميركي وقتها على مشروع قانون لحماية ملاك العقارات يوفر ثلاثمائة مليار دولار تستخدمها إدارة العقارات الاتحادية لإعادة تمويل قروض الرهن العقاري، الخاصة بملاك العقارات، وقرر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) تخفيض أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 0.75% دفعة واحدة، لتصل إلى 3.5%، لمواجهة الاضطرابات المتزايدة في أسواق المال العالمية. ثم جرى التخفيض تدريجيا إلى 2%.
وفي أوروبا اتفقت حكومات هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ على استثمار مبلغ 11.2 مليار يورو في مؤسسة “فورتيس” للخدمات المالية، وهو ما يعني عمليا تأميمها
واتفقت عشرة مصارف دولية على إنشاء صندوق للسيولة برأسمال سبعين مليار دولار لمواجهة أكثر حاجاتها إلحاحا، في حين وافقت المصارف المركزية على فتح مجالات التسليف.
تداعيات الأزمة
ومن تداعيات إفلاس عدد من شركات الإقراض العقاري الأميركية مثل (نيو سينتشري فايننشال كوربوريشن”، و”أميركان هوم مورغيج انفستمنت).
ولجوء الكثير من الشركات العقارية إلى تسريح عدد كبير من موظفيها، ومن بين هذه الشركات شركة كانتري وايد، كبرى مؤسسات القروض العقارية في الولايات المتحدة، التي قررت تسريح خمس موظفيها بواقع 12 ألف وظيفة لمواجهة نحو 1.2 مليار دولار من الخسائر التي لحقت بها جراء أزمة الرهن العقاري. وواجه ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين أميركي خطر فقدان منازلهم، وتكبدت شركة (ميريل لينش) الاستثمارية الأميركية خسائر بقيمة 14.1 مليار دولار.
وتدهورت البورصات أمام مخاطر اتساع الأزمة، بينما أعلنت عدة مصارف كبرى عن انخفاض كبير في أسعار أسهمها وقررت جميع البنوك الأوروبية تجميد صناديقها العاملة في المجال العقاري في الولايات المتحدة،، حيث جمد بنك (بي إن بي باريبا) أكبر بنك فرنسي مدرج بالبورصة استثمارات قيمتها (2.3) مليار دولار، بنك (أي كي بي إنادستري) الألماني تكبد خسارة تقدر بـ 954.818 مليون دولار، وأقدمت الحكومة البريطانية على تأميم بنك “نورذرن روك” للتمويل العقاري لمنع اشهار إفلاسه، وهي المرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي التي يتم فيها تأميم شركة بريطانية.
واعتبر خبراء الأزمة المالية العالمية 2007–2008 التي انفجرت في سبتمبر 2008، اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929م، ابتدأت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والدول الآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي.
الدول الدائنة
وحسب الأرقام والإحصاءات يتبين أن الصين ما تزال تحتل المركز الأول على مستوى العالم في الدول الدائنة لأمريكا فقد بلغت استثماراتها بنهاية شهر مارس/آذار 1.244 تريليون دولار في الديون الأمريكية.
تليها اليابان في المركز الثاني بقيمة استثمارات تبلغ 1.137 تريليون دولار، ما يعني أن الصين واليابان هما الخاسران الأكبران في حال تعثرت الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها.
أما المفاجأة في بيانات الدائنين للولايات المتحدة فهي أن دول الخليج الست (السعودية، الإمارات، الكويت، عمان، قطر، البحرين) مجتمعة تحمل سندات خزانة أمريكية تبلغ قيمتها 231.1 مليار دولار فقط رغم امتلاك هذه الدول لأكبر الصناديق الاستثمارية السيادية في العالم، ورغم الأنشطة الاستثمارية الواسعة لهذه الدول في العالم.
وبحسب وكالة “بلومبرغ” فإن السعودية تحتل المرتبة الأولى خليجيا من حيث حجم الاستثمارات في السندات الأمريكية، إذ بلغت بنهاية شهر مارس/آذار 116.8 مليار دولار، تليها الإمارات باستثمارات 62.5 مليار دولار.
واحتلت الكويت المرتبة الثالثة باستثمارات 31.2 مليار دولار، بينما جاءت عمان في المرتبة الرابعة (15.9 مليار دولار). وفي المرتبة الخامسة والسادسة جاءت قطر والبحرين باستثمارات بلغت 3.7 مليارات دولار و1.2 مليار دولار على التوالي.
وما أعلنته وزارة الخزانة هو استثمارات الدول الخليجية في أذون وسندات الخزانة الأمريكية فقط، ولا تشمل استثمارات هذه الدول الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة مايعني تأثيراً سيطرأ على ديون واستثمارات هذه الدول الدائنة لأمريكا والمرتبطة باقتصادها .
اقتصاد زائف
ويرى الخبراء أن الاقتصاد الأمريكي زائف وغير حقيقي ويعتمد على أرقام مضخمة وتساءل الخبير الاقتصادي دكتور محمد سر الختم عن كيف لدولة لا تدري كيف تدير اقتصادها ان تخبر دول العالم الأخرى كيف يجب عليها التصرف في إقتصادها كما تفعل مع السودان ودول أخرى وأشار إلى أن كارثة الأسواق العالمية في 2008 كانت بسبب تلاعب الولايات المتحدة وقال أمريكا تقامر بقوت مواطنيها والعالم وراء السلطة الخاصة والثروات الشخصية، ولفت سر الختم الى أن قتصاد الولايات المتحدة الأمريكية نفسه قائم على نهب موارد الدول وفرض استخدام الدولار على الدول مستغلة ترسانتها العسكرية وهيمنتها على مؤسسات دولية وقال إن هذا الوضع شوه الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
صناعة الأزمات
إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي عبد الناصر عثمان ان واشنطن تعمل على خلق أزمات وتصنعها في مناطق عديدة لتبتز الدول وتأخذ أموال ونفط وغيره وقال إن الاقتصاد الأمريكي غير حقيقي وان الدول اذا لم تتحرر من القبضة الأمريكية ستتعرض لهزات وخسائر كبيرة كما حدث في العام ٢٠٠٨م ونبه إلى أن مستوى الدين الخارجي المرتفع والذي يفوق الناتج المحلي يكشف هذه الحقائق وقال إن َمشكلة الاقتصاد الأمريكي تتحكم فيه نخبة وأشخاص وليس مؤسسات الدولة ولا حجم الإنتاج الحقيقي وهو مايقود للأزمات المتعددة والمستمرة.